أفرزت التطورات التي عرفها الجمع العام الانتخابي للجمعية المغربية للصناعة الدوائية متغيرات صبت في اتجاه كسب شركات صناعة الأدوية الجنيسة، التي يعول عليها لتخفيض أسعار الدواء في المغرب، مواقع قوة داخل الجمعية حيث استطاع مرشح هذه الشركات نيل 13 صوتا من أصل 26 صوتا تشكل الهيئة الناخبة المؤهلة لاختيار رئيس جديد لجمعية المصنعين خلفا لعلي السدراتي، والذي ترشح لنيل ولاية أخرى إلى جانب عبد الحق بنقبو، حيث تساوى المرشحان في نتيجة التصويت الذي جرى في 5 نونبر الجاري. وقرر الجمع العام المنعقد في الدارالبيضاء، عقب هذا المعطى، إحداث لجنة من 5 أعضاء، عهد إليها التوصل إلى صيغة توافقية لإعادة هيكلة الجمعية وطريقة انتخاب الرئيس المقبل، وصرح رئيس الجمعية المغربية لصناعة الأدوية المنتهية ولايته علي السدراتي ل «المساء» أن اللجنة ستحرص على احترام التوازن بين مختلف الفرقاء المكونين لقطاع إنتاج الدواء بين مصنعي الأدوية الجنيسة وفروع الشركات متعددة الجنسية التي تنتج الأدوية الأصلية، والفئة الثالثة التي تنتج الدواء الجنيس والأصلي في الوقت نفسه. ومن بين أهداف هذه اللجنة محاولة تجميع مختلف مكونات القطاع من خلال توسيع وتغيير هيكلة الجمعية التي قد تتحول إلى فدرالية تضم مختلف جمعيات الشركات المنتجة للأدوية على اختلاف مصالحها وطريقة عملها، ومنها الجمعية المغربية للأدوية الجنيسة التي يترأسها محمد حوباشي (9 مختبرات) وجمعية مغرب الابتكار والصحة التي تمثل الشركات متعددة الجنسية. وأضاف السدراتي أن المكتب المسير الحالي سيواصل تدبير أمور الجمعية المغربية لصناعة الأدوية إلى حين التوصل إلى انتهاء اللجنة من عملها وانتخاب رئيس جديد في غضون الأسابيع المقبلة، ومن المرجح أن تشمل مقترحات اللجنة إدخال تعديلات في النظام الداخلي المنظم للجمعية، هذه الأخيرة التي تبادل عدد من أعضائها المسؤولية عن استمرار غلاء الكثير من الأدوية في المغرب. وجدير بالإشارة أن من العوامل غير المباشرة التي أدت إلى كسب منتجي الأدوية الجنيسة مواطن قوة داخل الجمعية المغربية لصناعة الأدوية هو التقرير البرلماني حول الأدوية الذي أنجزته لجنة نيابية السنة الماضية، الذي أحدث جدلا كبيرا في المغرب، خصوصا داخل جمعية مصنعي الدواء، حيث أبرز بالأرقام أن الأدوية الأغلى هي الأكثر مبيعا، والسبب هو جشع بعض شركات الدواء التي تبحث عن أكبر هامش للربح على حساب المرضى، وأضاف التقرير، الذي ما زالت أصداؤه تتردد إلى الآن ومارس ضغطا على وزارة الصحة، أنه بالإمكان خفض ثمن الأدوية في المغرب ب 30 إلى 80 % وحسب التقرير البرلماني، فإن الأدوية الجنيسة هي الأقل مبيعا في المغرب رغم أنها أرخص كثيرا مقارنة بالأدوية الأصلية، والنتيجة أن أغلب المغاربة يشترون الأدوية الأغلى رغم وجود أدوية مماثلة لها في المفعول أقل ثمنا منها في السوق، والسبب -حسب التقرير- أن معظم الأطباء يصفون لمرضاهم الأدوية الأصلية المشهورة وهي الأغلى ولا يوجهونهم لشراء الأدوية الجنيسة وهي الأرخص. وفي موضوع ذي صلة، وعدت وزيرة الصحة ياسمينة بادو قبل أيام أعضاء اللجنة الاجتماعية في مجلس النواب خلال مناقشة ميزانية قطاع الصحة لسنة 2011 بتنظيم يوم دراسي مع البرلمان حول الدواء الجنيس بعد ظهور نتائج الدراسة التي ينجزها مكتب الدراسات «بي سي جي» الأمريكي لفائدة الوزارة حول الأدوية الجنيسة في المغرب، والهدف هو وضع سياسة لتطوير هذا الصنف من الأدوية، والذي يواجه انتشار تداوله في المغرب تحفظ العديد من الأطباء على توصيفه للمرضى بدعوى عدم توفر شهادات المعادلة البيولوجية التي تثبت أن الدواء الجنيس يعادل في مفعوله الدواء الأصلي، فضلا عن لوبي مختبرات الأدوية الأصلية التي ليس من مصلحتها انتشار الدواء الجنيس، والذي لا يتعدى استعماله في القطاع الصحي الخاص نسبة 30 في المائة.