أعلن الرئيس المدير العام للقطب العمومي، فيصل العرايشي، عن توقيع العقد-البرنامج بين الحكومة وشركة «صورياد دوزيم»، وألمح مدير القناة الأولى إلى أنه لم يكن ممكنا أن تستفيد القناة الثانية من هذا العقد لولا انتماء قناة «عين السبع» إلى القطب العمومي، ما يفتح النقاش، مجددا، حول الوضعية الراهنة والممكنة والمفترضة لقناة «دوزيم» داخل نسق القطب العمومي. في بدء النقاش، لا بد من التذكير بنقطة أساسية وفاصلة في مسار القناة الثانية تتعلق بانتمائها إلى القطب العمومي، إذ كانت الخطوة الأولية تتمثل في «ضرورة» ضم تجربة القناة الثانية الدولية للقطاع العمومي، عبر نهج سياسة «التأميم القسري»، بالنظر إلى كون هذا المشروع في سنواته الست الأولى واجه على المستوى المالي عكس المنتوج التلفزيوني، مأزق سيولة مالية هدد بإجهاض التجربة التي شكلت حلما لجيل كامل من الصحافيين والمثقفين والرأي العام. وعلى الرغم من خضوعها للإطار القانوني والمالي العمومي، فإنها حافظت، بشكل نسبي، على تميُّزها عن القناة الأولى، إلى أن بدأ النقاش حول تشكيل «القطب العمومي»، الذي تكرس في تعيين فيصل العرايشي رئيسا للمجلس الإداري للقناة الثانية، والذي عمد، بعد ذلك، إلى إزاحة مصطفى بنعلي من على رأس دوزيم، كتفعيل «أولي» لمشروع وحدة القطب العمومي. وبحكم أن انتماء القناة الثانية إلى القطاع العام كان اضطراريا، فقد خلق هذا علاقة ملتبسة بين القناة الأولى وقناة «عين السبع»، على اعتبار أن ضم الثانية لم يكن معقلنا يحدد الوظيفة الحقيقية للقناة الخاصة الآتية إلى الإعلام العمومي، إذ اقتصر في البداية مطمح التأميم القسري للقناة الثانية الدولية على إنقاذ التجربة من الإفلاس ومنع الطريق على أي تأويل حول فشل مشروع تلفزيوني وطني خصصت له كل شروط الإنجاح على المستوى السياسي والاجتهاد القانوني في زمن الاحتكار. ونتيجة لهذا الارتجال وعدم تدبير الوضعية المستقبلية ل«دوزيم» وغياب استراتيجية لوظيفة مفترَضة لقناة قادمة من القطاع الخاص، ظهرت العديد من العوائق، أولها الاستمرار في النهج التنافسي بين القناة الأولى والثانية، تكريسا للصيغة القديمة لعلاقة القناتين في الفضاء السمعي البصري، في حين أن العلاقة الصحية تتأسس على «التكاملية»، أي أن تحقق القناتان ومعهما باقي مكونات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة حصنا إعلاميا تكامليا، في ظل بدء زحف القنوات الأجنبية والعربية على الفضاء السمعي البصري. حصن يتأسس على الوفاء والإجابة على مختلف انتظارات «بؤر التلقي» (المشاهد المغربي) أخذا بعين الاعتبار معطى اختلاف العينات المستهدفة، بالنظر إلى معطيات الجغرافيا والجنس والعمر والثقافة، بناء على دراسة دقيقة تحدد بشكل دقيق أسئلة هذه العينات. وتحصيل ما سبق أن عدم القدرة على تحقيق مختلف مكونات القطب العمومي -بتغييب الطابع التكاملي- حصص مشاهدة من المتلقي المغربي، تتجاوز النصف، فإن هذا يضع الإستراتيجية التكاملية المفترضة للقطب العمومي القادر على خلق البديل المحلي للمشاهد المغربي على المحك، ويفرض مقابل ذلك تفعيلا لشعار «القطب العمومي»، بتوضيح العلاقات بين مختلف مكونات هذا القطب ومنح كل مكون الصفة المميزة له داخل هذا القطب تلغي أي إمكانية للتنافس، على اعتبار أن الوظيفة الأصلية لأي قطب تقوم على تقديم خدمة عمومية غير تجارية بالضرورة وعلى خدمة قادرة على خلق تكتل إعلامي يساهم كل مكون من مكوناته في تقوية هذا التكتل اعتمادا على طبيعة الوظيفة المفترضة له. وفي واقع الأمر فإن اختزال القطب في رئاسة مشترَكة للشركة الوطنية و«صورياد»، دون تفعيل أي لجن استراتيجية للتنسيق، في انتظار تشكيل شركة قابضة، يلغي أي وظيفة تكاملية لهذا القطب ويطرح السؤال حول وجوده في الأصل.