سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيخ يبحث عن «المجهول» الذي قتل رفيقة دربه وعسكري قتل زوجته واختفى عن الأنظار الشرطة القضائية لم ترح المسن الذي فقد زوجته والأطفال الذين فقدوا والدهم قاتل أمهم
هي جريمة كل شيء فيها غامض ومبهَم، فمنذ اللحظات الأولى لوقوعها في مراكش إلى حين اكتشافها، عجز الجميع عن فك شفراتها والوصول إلى حقيقة، التي يمكن أن تُهدّي من روع الزوج المكلوم، جراء الطريقة التي قُتلت بها زوجته، والتي زادت من آلامه. «البحث عن قاتل إمرأتي» يستحق «إدريس ب.» أن يُكتَب عنه سيناريو لفيلم من أفلام الواقع، على غرار فيلم «البحث عن زوج امرأتي»، الذي استأثر باهتمام قسم كبير من المشاهدين، لكن بالنسبة إلى إدريس فهو لا يبحث عن زوج امرأته، بل عن قاتلها، الذي عجزت المصالح الأمنية في مراكش عن فك لغز الجريمة البشعة التي ذهبت ضحيتَها الزوجة، التي لفظت أنفاسها الأخيرة في قسم الإنعاش في مستشفى ابن طفيل في مراكش، في إحدى ليالي رمضان الماضي. يعيش إدريس، وهو شيخ في العقد السابع، في دوامة حقيقية، خصوصا بعد عجز عناصر الشرطة القضائية، التابعة لولاية أمن مراكش، عن فك لغز الجريمة التي تعرضت خلالها زوجته لاعتداء شنيع من لدن «مجهول» استغل تواجدها لوحدها في منزلها الكائن بدرب «بوناكة» في حي بنصالح في المدينة العتيقة لمراكش، لينفذ جريمته البشعة التي اهتزّ لها الشارع المراكشي في ليلة روحانية من ليالي رمضان... بدأت تفاصيل الحادث الأليم عندما عاد إدريس، الذي يمتهن حرفة النجارة، إلى منزله قادما من أحد الحمامات الشعبية، ليكتشف زوجته، البالغة من العمر حوالي 64 سنة، مضرجة في دمائها في بهو المنزل، وإلى جانبها حجرة صلبة من الحجم الكبير، ضربت بها في رزسها، ليصاب بصدمة كبيرة أفسدت عليه الأجواء الروحانية لشهر رمضان. الزوج يتيه بين أقسام الشرطة لم يفكر زوج القتيلة في فعل أي شيء، سوى التوجه مباشرة إلى مقر الشرطة القضائية في ساحة جامع الفن، للإبلاغ عن الحادثة، في الوقت الذي تكلف سكان الدرب المذكور بنقل الضحية، في حالة مستعجلة، إلى قسم المستعجلات في مستشفى ابن طفيل، غير أن مفاجأة الزوج ستكون غير سارة، عندما خاطبه أحد رجال الشرطة، بعد تأكده من مقر سكناه: «هاديك المنطقة ما تبعاشْ لينا، خاص تمشي للدائرة الأمنية فعرصة لمعاش»... ظل الزوج يتردد على المصلحتين الأمنيتين دون جدوى، ليتجه في الأخير إلى مقر الدائرة الأمنية في حي «قشيش»، ليتم التوجه رفقة رجال الأمن إلى مكان الحادث، الذي اهتزت له مشاعر سكان درب «بوناكة». الغريب في القضية أن رجال الأمن في مراكش ما زالوا لم يفكوا لغز هذا الحادث إلى حدود كتابة هذه السطور، بعد مرور أزيد من سنة على وقوعه، في الوقت الذي تسفر التحريات التي يجريها رجال الأمن في عدد من الملفات الشائكة والمعقدة التي تعرفها المدينة عن الإطاحة بالجناة في وقت لا يتعدى 24 ساعة... عسكري يقتل زوجته منذ حوالي أربعة أشهر، يعيش أيوب وعبد الناصر وأختهما، التي تزوجت حديثا، ما بقي من حياتهم يتامى، بعد أن فقدوا أمهم التي قتلت من قِبل والدهم، صباح يوم السبت، فاتح غشت الماضي في مدينة قلعة السراغنة. وقد ظل الأب (الجاني) ينتظر زوجته ليلة الجمعة، قبل أن يطعنها بسكين في بطنها ويرديها قتيلة. ولم تفلح عملية نقلها إلى مستشفى «السلامة» الإقليمي في مدينة قلعة السراغنة، فتم نقلها بعد ذلك صوب مدينة مراكش لإنقاذ حياتها، التي أضحت قاب قوسين أو أدنى من الموت، لكن الضحية «فتيحة س.» لفظت أنفاسها الأخيرة صباح يوم السبت، تاركة فاجعة ألمّت بعائلتها وأهلها. تفيد المعلومات التي استقتها «المساء» من بعض أفراد العائلة أن الخلاف بين الجاني، البالغ من العمر 51 سنة، والهالكة فتيحة، التي كانت تبلغ قيد حياتها 46 سنة، يرجع إلى رغبة القاتل، وهو عسكري سابق لم يحصل على التقاعد، في بيع منزل الأسرة في حي «البانكة»، الواقع على بعد كيلومترين من وسط المدينة في اتجاه مدينة مراكش، في حين رفضت الضحية قرار البيع، وقامت، كما تقول المصادر، بتهريب رسم الملكية، الذي كان في ملكها، وإخفائه عند عائلتها. أمر لم يستسغه الزوج القاتل، الذي انتظر ليلة الجمعة -صبيحة يوم السبت رجوع زوجته من زيارة عائلتها التي تقطن في تعاونية «الرغوية»، الواقعة في مخرج المدينة في اتجاه بن جرير، على أحرّ من الجمر، لينفذ جريمته، التي اهتزت لها مدينة قلعة السراغنة وقبلها حي «البانكة»، حيث مكان الجريمة. وقد قام الجاني بطعن زوجته في بطنها بالسكين وراح «يغرزه» حتى انكسر في بطنها... وقد علمت عائلة الضحية بالخبر فور حضور ابن القتيلة أيوب (14 سنة)، الذي قطع حوالي كيلومترين ونصف ركضا جراء صدمته، ليخبر جده وجدته وأخواله بالحادث المؤلم، فيما ما تزال البنت (17 سنة) لم تفق بعد من صدمتها. بعد تنفيذه جريمته النكراء، فر الجاني ليلا إلى جبل صغير يسمى «الكدية»، يوجد على مشارف حي «البانكة»، الذي أدمج حديثا في المجال الحضري، ولم تتمكن المصالح الأمنية إلى حد كتابة هذه الأسطر من إيقافه. وقد فوجئ العديد من جيران القاتل بما قام به الجاني، خاصة أنه معروف بصمته وعدم مخالطته للناس. كما أثنى العديد ممن تحدثت إليهم «المساء» على أخلاق الراحلة. وأضافت مصادر من عائلتها أنها تحدثت لهم ليلة الجريمة عند زيارتها لهم عن تهديده لها، إذ قالت لهم: «هاداكْ الراجلْ باغي يْقتلني». كما ذكرت مصادر أخرى على علاقة بالضحية أن الجاني كان يعتدي على زوجته، لكنها كانت «تصبر على أذاه»، حفاظا على استقرار بيتها وحبا في أبنائها. تعميم صورة الجاني بعد نقل الضحية إلى مستودع الأموات، عمَّمت المصالح الأمنية في مدينة قلعة السراغنة مذكرةَ بحث على الصعيد الوطني في حق قاتل زوجته في قلعة السراغنة، مصحوبةً بصوره، في محاولة منها لتشديد الخناق عليه، بغيةَ إلقاء القبض عليه، في الوقت الذي لم تتمكن المصالح الأمنية في المدينة، إلى حدود كتابة هذه السطور، من تفكيك خبايا جريمة حي «البانْكة». كما لم تستطع، بعد مرور أزيد من أربعة أشهر على ارتكابه الجريمة، إيقاف القاتل «محمد العسكري»، الذي لاذ بالفرار بعد تنفيذ جريمته النكراء. وقد تكفّلت مصالح الشرطة القضائية في منطقة الأمن الإقليمي في القلعة بإجراء البحث والتحري في القضية، دون أن تظهر، إلى حد الآن، أي معطيات جديدة. ومما صعب من مهمة المصالح الأمنية فرار الجاني عبر منطقة «الجبل الصغير» (الكدية) القريب من حي «البانْكة»، إلى وجهة مجهولة. المطالبة بالقبض على الجاني خلَّفت حادثة القتل استنكارا شعبيا شديدا وسط الحي، الذي تسكن به العائلة وفي مدينة قلعة السراغنة، عموما، بعد أن سرى خبر الجريمة بين الناس، لِما عُرفت به الراحلة من أخلاق طيبة، فيما انتقل ابنا الضحية إلى العيش مع جديهما وأخوالهما في مقر سكناهما في التعاونية الرعوية، في مخرج مدينة قلعة السراغنة، في اتجاه بن جرير، بعدما شُيِّع جثمان الراحلة إلى مثواه الأخير. كما لا تعرف العائلة، إلى حد الآن، ما إذا كانت المصالح الأمنية قد تمكنت من تحديد مكان القاتل أم لا، في الوقت الذي الذي أكدت فيه مصادر أمنية، في حديث مع «المساء»، استمرار الجاني في الاختفاء في مكان ما، وهو ما لم تتقبله أسرة الضحية، مطالبة المصالح الأمنية بالتحرك العاجل من أجل تحديد مكان الجاني الفار وتقديمه للمحاكمة، لعل نار الثأر تبردها الأحكام التي لا يجب أن تنزل عن المؤبد، يقول مصدر «المساء».