«بوش كذب على الأمريكيين وعلى العالم بشأن الأسباب التي استند إليها ليقوم بغزو العراق» الكلام هنا لسكوت ماكليلان، واحد من رجالات الرئيس جورج والكر بوش الذين عملوا معه داخل البيت الأبيض وخبروا كواليس الإدارة الأمريكية، حيث عين ماكليلان في منصب الناطق الرسمي باسم الرئيس جورج بوش أمام الصحافة منذ سنة 2003، واستمر في هذا المنصب عامين وتسعة أشهر إلى أن استقال في 19 أبريل 2006. عندما غادر ماكليلان منصبه كتب مذكراته عن الفترة التي قضاها داخل البيت الأبيض في كتاب أثار جدلا كبيرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي العالم. في كتابه «حقيقة ما حدث» الذي صدر مؤخرا خلال عام 2008، انتقد ماكليلان، إدارة جورج بوش واتهمه بأنه خان نفسه واستمر في اتباع أساليب الحملات الانتخابية حتى بعد أن أصبح رئيسا، وأنه كذب على الأمريكيين وعلى العالم بشأن الأسباب التي استند إليها ليقوم بغزو العراق، وقال إن بوش اعتمد على حملة بروباكاندا سياسية عنيفة لكي «يسوق» حرب العراق، لكنه يقول أيضا إنه يحترم بوش ويعتقد أنه لم يتعمد لا هو ولا إدارته أن يخونوا ثقة الشعب الأمريكي. أثار صدور الكتاب موجة من الانتقادات لمؤلفه، وكان من الطبيعي أن تكون الإدارة الأمريكية أول المنتقدين، حيث ردت الرئاسة على اتهامات ماكليلان بلسان الناطقة باسمها دانا بيرينو التي قالت: «لقد تنكر سكوت لتجربته في البيت الأبيض، إن هذا أمر محزن، سكوت الذي كتب الكتاب ليس هو سكوت ذاته الذي عرفناه»، في حين ذهب بعض الجمهوريين أبعد من ذلك ونعتوا ماكليلان بالخائن والوصولي، ولم يبتعدوا عن إطار التعبير عن اندهاشهم ومفاجأتهم جراء ما صرح به ماكليلان في كتابه، لكنهم كانوا أكثر قسوة. وكان من بين الذين ردوا عليه مسؤولون في الإدارة الأمريكية مقربون من بوش، مثل ماري ماتالان والسيناتور الجمهوري السابق أري فليشر، هذان الأخيران قالا إن ماكليلان لم يخبرهما بالشكوك التي تحدث عنها، وأنه طلب منه مغادرة البيت الأبيض لأنه لم يكن يشارك في النقاشات السياسية، وتساءلا: مادام أنه كانت لديه شكوك حول الأمر فلماذا قبل العمل في إدارة بوش؟ وشبهت ماتالان زميلها السابق ماكليلان بالحواري يهودا، صديق المسيح الذي خان ثقة المسيح به. من جهته يقول ماكليلان إن النقطة التي أفاضت الكأس وجعلته يقرر تأليف الكتاب هي فضيحة تسرب معلومات مصنفة كمعلومات أمن قومي، والتي أطلق عليها اسم « قضية بليم»، حيث جاء في مقدمة كتابه: «عندما افتضح الأمر وظهر أن الكلمات التي كنت أنطق بها وأنا مقتنع بأنها صحيحة هي كاذبة، كنت واقعا آنذاك تحت ضغط واجباتي وولائي للرئيس وغير قادر على التعليق على الأمر، لكني وعدت الصحافيين والرأي العام بأنني يوما ما سأقول القصة التي أعرفها كلها». المرشح الرئاسي السابق بوب دول انخرط أيضا في صف منتقدي ماكليلان وقال عنه إنه «وصولي وانتهازي» وإنه «مثال الكائن البئيس الذي لا يملك الشجاعة لكي يحتج على ما لا يروقه أو يغادر منصبه». ماكليلان رد على هذه الاتهامات وقال إن دوره في البيت الأبيض لم يكن هو المشاركة في صنع القرار السياسي، وإنه لم يقدر حقيقة ما وقع إلا بعد أن خرج من «فقاعة» البيت الأبيض. في الثامن والعشرين من ماي الماضي عرض بيل أوريلي، صاحب برنامج تلفزيوني أمريكي معروف، شريطا يقول فيه فليشر، الناطق السابق باسم البيت الأبيض، والذي خلفه ماكليلان يقول فيه إن الكتاب متأثر جدا بمواقف الناشر، فظهر ماكليلان في اليوم الموالي في برنامج آخر لكي يقول: «كل شيء في الكتاب هو عصارة أفكاري ومواقفي الخاصة»، ولم تتوقف سلسلة الردود حيث ظهر كارل روف في نفس اليوم في برنامج بيل أوريلي ليقول: «ليس هناك أية دلائل ملموسة بنى عليها ماكليلان كتابه». ابتداء من الاثنين ننشر حلقات من الكتاب