عادت قضايا التلاعب في أموال الناس من قبل الموثقين إلى واجهة الأحداث بعدما وجهت أصابع الاتهام إلى موثقة بمدينة الدارالبيضاء في قضية تبديد أموال عدد من المتعاملين معها، قدرت بحوالي 4 ملايير سنتيم. وقال (م.م)، أحد ضحايا هذه الموثقة، في اتصال أجرته معه «المساء»، إن الموثقة قامت بالاستيلاء على ما يفوق 400 مليون سنتيم تخصه، وهو المبلغ الذي كان يرغب بواسطته في شراء فيلا بأحد المشاريع العقارية بدار بوعزة. وأوضح المصدر ذاته أنه قام ببيع منزله الذي كان يقطن به سابقا، وحصل على قرض مالي من أحد البنوك من أجل شراء الفيلا. غير أنه فوجئ، منتصف الشهر الجاري، بكون الأموال قد تبخرت. وعبر (م.م) عن استغرابه كون الموثقة لا زالت حرة طليقة، بالرغم من أن أمرا قضائيا صدر بسحب جواز سفرها ومنعها من مغادرة التراب الوطني. من المفترض أن يكون (م.م) قد باشر محاميه إجراءات رفع شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدارالبيضاء ضد الموثقة من أجل التلاعب في أموال الزبناء. ومن جهة أخرى، اعتبر المصدر نفسه أن وضع الموثقة لشكاية تكشف فيها أنها كانت ضحية عملية نصب وابتزاز من قبل عصابة دولية، لا يعدو أن يكون محاولة للتغطية والتمويه على عملية التلاعب بأموال وودائع عدد من المتعاملين معها. فقد ادعت في تلك الشكاية أنها سقطت في فخ الشعوذة، وأنها أنفقت مبالغ مالية طائلة في سبيل حل بعض المشاكل النفسية التي كانت تعانيها، وأن متعاطين للتنجيم وقراءة الطالع كانوا يزورونها بمكتبها وسقطت بسهولة ضحية لابتزازهم، وأنها سلمت حقائب بملايين السنتيمات إلى أفراد عصابة النصب عن طريق الشعوذة. وكشفت عمليات التلاعب التي قامت بها الموثقة، وغيرها من التلاعبات التي قام بها موثقون آخرون، عن وجود خلل كبير في منظومة التعامل عبر الموثقين الذين يتصرفون في ودائع الزبناء قد تصل إلى الملايير بدون وجود ضمانات قانونية تحمي مصالح المواطنين الذين يكونون، في غالب الأحيان، هم الحلقة الأضعف في هذه المنظومة، في حين أن المؤسسات البنكية تحرص على ضمان حقوقها بكل الأشكال القانونية. كما تطرح مثل هذه التلاعبات ضرورة تدخل السلطات العمومية، من حكومة وبرلمان، من أجل ضمان شفافية المعاملات التي يقوم بها الموثقون، كما تطرح تساؤلات حول الجدوى من تواجد هيئة الموثقين التي من المفترض فيها أن تحمي مهنة الموثق. وتتوفر الهيئة، حسب بعض المصادر المطلعة، على صندوق للضمان يتوفر على ما يقرب من 30 مليار سنتيم بصندوق الإيداع والتدبير، ولكنه لا يستعمل إلا في حالات الأخطاء المهنية التي يرتكبها الموثقون، غير أن هيئة الموثقين لا تعتبر التلاعبات التي يقوم بها بعض الموثقين أخطاء مهنية، وبالتالي فإن صندوق الضمان لا يغطي تلك الأموال الضائعة جراء التلاعبات التي تجعل ثقة المواطنين في مهنة الموثق تهتز في ظل تنامي عمليات التلاعب بأموال وودائع الزبناء.