بدأت بالعاصمة الفرنسية باريس أول أمس الأربعاء محاكمة غيابية ل14 مسؤولا عسكريا في نظام الديكتاتور التشيلي الراحل أوغستو بينوشي بشأن اختفاء أربعة مواطنين فرنسيين بين عامي 1973 و1975. ويتوقع صدور الحكم يوم ال17 من دجنبر بحق المتهمين، الذين تتراوح أعمارهم بين 61 و89 عاما، وقد توجه إليهم عقوبة السجن مدى الحياة في حالة إدانتهم. وتلا القاضي - بحضور زوجات المختفين وأطفالهم وإخوتهم- أسماء المتهمين ال14، معددا تهمهم التي تراوحت بين الاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب والأعمال الوحشية. وغالبية المتهمين ضباط بالجيش في عهد بينوشيه -الذي استمر حكمه بين عامي 1973 و-1990 ومنهم الرئيس السابق للشرطة السرية الجنرال مانويل كونتريراس، الذي يعتقد أنه لعب دورا كبيرا في ارتكاب ثلاثة آلاف من جرائم القتل والاختفاء في «الحرب القذرة» ضد اليسار خلال حكم بينوشيه. ويقضي كونتريراس حاليا حكما بالسجن مدى الحياة في تشيلي لدوره في اغتيال وزير الدفاع في عهد الرئيس اليساري سلفادور الليندي، الذي أطاح به بينوشيه في انقلاب دموي دعمته الولاياتالمتحدة عام 1973. كما يعتقد أن بينوشي نفسه متورط في اختفاء المواطنين الفرنسيين الأربعة، الذين اختفوا بعد وقت قصير من وصوله إلى السلطة ولم يعثر على قبورهم بعد، لكن بينوشيه توفي عام 2006 دون أن يواجه الحكم بحقهم. يذكر أن بينوشيه تولى قيادة أحد أشد الأنظمة العسكرية تعسفاً في أمريكا اللاتينية من 1973 إلى 1990، وكان قد صعد إلى السلطة في 11 سبتمبر 1973 إثر انقلاب تم تحت حماية الولاياتالمتحدة التي ساعدته كثيرا. ولم يتسلم بينوشيه السلطة على إثر تدخل أمريكي مباشر، لكن العمليات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) منذ 1970 جعلت انقلابه ممكناً، بعد انتخاب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيساً للجمهورية التشيلية. وحين شارف حكم بينوشيه على نهايته، قال أكثر من 53 % من التشيليين الذين دعوا إلى الإدلاء بأصواتهم خلال استفتاء في 1988 لا لطلبه البقاء في الحكم عشر سنوات إضافية. وفي 1990 تخلى عن السلطة للديموقراطي المسيحي باتريشيو إيلوين. ومنذ ذلك الحين، وبعد توقيفه في لندن والحكم عليه بالإقامة الجبرية في منزله من أكتوبر 1998 إلى مارس 2000 بدأت ملاحقته ووجهت إليه في تشيلي التهم في بضع قضايا خطيرة، إلا أنه لم يحاكم على أي منها. يذكر أن بينوشي ومعاونيه سجنوا الكثير من قادة اليسار ونفوا مئات آلاف الأشخاص، بالإضافة إلى القمع العنيف للتظاهرات التي طالبت ابتداء من 1983 بعودة الديموقراطية. وفي عهده لقي أكثر من ثلاثة آلاف شخص حتفهم بسبب العنف السياسي وقتل الكثيرون على أيدي الشرطة السرية.