تمكن «طاقم» خاص استعان به موثق بفاس من «الإيقاع» بأحد مساعديه، الذي يتهمه الموثق رفقة زوجته بالوقوف وراء اختفاء مبلغ مالي يقدر بحوالي مليار سنتيم، في ظروف لا تزال غامضة، بعد مطاردة «هوليودية» في الطريق السيار الرابط بين الدارالبيضاءومراكش، يوم الجمعة 15 أكتوبر الجاري، قبل أن يعمد إلى تسليمه لدركيين كانوا في حاجز أمني، مخبرا إياهم بأن مساعده يعتبر من المبحوث عنهم، ووجب تسليمه إلى القضاء. وقالت زوجة هذا المعتقل، في شكاية توصلت «المساء» بنسخة منها، إنها كانت متوجهة رفقة زوجها الذي قرر الفرار وإطفاء هاتفه النقال بعد اتهامه من قبل مشغله، إلى مكتب محام لاستشارته في الإجراءات المتبعة كي يقدم نفسه للعدالة قبل أن يفاجأ بطاقم الموثق يطارد سيارتها، مما دفعها إلى الهروب من ملاحقتهم إلى أن وصلت إلى مشارف مدينة مراكش. واتهمت الموثق بالاعتداء على العائلة، قبل تدخل رجال الدرك لتفريقهم. وحددت المحكمة الابتدائية بفاس بدء جلسات التحقيق التفصيلي مع مساعد الموثق في 3 نونبر القادم. وأودع المتهم، الذي اشتغل بمكتب الموثق لمدة تقارب 20 سنة، السجن المحلي عين قادوس، في انتظار البت في ملفه. ويتهم الموثق فؤاد بنسودة مساعده بخيانة الأمانة، موردا بأنه هو الذي يقف وراء اختلاس أمواله التي كان يكلفه بإيداعها في حساباته البنكية التي تقدر ب10 حسابات. ويضيف الموثق بأنه كان في بداية الأمر يراجع هذه «التحويلات» التي يقوم بها مساعده محمد لكزولي، إلا أنه بدأ يتخلى شيئا فشيئا عن هذه المراجعة بعدما وثق به. وتقول عائلة المتهم إن ادعاءات الموثق غير صحيحة، لأن الموثق يتوفر على محاسب خارجي وآخر داخلي مكلفين بمراجعة حساباته. ويورد المتهم في إحدى الرسائل، التي وجهها إلى وزير العدل وهو في حالة فرار، بأن الموثق كان يودع بعض المبالغ في حسابات بنكية لبعض أقاربه، ويقول إن الزج به في الملف يرمي إلى طمس اختلالات وقع فيها مكتب الموثق. وإلى جانب هذا المساعد، اتهم الموثق زوجته بمشاركة زوجها في خيانة الأمانة. وقال في شكايته إنها شاركت زوجها في هذه السرقة. وقررت المحكمة، بناء على هذه الشكاية، وبعد التحقيق مع المتهمة حنان أشكرباط الحجز على جل ممتلكاتها. ولم تسلم من هذه الممتلكات سوى قطعة أرضية مشتركة في منطقة إيموزار بضواحي صفرو. وتؤكد المتهمة، التي تتابع في حالة سراح بكفالة مالية محددة في 5000 درهم، بأن القطعة الأرضية استثنيت من الحجز بسبب وجود أسماء مقربين من قضاة وأطباء وشخصيات محلية نافذة بها. ومن جهتها، قررت المتهمة توجيه شكاية مضادة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف تتهم فيها الموثق بمحاولة ابتزازها وتخويفها وتهديها لإرغامها على التنازل عن ممتلكاتها التي حررت بعضا من عقودها في مكتب الموثق نفسه. وقالت إنها راكمت أموالها من 14 سنة من العمل في مجال التجارة. وبالرغم من أن هذا المساعد بدأ في العمل بمكتب الموثق بصفة «كورتيي» مكلف بإيداع المبالغ والشيكات المستخلصة من العقود التي يقوم بها الموثق، منذ حوالي 20 سنة، فإن الموثق لم يكتشف وجود اختلالات مالية في مكتبه إلا في بداية سنة 2009، متهما مساعده بسرقتها. وقرر مواجهته، حسب الشكاية، بالأمر، إلا أن المتهم أقفل هاتفه وفر إلى وجهة مجهولة. وبرر المتهم اختفاءه بخوفه من «بطش» مشغله، الذي يقول عنه إنه يتوفر على علاقات نافذة. وعمد الموثق إلى إنجاز خبرة لإدانة مساعده أشارت إلى أن المبالغ المالية التي تودع في حسابات الموثق عادة ما تكون منقوصة، وفي أحيان أخرى يودعها بعد عدة أيام من تسلمها، وفي بعض الحالات لا يودع بعض المبالغ. وتبين للموثق، حسب تقرير الخبرة التي تطعن فيها عائلة المتهم، بأن مساعده اقتنى بأمواله عدة عقارات وممتلكات، بعضها يوجد باسمه والبعض الآخر سجل باسم زوجته. وتحدث هذا التقرير عن أن المتهم في الملف يتوفر على أرصدة مالية كبيرة في حسابه البنكي لا تتناسب وحجم الراتب الشهري، الذي كان يتقاضاه من مكتب الموثق، والذي حدد في 3500 درهم. ورجح محامي زوجة المتهم أن يكون الموثق قام بتحريك هذه الدعوى للحصول على تعويضات من طرف شركة التأمين لتغطية الأضرار التي تسببت فيها الظروف الاقتصادية الحالية. فيما دعا المتهم السلطات إلى البحث في حسابات بنكية لمقربين منه للوقوف على حقيقة الأمر، مضيفا بأنه «لا يعقل أن يكون هذا الموثق يتوفر على محاسب داخل مكتبه وآخر خارجه ويتوصل بالكشوفات البنكية آخر كل شهر ولم تتضح لهما أي اختلاسات طيلة عشرين سنة».