يبدو أن فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد نجح مؤخرا في ابتكار نوع جديد من الهجمات أربكت الإدارتين الأمريكية والبريطانية وخلقت حالة من التأهب الأمني شغلت مطارات بريطانيا والولاياتالمتحدةوالإمارات، وذلك بعد العثور على طرود «مفخخة» على متن طائرات تجارية قادمة من اليمن كانت موجهة إلى مؤسسات يهودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأعلنت الإماراتالمتحدة أن سلطات مطار دبي عثرت على طرود تحتوي على متفجرات كان من المقرر شحنها على متن طائرة تابعة لشركة «فدكس FEDEX» إلى الولاياتالمتحدة. كما أعلنت السلطات الأمنية البريطانية أنها عثرت على متفجرات على متن طائرة شحن تابعة لشركة «يو بي إس» أثناء توقفها في لندن قادمة من اليمن في طريقها إلى شيكاغو في الولاياتالمتحدة. وذكرت شركة «فدكس» أن السلطات الإماراتية «صادرت طردا مشبوها من منشأة تابعة لها في دبي، مصدره اليمن». وقالت الناطقة باسم الشركة، موري لين: «لقد أوقفنا جميع عملياتنا من اليمن، ونحن نتعاون بشكل كامل مع الأجهزة المعنية». من ناحيته، أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن الطردين المشبوهين اللذين رصدتهما السلطات في دبي وبريطانيا في طريقهما من اليمن إلى الولاياتالمتحدة يوم الجمعة الماضي كانا «يحتويان على مواد متفجرة»، مضيفا أن وجهتهما النهائية كانت مركزَ عبادةٍ يهوديا في أمريكا. وتعهد أوباما، في كلمة متلفزة وجهها إلى الأمريكيين الذين تابعوا بذعر الإجراءات الأمنية المكثفة التي شهدتها مطارات عدة في البلاد وخارجها، بالعمل على تدمير تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» في تحميل من واشنطن ل»القاعدة» مسؤولية إرسال هذه الطرود. وقال أوباما إن الولاياتالمتحدةالأمريكية حصلت على معلومات من السعودية مفادها أن هناك طردين يحتويان على مواد متفجرة تستهدف الأراضي الأمريكية. وأوضح أن مصدر الطردين المحتويين على متفجرات كان اليمن، مشيرا إلى أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» هو المشتبه الأول في قيامه بهذه العمليات. ولفت الرئيس الأمريكي إلى أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أكد، في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي، أن صنعاء ستواصل جهودها في مكافحة الإرهاب. وكان مصدر أمني بريطاني أكد، في حديث لشبكة ال«سي إن إن»، أن الطرود المشبوهة في بريطانيا والولاياتالمتحدةودبي تم إرسالها، من اليمن من قبل شخص واحد، إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر شركة «يو بي إس». إلى ذلك، حطت طائرة ركاب تابعة ل«طيران الإمارات» في مطار جون كينيدي بسلام، مساء الجمعة الماضي، بعد أن رافقتها مقاتلات أمريكية، وذلك «كإجراء احتياطي» بعد أن تردد أنها تحمل شحنة مصدرها اليمن، أو أنها كانت في صنعاء قبل أن تنتقل منها إلى دبي لتبدأ رحلتها، رغم أن الطائرة «لم يطلب منها تبديل وجهتها». وكانت حالة تأهب أمني قصوى أعلنت في كل من بريطانيا والولاياتالمتحدة بعد ورود أنباء عن هبوط طائرة شحن على متنها شحنة مثيرة للريبة في مطار بريطاني. وأعلن عن إغلاق جزئي لمنطقة في مطار «إيست ميدلاندز» بعد العثور على الطرد ال«مشبوه». وكانت إدارة أمن النقل في الولاياتالمتحدة قد أعلنت أن العديد من طائرات الشحن هبطت في مطارات متفرقة في الولاياتالمتحدة وأن السلطات تشتبه في محتوى الشحنات الموجودة على متنها. وجرت التحقيقات في نيورك في نيوجيرسي وفيلادلفيا، حيث نقلت الطائرات إلى أماكن معزولة لتفتيشها. وعلى صعيد متصل، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تعليق كافة الرحلات الجوية المباشرة من اليمن إلى المملكة المتحدة. وفي سياق متصل أيضا، أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي مايزيير، ليل السبت الأحد، أن برلين تمنع إدخال الطرود المرسلة من اليمن إلى الأراضي الألمانية. وقال الوزير الألماني إن الحكومة الفيدرالية تؤكد أنه اعتبارا من الآن لن يصل أي طرد من اليمن إلى ألمانيا، وذلك بعد اكتشاف طردين مفخخين كانا موجهين إلى الولاياتالمتحدة انطلاقا من الأراضي اليمنية. ومن جهتها أعلنت وزارة النقل الألمانية، في بيان، أن الإدارة الألمانية للطيران أمرت كل شركات الطيران وشركات البريد السريع ومجموعات أخرى بالمراقبة الكاملة، حتى إشعار آخر، للطرود الموجودة والمودعة المرسلة من اليمن. إبراهيم عسيري.. المشتبه به رقم واحد من جانبه، صرح مسؤول أمريكي بأن صانع قنابل سعوديا، يعتقد أنه يعمل مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، هو أحد المشتبه بهم الرئيسيين في مؤامرة لإرسال طرود ناسفة إلى الولاياتالمتحدة. يذكر أن إبراهيم حسن عسيري، الذي يتصدر قائمة سعودية للإرهاب، هو شقيق مفجر انتحاري قتل في محاولة لقتل الأمير محمد بن نايف، كبير المسؤولين السعوديين عن مكافحة الإرهاب، العام الماضي. وتضمن هذا الهجوم، بالإضافة إلى محاولة أخرى لتفجير طائرة ركاب كانت متجهة إلى الولاياتالمتحدة في يوم عيد الميلاد عام 2009، استخدام مادة «بيتن»، وهي مادة شديدة الانفجار يبدو انها السلاح الذي اختار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب استخدامه. وتعمل السلطات على تعقب أي من أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يكون وراء أحدث مؤامرة. اعتقال مشتبه بها في اليمن إلى ذلك، أعلن مسؤول أمني أن قوات الأمن اليمنية اعتقلت، مساء السبت الأخير، امرأة يعتقد أنها شاركت في إرسال طرود ناسفة متجهة إلى الولاياتالمتحدة، وذلك بعد تطويق منزل كانت تختبئ فيه في العاصمة صنعاء. وقال المسؤول إن قوات الأمن الوطني استطاعت اعتقال المرأة. وأضاف قوله إن السلطات تتبعت المرأة من خلال رقم هاتف تركته لدى شركة شحن. وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قال إن قوات الأمن اليمنية تطوق منزلا تختبئ فيه امرأة شابة يعتقد أنها أرسلت الطرود الناسفة إلى الولاياتالمتحدة. ولم يذكر تفاصيل أخرى عن المرأة. ومن جانبه، أكد ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، أن العبوة الناسفة التي عثر عليها على متن طائرة شحن متجهة إلى الولاياتالمتحدة في مطار ببريطانيا كان مخططا لها أن تنفجر على متن الطائرة. وقال كاميرون للصحفيين، في مقر إقامته الريفي في شيكرز خارج لندن: «نعتقد أن العبوة كان مخططا لها أن تنفجر على متن الطائرة. لا نستطيع التيقن بشأن التوقيت الذي كان من المفترض حدوث ذلك فيه». جدير بالذكر أن البيت الأبيض أعلن أن السعودية ساعدت في تحديد التهديد الأمني القادم من اليمن الذي أضحى ملاذا لبعض المتشددين المناهضين للولايات المتحدة، بينما قدمت بريطانيا ودبي معلومات أيضا.