ركز عدد من تدخلات الفرق والبرلمانيين في مجلس النواب يومي الخميس والجمعة الماضيين على انتقاد واقعية الفرضيات الأساسية لمشروع القانون المالي وعلى رأسها معدل النمو، وكذا تمحيص آثار السياسة الاقتصادية للحكومة والإجراءات الكبرى، التي جاء بها مشروع الميزانية فيما يخص تطوير الاقتصاد الوطني وتعبئة الادخار، فضلا عن وضع اليد على نقط سلبية في السياسة التي تتبعها الحكومة في تدبير عجز الميزانية وكتلة الأجور والاستثمار العمومي. فقد اعتبر فريق الأصالة والمعاصرة أن الحكومة فشلت في تنويع الاقتصاد الوطني، ويظهر ذلك في الاعتماد بشكل كبير على الطلب الداخلي في النمو الاقتصادي على حساب الطلب الخارجي، وعدم القدرة على تنمية الصادرات، مما ترتب عنه «تفاقم العجز التجاري»، حسب النائب أعمار الشيخ الذي ألقى تدخل فريقه بمناسبة المناقشة العامة لمشروع القانون المالي 2011، والتي انتهت جلساتها مساء الجمعة الماضي وشرع، أول أمس السبت، في مناقشة مواد المشروع. كما وصفت عدة فرق نيابية، حتى من داخل فرق الأغلبية، توقع وزارة الاقتصاد والمالية تحقيق نمو اقتصادي في حدود 5 في المائة في السنة المقبلة ب «المبالغ فيه وغير الواقعي»، بالنظر إلى استمرار الصعوبات والاضطرابات الاقتصادية التي يعيشها الشريك الاقتصادي الأساسي للمغرب ممثلا في الاتحاد الأوربي، وأضاف فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية أن تحديد فرضية متوسط سعر برميل البترول في 75 دولارا للعام المقبل «ليس واقعيا»، لأن مجمل التوقعات تراهن على سعر يفوق 80 دولارا نتيجة النمو المطرد الذي تعرفه الاقتصاديات الصاعدة. من جانب آخر، نبه فريق الأصالة والمعاصرة إلى عدم استغلال الحكومة إمكانيات لتمويل الاقتصاد عبر اللجوء إلى الاقتراض الأجنبي، ومنها التمويلات الخارجية لفائدة الشركات الأجنبية الحائزة على صفقات في المغرب بحكم أنها غير محددة السقف، وأيضا عدم الاهتمام بجلب المنح الدولية من الدول الاسكندنافية التي تعد من أغنى دول العالم، والتي تخصص نسبة 0.7 في المائة من ناتجها الداخلي الخام لمساعدة الدول الفقيرة. وطالب الفريق نفسه الحكومة ببيان موحد لمداخيل ومصاريف وعجز القطاع العمومي برمته، عوض التحدث بازدواجية، مرة عن الميزانية العامة وأخرى عن ميزانية القطاع العام، موضحا أن كتلة الأجور سترتفع في حال احتساب أجور الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية إلى ما يزيد عن 14 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ودعا البرلماني عن الفريق نفسه عند تقديم القانون المالي إلى الفصل داخل نسبة العجز بين العجز الهيكلي، الذي لا علاقة له بالتغيرات الظرفية والعجز الظرفي للميزانية المرتبط بتأثير الأزمة الاقتصادية على المغرب، في حين أن عدم الفصل بينهما لا يمكن من تقييم انعكاسات الأزمة والظرفية على عجز الميزانية. وتطرقت النائبة عن فريق الاتحاد الاشتراكي سلوى بلقزيز إلى ما جاءت به الحكومة من تدابير لفائدة المقاولات المغربية، وشددت على ضرورة تمديد إعفاء الشركات التي ترفع رأسمالها من نسبة قد تصل إلى 20 في المائة من الضريبة على الشركات، حيث يتوقع أن ينتهي هذا الإجراء التحفيزي للمقاولات الصغيرة في آخر دجنبر 2010. ورأت النائبة الاتحادية أن اشتراط أن تحقق الشركة مليوني درهم فما دونها كرقم معاملات سنوي للاستفادة من خفض الضريبة على الشركات من 30 إلى 15 في المائة «لن يشجع المقاولات الصغيرة والمتوسطة لأن الرقم هزيل»، داعية إلى رفع السقف إلى 5 أو 6 ملايين درهم، وهو الاتجاه الذي ذهب إليه الفريق الاستقلالي الذي اقترح تخفيض سعر الضريبة إلى 10 في المائة عوض 15 في المائة، وإلى رفع سقف رقم المعاملات من أجل الاستفادة من هذا الامتياز الجبائي إلى 4 ملايين درهم. كما اقترح الفريق الاستقلالي رفع الأسقف التي اقترحتها الحكومة من 300 ألف درهم إلى 600 ألف درهم بالنسبة لمخططي الادخار للتربية و للسكن، ومن 600 ألف درهم إلى مليون درهم بالنسبة لمخطط الادخار للأسهم، وكذا تقليص عدد الوحدات من السكن الاجتماعي المطلوب من المنعش العقاري إنجازها في 5 سنوات إلى أقصى فترة للاستفادة من الإعفاء الكلي من الضريبة على الشركات، وذلك بالانتقال من 500 إلى 100 وحدة سكنية اجتماعية، لأن السقف الأول «حرم عددا من المنعشين العقاريين، أولئك الذين لا يمكنهم بناء هذا العدد من المساكن».