يتبين من خلال ملاحظة سياسة بنك المغرب تجاه ملف علاقة المؤسسات البنكية بالزبناء أنها سياسة مسك العصا من الوسط، بحيث لا يريد الذهاب بعيدا في توقيع عقوبات ضد البنوك التي يظهر له من خلال رقابته عليها ارتكابها عددا من المخالفات والأخطاء المقصودة وغير المقصودة تجاه الزبناء، لكنه لا يترك الفرصة بين الفينة والأخرى لإصدار دوريات ونصوص تنظيمية للقطاع البنكي التي تلزم البنوك بالمزيد من الشفافية والوضوح والتوازن في علاقتها مع عملائها. ويقول البنك المركزي في تقريره السنوي الأخير إنه اتخذ مجموعة من التدابير ترمي بالأساس إلى بناء علاقات سليمة ومتوازنة بين البنوك والزبناء، فقد شهدت سنة 2009 إعطاء الانطلاقة لمنظومة الوساطة البنكية، التي تهدف إلى حل الخلافات بطرق ودية، كما دعا بنك المغرب البنوك إلى إضفاء الشفافية اللازمة على الشروط المطبقة على عملياتها. وفي السنة الجارية أصدر دورية اعتبرها الجميع خطوة مهمة وهي دورية تحديد الحد الأدنى من الخدمات التي يجب أن تقدمها البنوك بالمجان، وما يزال البنك المركزي يعمل على إخراج مؤشر لمعرفة أسعار الخدمات البنكية، كما اتفق مع إدارات البنوك على أن توضح بلغة مفهومة الكشوفات الشهرية للحسابات التي ترسلها إلى زبنائها، وأيضا أن ترسل ضمن الكشوفات الشهرية كافة العمولات المقتطعة التي أجرتها على حسابات الزبناء، غير أن البنك المركزي لم يقدم لحد الساعة أي تقييم مدقق حول مدى تقيد البنوك بتوضيح مضمون الكشوفات الشهرية التي لا يفهمها سوى أطر البنوك، ولا حول التزامها بتوضيح حجم العمولات المقتطعة. ويرى البعض أن القانون البنكي نفسه الذي يحرص بنك المغرب على تنفيذه لا يتضمن بنودا تحمي المواطنين في علاقتهم مع البنوك، باستثناء حالة نادرة الحدوث وهي إفلاس البنك، وما عدا ذلك فإن كل فصول القانون ذات طابع تقني محض، ولا تفرض على المؤسسات البنكية أي شروط ومقتضيات تحدث علاقة متوازنة بين الأبناك وزبنائها، فضلا عن أن أغلب جهد البنك المركزي يتركز على الجوانب التقنية في عملية إشرافه حول السياسة النقدية والرقابة على القطاع البنكي فيما يخص تقييده بالتدابير الاحترازية وغيرها من المؤشرات الكبرى.