في الوقت الذي أعلن أن لجنة تقصي الحقائق حول أحداث العيون ستنتقل، إلى المدينة لمواصلة عملها، بعدما استمعت إلى مسؤولين ضمنهم وزير الخارجية، ووزير الاتصال، ووزير الداخلية، والوالي السابق للجهة، وثلاثة ولاة آخرين كانوا مكلفين بمهام في المنطقة، «فاجأ» عمدة فاس وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال والأمين العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، كل المتتبعين بتنظيم تجمع جماهيري بالعاصمة العلمية، مساء يوم الجمعة الماضي، «احتضن» فيه حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس البلدي للعيون وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وكال فيه انتقادات لاذعة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي اتهمه بالوقوف وراء أحداث العيون، و«استعمال» لغة «القبيلة» بالمدينة. ومن الاتهامات المثيرة التي جاءت على لسان شباط اتهامه لبعض الأسماء القيادية لحزب «البام» ب«التخطيط لإحراق العيون». ومن أبرز «المطالب» التي دافع عنها العمدة شباط، في كلمته، دعوته إلى ما أسماه ب«جبر الضرر بالعيون» وإصدار «عفو ملكي شامل عن كل المعتقلين»، ووضع حد لما وصفه ب«الضغط» الذي يولد، حسب تعبيره، «الانفجار، عبر تدخل الحكومة ووزارة الداخلية و«كل الأطراف» ل«حل المشكل». كما طالب ب«استرجاع» ما أسماه ب«هيبة الدولة»، مسجلا أن «الوافد الجديد في إشارة إلى صفة ألصقت بحزب الهمة أهان كل المؤسسات»، مستغلا «الفرصة» لتوجيه «رسالة» تفيد بأن «الولاة والعمال هم ولاة وعمال صاحب الجلالة والحكومة وليسوا عمال وولاة التراكتور». وفي معرض عرضه ل«كرونولوجيا» الأحداث بمخيم «كديم إزيك» بضواحي العيون، لم يتأخر العمدة شباط بدوره في تحميل مسؤولية ظهور المخيم للوالي السابق محمد جلموس، الذي تم تعيينه واليا على جهة عبدة دكالة وعاملا على آسفي، لأنه، طبقا لكلمته، «كان والي التراكتور»، في إشارة منه إلى الرمز الانتخابي لحزب الأصالة والمعاصرة، ومضيفا أن ما يقرب من 510 وقفات احتجاجية نظمت من قبل الساكنة فقط في عهده. ولم يفت شباط، في هذا الهجوم «الكاسح» على حزب الأصالة والمعاصرة، أن يستعيد قضية الطائرة التي أقلت، في وقت سابق عددا من قيادات حزب الاستقلال في اتجاه مدينة العيون والتي تعرضت لعطب، متهما ما أسماه ب«التراكتور» بالرغبة في «قتل» هؤلاء القياديين. وأشار إلى أن عملية حزب «البام» بدأت في منطقة الريف بإزاحة مصطفى المنصوري من على رأس مجلس النواب، بعدما كانت بعض رموزه في السابق تتهم المنصوري وعائلته بكونهم «خونة» لأنهم «ذهبوا» مع الملك، لتنقلب الآية، يورد شباط. بعد ذلك، زاد شباط من «جرعات» هذه الانتقادات عندما استعار مثلا شعبيا للتأكيد على أن المغاربة «لا يريدون الوسيط» و«لا حكومة ظل»، لأنه لا يأتي ما بين اللحم والظفر سوى الوسخ، بقدر ما يريدون، حسب تعبيره دائما، «حكومة الشعب» و«وزيرا أول قويا»، متحدثا عن أنه في الوقت الذي تملك الجزائر النفط والغاز، فإن قوة المغرب في ديمقراطيته، وهي الفكرة التي سبق أن أشار إليها القيادي الاستقلالي العربي المساري، في تصريحاته حول أحداث العيون والتي وجه فيها اتهامات مبطنة لحزب الأصالة والمعاصرة. وقال شباط «إن زمن العبد والسيد قد انتهى»، و«إن المغاربة لا يقولون الله يبارك في عمر التراكتور»، و«لن يقبلوا أن يكونوا عبيدا للتراكتور». ولم يشر حمدي ولد الرشيد في مداخلته إلى حزب الأصالة والمعاصرة بالاسم، محيلا الحاضرين على حواره المطول في جريدة العلم لفهم «خلفيات» أحداث العيون، لكنه في معرض هذه الإحالة جدد التأكيد على أن الوالي جلموس متهم بتحمل المسؤولية فيما وقع، ومسجلا أن هذا الوالي هو «الذي أوصل المملكة إلى هذا الوضع»، في إشارة منه إلى ما تلا هذه الأحداث من مواقف سلبية اتخذها الاتحاد الأوربي والبرلمان الإسباني من قضية الوحدة الترابية للمغرب. ومن أقوى لحظات كلمته، اتهامه الوالي السابق الذي نقل من المنطقة بعد هذه الأحداث بكونه «جاء خصيصا لمحاربتنا»، يقول ولد الرشيد. على صعيد آخر، شن حميد شباط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هجوما لاذعا على حزب الأصالة والمعاصرة، اعتبر الأعنف من نوعه، ولم يتوان عن إطلاق النار سياسيا على العديد من حلفاء حزب الاستقلال في الحكومة التي يرأسها عباس الفاسي. ونعت شباط، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، مؤسسي حزب البام ب«الأقزام» و«أولاد الخونة» الذين تربوا في أحضان الموالين للاستعمار، وقال، في كلمة ألقاها، أول أمس بالقنيطرة، خلال لقاء تواصلي مع أطر نقابته، إن هؤلاء هم الذين يسيرون الحكومة المغربية ويسيطرون عليها، مؤكدا، أن ثلثي وزراء حكومة عباس موالون للتراكتور، ولا سلطة للوزير الأول عليهم، وأضاف مستطردا «عباس الفاسي مسكين مايقدرش يعين حتى واحد ولو في منصب مدير ديال وكالة حضرية صغيرة»، في حين أن البام، يضيف المصدر، يمكن له أن يعين واليا أو عاملا، كما فعل مؤخرا حينما عين علي المزليقي رئيس بلدية طانطان، منسق الحزب بالمنطقة، عاملا ملحقا بوزارة الداخلية، وهو ما يفسر، حسبه، تمكنه في رمشة عين من تشكيل أول فريق برلماني ب56 عضوا، بعدما لم يكن يتجاوز عدد أعضائه الثلاثة قبيل 2009. واعتبر المتحدث، الذي كان مرفوقا بعبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الميزان، والبرلمانية خديجة الزومي، عضو المكتب التنفيذي للمرأة الاستقلالية، وعبد القادر الكيحل، الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية، أن الحكومة الفعلية والحقيقية بالمغرب هي حكومة الأصالة والمعاصرة، التي قال، إنها هي من تكلفت، حسبه، بإعداد ميزانية 2011، المعاكسة، في نظره، لمصالح الطبقة الكادحة، مضيفا، أن حكومة عباس حكومة صورية لا دور لها، والبرلمان لا رقابة له عليها، منتقدا بشكل مبطن صلاح الدين مزوار، وزير المالية، لعدم استجابته لطلب نقابة الاتحاد العام للشغالين بزيادة 20 بالمائة في الأجور ورضوخه لضغوطات الوافد الجديد، وزاد موضحا «الوزير تحجج بوجود أزمة، وأنا أقول لا وجود لأزمة في المغرب، وإقرار تلك الزيادة لن يؤثر على ميزانية الدولة»، مشيرا إلى أن نقابته راسلت ملك البلاد منذ 7 أشهر بخصوص الوضع الاجتماعي في البلاد، والتمست منه التدخل لدى الحكومة، التي يقودها حزبه، للزيادة في الرواتب، وخلق المزيد من فرص الشغل، لتسود البلاد أجواء من الطمأنينة والسلم الاجتماعي، وزضاف قائلا «مزيان الدولة دير القناطر وتبني المطارات لكن ماشي على حساب الطبقات الفقيرة». وواصل حميد شباط هجومه على حزب التراكتور، بالوقوف وراء أحداث العيون لتصفية حسابات سياسية مع حزب الاستقلال الذي يرأس بلدية المدينة، بتواطؤ مع محمد جلموس، الوالي السابق للعيون، الذي عين مؤخرا واليا على جهة دكالة، وقال إن هذا الحزب أضحى سرطانا داخليا ليس له دواء، يهدد أمن واستقرار الدولة المغربية وثوابتها ومقدساتها، بسبب تطرفه ومعاداته للدين الإسلامي وتبني أفكار علمانية وأجنبية وتشجيع الإباحية ونشر مظاهر الانحلال الخلقي، وهو ما يتطلب في نظره خلق جبهة داخلية قوية لمواجهة هذا الخطر، وختم بالقول «هؤلاء المنافقون مستمرون في غيهم، وقد بلغنا أنهم وعدوا إلى حد الآن أكثر من 650 شخصا بالاستوزار أو بمنصب عامل أو والي بعد انتخابات 2012».