خرج مئات المتضررين من الفيضانات بكل من المحمدية وعين حرودة في مسيرات غاضبة، طيلة الأيام الثلاثة الأخيرة، عبر أزقة وشوارع المدينة وبعض مداخلها، حيث اعتصم بعضهم، فيما نظم البعض الآخر وقفات احتجاجية، وقرر البعض الآخر التوجه نحو مقر عمالة وباشوية المدينة، ومقرات القيادات والجماعات القروية التي يوجدون تحت ترابها، واعتصم بعضهم على طول الطريق الشاطئية والطريق السيار، فيما احتل البعض الآخر شقق حي النصر الفارغة والتي من المفروض منحها لساكنة المدن الصفيحية بالمحمدية. وطالب المحتجون بالتحقيق في المساعدات والإعانات المخصصة لهم من طرف الجهات المعنية. ولجأت القوات العمومية إلى مطاردة المحتجين وفككت وقفاتهم ومسيراتهم، وبادرت مجوعات أخرى إلى نفس أسلوب الاحتجاج بمناطق مختلفة بعمالة المحمدية التي لم يتمكن البرنامج الذي رصدت له منذ فيضانات 2002 ملايين الدراهم من حماية ساكنتها من فيضانات عدة أودية (المالح والنفيفيخ...) وضايات بمناطق عين تكري وبني يخلف وعين حرودة. وقامت السلطات المحلية والإقليمية بدعم أو تنسيق مع بعض المنتخبين إلى تقديم بعض المساعدات الغذائية والأغطية، كما عمد عبد العزيز عامل عمالة المحمدية طيلة الأيام الثلاثة إلى استقبال ممثلين عن كل الوفود المحتجة والاستماع إلى طلباتهم الاجتماعية، والمتمثلة أساسا في حقهم في الحصول على سكن وتعويض عما لحقهم من تشرد وخسائر مادية. فيما تكفلت القوات العمومية، وخصوصا بالعالم القروي، إلى تطويق احتجاجات الغاضبين وتهديدهم بالاعتقال. وأكد بعض ساكنة دوار أولاد بومعزة الملقب ب(الجمايكة) بجماعة الشلالات أنهم تعرضوا لاستفزاز قائد وعون بالمنطقة وأن القوات العمومية والسلطات لا تهتم سوى بالهاجس الأمني، موضحين أنهم يحتجون بطرق سلمية وأنهم في حاجة إلى من يستمع إليهم ويلبي مطالبهم الاجتماعية الآنية بعد أن أصبحوا عرضة للضياع ومرض أطفالهم وشيوخهم، وأصبحوا حائرين بين الذهاب للبحث عن لقمة عيش استعصى تدبيرها وبين رعاية أطفالهم وانتشال ما تبقى من أغراضهم، موضحين ل» المساء» التي زارت المنطقة أنهم تلقوا «علبة سردين وكومير كارمة» وبعضهم لم يتلق شيئا، وأنه تم التلاعب في الدعم. وطالبوا بلجن للتحقيق في ما يتعرضون له من إهمال. وحوصر سكان (لوزين كريسطال) بعد أن غمرت المياه الطريق الوحيد، حيث بدأ السكان يتنقلون على متن «شومبرير» جرار، صنع منه بعض الشباب زورقا مطاطيا. تعرض أحد المواطنين لصعقة كهربائية كادت تودي بحياته. فيما نظم بعض السكان مسيرات في اتجاه مقر العمالة، قبل توقيفهم من قبل عناصر الأمن الوطني ، وانتقاء ممثلين لهم تم استقبالهم من طرف عامل الإقليم. يذكر أن مدينة المحمدية التي عرفت سنة2002 أخطر فيضان تسببت فيه سيول وادي المالح، الذي قرر حينها فجأة استرجاع حوضه المائي المحتل شرق المحمدية من طرف بعض الشركات، أبرزها شركة سامير، وكذا ملعب البشير وجزء كبير من سافلة المحمدية. هذه المدينة التي صوبت بوصلة الحكومة كلها من أجل وضع برنامج دقيق لحمايتها من الفيضانات وتم صرف ملايين الدراهم من أجل بناء السدود (حصار وتامسنا..) وإنجاز قنوات لصرف المياه في اتجاه النهرين اللذين يحاصران شرق وغرب المدينة (المالح شرقا والنفيفيخ غربا). وقد تم إنجاز قناة لتحويل مياه عين تكري ضاية (الفروج) ومنطقة سيدي عباد في اتجاه وادي النفيفيخ. وكشفت مصادر ل «المساء» أن خلية على صعيد وزارة الداخلية عملت لمدة ثلاثة أشهر من أجل وضع برنامج دقيق في أفق محو دور الصفيح من ولاية الدارالبيضاء، ولم يعرف بعد مآل البرنامج الذي حدد سنة 2012 كآخر سنة لتنظيف الولاية من دور الصفيح. علما أن توفيق احجيرة، وزير الإسكان، سبق ووعد بمحو دور الصفيح من مدينة المحمدية في أفق سنة 2008، لكن وبعد مرور ثلاث سنوات على وعد غلاب لا زالت المدينة تعج بالمنازل الصفيحية، في الوقت الذي اختفت فيه السبورة (البانو) التي كانت تحمل وعد غلاب، والتي تحتفظ «المساء» بصور لها. وجاءت هذه الاحتجاجات بعد أن تعرضت أربع منازل بحي رياض السلام بقلب مدينة المحمدية لتصدعات وشقوق، ومالت جدران أحد المنازل بعد أن هوت الأتربة من تحت أساس البناية، وبات أصحابها مهددين بالتشرد، وغمرت المياه أحياء سكنية بحاضرة المدينة بكل من حي المسيرة، ياسمين، رياض السلام، شارع الرياض، وأتلفت السيول مئات المنازل الصفيحية وخربت الأثاث والأفرشة والأغطية والمخزون الغذائي ووثائق وآلات الخياطة والأجهزة المنزلية، التي بالكاد تدبرها سكان دور الصفيح بالمحمدية وخصوصا بكاريان البراهمة شرقاوة الذي يسمى ب»الحفرة» لتواجده في منخفض بعالية المحمدية، كما غمرت السيول بمنطقة عين حرودة ( لوزين كريسطال، أولاد حميمون غزوان التابعين لبلدية عين حرودة ، و أولاد بومعزة، البراهمة واحد واثنان التابعين للجماعة القروية الشلالات...)، وأفرغتها من ساكنتها.