قبل سنوات معدودة، خرجت الحكومة بخطة «تهويد الجليل». وأُنشئ على أعقابها في الجليل 26 مرقبا ووسعت بلدات قائمة. كان هدف الخطة الحفاظ على الأكثرية اليهودية في الجليل للحفاظ على صبغة الدولة، «اليهودية الديمقراطية»، حسب إعلان استقلالها. قام انطلاقا من واقع أن للعرب 22 دولة، أما الشعب اليهودي فله دولة واحدة فقط، وأُنشئت هي أيضا بدماء كثيرة بعد ألفي سنة من المطاردة والجلاء. إذا لم نحافظ على هوية الدولة اليهودية فقد نخسرها هي أيضا. منذ بدء إنشاء الدولة أعلن حكام العرب، على اختلافهم، أن هدفهم هو القضاء عليها. هل تغيّر هذا الهدف؟ هل محمود أحمدي نجاد و«حماس»، اللذان ما زالا يُعلنان ذلك، هما لوحدهما أم لهما أنصار في البلاد أيضا؟ في هذه الأيام أعلن البروفيسور كوكب صدّيق من الولاياتالمتحدة أنه «يجب محو دولة إسرائيل، بطرق سلمية إذا أمكن». ثمة شعور قوي بأن إحدى «طرق السلام» هذه هي سيطرة العرب من سكان دولة إسرائيل الذين يدعون أنفسهم اليوم باسم «عرب فلسطينيين» بدل «عرب إسرائيل»، على الأراضي. الحديث عن علم وعن هوية واضحة أو جزئية مع أولئك الذين يحاولون القضاء علينا بحسب تصريحهم ينبغي أن نُسمي الولد باسمه. توجد هنا «حرب هادئة»، حرب حقيقية بتأييد عقائدي غير خفي. حرب تجري باحتلال أراضي النقب والجليل مع استغلال ضعف سلطة القانون. تُبنى عشرات آلاف الفيلات لعرب على أراضي الدولة وعلى أرض خاصة دون اعتبار لملكية الأرض أو الحفاظ على البيئة، وبغير بنى تحتية كالمجاري وما شابه، ولا تعمل سلطات القانون. سألني سكان صفد في المدة الأخيرة مرارا كثيرة: هل يحل بيع عربي بيتا؟ وقال السائلون أيضا إن العرب يعرضون أسعارا أعلى من سعر السوق بعشرات آلاف الدولارات. لا ينبغي افتراض أن العرب ليسوا تجارا جيدين. الاستنتاج البسيط هنا أنه لا توجد هنا تجارة ساذجة بل محاولة سيطرة بتشجيع جهات مُعادية. وجعل صفد تصبح مثل مدن أخرى أصبحت عربية أو نصف عربية. توجد حقيقة ليس من اللذيذ أن نكتب فيها: وهي أن عقلية العرب وأسلوب حياتهم يُهربان اليهود الذين يسكنون في جوارهم. فاليهود لا يريدون السكن في جوار عرب ويخرجون من أماكن يشتري فيها عربي بيتا. وهكذا أصبحت أحياء كاملة في عكا ويافا واللد أحياء عربية. وتناضل الناصرة العليا وكرمئيل عن صبغتهما وهما مدينتان أُنشئتا على الخصوص، وبقرار من الحكومة، من أجل تهويد الجليل. ونحن نحارب كي لا يحدث هذا في صفد أيضا. إن إعمال الشراء وغزو العرب وجه من وجهي قطعة النقد. والوجه الثاني هو منع بيع اليهود. فعند الفلسطينيين يطلقون النار على من يبيع يهودا أراضيَ. هذا هو القانون الرسمي ل«المعتدلين» في السلطة الفلسطينية. وفي داخل دولة إسرائيل يحاربون بوسائل أخرى كل عربي يتجرأ على بيع يهودي بيتا. نُشرت في صحيفة «هآرتس» في 27/10 مقالة لزهير أندراوس، المحرر الرئيس لصحيفة «مع الحدث» التي تصدر في إسرائيل. يكتب أندراوس: «يمكن أن نسأل من يؤيدون قتل نساء عربيات: هل يجب قتل من يبيعون اليهود الإسرائيليين الصهاينة الأراضي ويخدمون تحت علم سياسة الصهيونية، ومن الواضح أن الجواب يجب أن يكون بالنفي. ورغم أن النظرة إلى أولئك الأشخاص كالنظرة إلى من يُدنسون شرف شعب كامل من الواجب أن نُعارض مبدئيا التفكير بإباحة دمهم». فهو يرى أن من يبيعون اليهود الأراضي أو البيوت يُدنسون شرف شعب كامل. ويرى أندراوس هذا الشيء «ركنا أساسيا» للمجتمع العربي. يجب علينا أن نقرأ الخريطة، فنحن ما نزال في صراع على هذه الأرض. إنها حرب هادئة. إذا أغمضنا أعيننا قد نجد أنفسنا مُباغتين وقد نفقد الدولة. وإذا حاربنا فإن ثمة احتمالا جيدا لأنْ ننتصر. ليس الأمر متأخرا. ينبغي أن نحارب وأن نحافظ على الدولة اليهودية الوحيدة التي نملكها. شموئيل الياهو عن ال«هآرتس»