دعا المكتب الوطني لجمعية التقنيين الغابويين إلى جمع عام استثنائي يوم السبت، 23 أكتوبر الجاري، في المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين في سلا، ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، للمطالبة بوقف جرائم القتل والتعذيب التي طالت وتطال التقنيين الغابويين من طرف ناهبي الثروات الغابوية والموالين لهم والوقوف على آخر تطورات التحقيقات الجارية على مستوى القضاء والمندوبية السامية الوصية، بخصوص جريمة القتل التي راح ضحيتَها التقني الغابوي عبد الوهاب فراشي، والذي تم العثور على جثته يوم الخميس 23 شتنبر الماضي داخل سكنه الوظيفي، من طرف الشرطة العلمية والقضائية، حيث كان يعمل كرئيس منطقة في «دار سالم»، نواحي سيدي يحيى الغرب، بعد تنقيله من منطقة الشاون. فبعد مرور حوالي شهر على ارتكاب الجريمة من طرف مجهول أو مجهولين، ما زالت الشرطة العلمية لم تتوصل إلى حقيقة مصرع التقني الذي عُيِّن منذ حوالي سنة في منطقة «دار سالم»، والتي أكد الغابويون وسكان المناطق المجاورة أنها تعرف تسيبا واضحا أسفر عن استنزاف الثروة الغابوية فيها. وقد قرر المكتب الوطني استغلال الجمع الاستثنائي من أجل فتح باب المناقشة لكل التقنيين الغابويين واتخاذ الإجراءات اللازمة في اتجاه ضمان إنصاف الضحية وأسرته وتوفير الحماية اللازمة للتقنيين الغابويين المرابطين داخل الأراضي الغابوية التي تُستنزَف ثرواتها، يوميا، من طرف مافيا تجار الخشب. وجاء قرار الجمعية بعد لقاء تواصلي عقده مكتبها المسير، يوم الجمعة الماضي في مدينة القنيطرة. وذكر بلاغ للجمعية أن المكتب الوطني، ومعه المنخرطون في الجمعية، سيتدارسون خلال الجمع العام آليات التصدي للآثار المترتبة عن إعادة الهيكلة ونظام الحركية، بعد الوقوف على مدى هشاشتها وعدم استجابتها لشروط العمل الوقائية والحامية للتقنيين الغابويين. كما سيتم تقييم ظروف عمل التقنيين الغابويين (توقيت العمل، التأمين، الحماية القانونية...) وتدارس برمجة انتخابات المكاتب الجهوية، تطبيقا لمقتضيات القانون الأساسي المعدل وتقييم سير عملية صرف التعويضات الخاصة (التشجير، الاستغلال والعزلة) وتدارس مشروع البذلة والشارات ومشروع التعويضات عن المخاطر. وقد استبعد كل التقنيين الغابويين فكرة انتحار التقني، مؤكدين أن سلوك الراحل ورغم ما كان يعيشه من عزلة، بعيدا عن أسرته، ومن مضايقات إدارية وقضائية، بعد أن فتح ملف سرقة الخشب من طرف الدرك الملكي المحلي، لا يمكن أن يكون سببا مقنعا يجعله يعمد إلى الانتحار. كما أن حالة التشوه التي وُجِدت عليها الجثة أبانت أن التقني تعرض، قيد حياته، لفعل إجرامي. وكان أحد زملاء الضحية في العمل هو من اكتشف الجثة، مساء يوم الخميس 23 شتنبر الماضي وعليها جروح غائرة في العنق وتمزيق عرضي في البطن نتج عنه خروج أمعاء الضحية خارج جسمه. كما ثبت أن الجريمة لا علاقة لها بالسرقة أو السطو على ممتلكاته، حيث اكتشفت الشرطة العلمية أن ممتلكات الراحل لم تتعرض للسرقة، مما أفرز احتمال أن تكون الجريمة بهدف تصفية حسابات وانتقام. كما أعطت مصادرنا احتمال أن يكون التقني قد تصدى لمافيا ناهبي الأخشاب، وأنه تمت تصفيته بعد أن تبين لأفرادها أنه سيكشفهم للقضاء. وكان الدرك الملكي في المنطقة قد أجرى قبل وفاة الضحية بأشهر عديدة، تحقيقات جنائية مع الضحية وبعض زملائه، بهدف الوصول إلى المافيا التي وراء الاعتداءات الواسعة التي تعرضت لها غابة الأوكاليبتوس في المنطقة الواقعة تحت مسؤولية القتيل، وهو ما رجح احتمال أن تكون لجهات ما مصلحة في توقيف التحقيق قد تكون وراء القتل العمد الذي راح ضحيته التقني. وقد شمل التحقيق تخريب وقطع مساحات شاسعة من أشجار الأوكاليبتوس. كما عاينت لجنة تفتيش مركزية من المندوبية السامية الوصية حلت بالمنطقة لمدة ثمانية أيام خسائر فادحة حددتها مصادرنا في 5000 شجرة من قطعة واحدة فقط. كما أكدت مصادرنا أن المنطقة التي مسها التخريب وقطع الأخشاب كلفت المياه والغابات خسارة مالية قُدّرت بأزيد من 240 مليون سنتيم. والضحية، الذي فارق الحياة عن 54 سنة، هو تقني غابوي يتحدر من مدينة زومي في منطقة وزان، تم تنقيله من منطقة الشاون إلى «دار سالم» ضدا على رغبته. ونظرا إلى ظروف عمله الشاقة والمرض وعلامات الشيخوخة، وفي غياب الوسائل والمساعدين وأمام شساعة المنطقة التي تقع تحث مسؤوليته وخطورتها، بسبب كل هذا، فقد طلب الضحية بعزله من مهمته والالتحاق بالإدارة كموظف في أحد مكاتبها، لكن طلبه قوبل بالرفض، بسبب إصرار الإدارة على ضرورة الامتثال للحركية الانتقالية التي مست 649 تقنيا تم تنقيلهم بنفس الطريقة التي عانى منها الضحية، وهي الحركة التي سبق أن عرفت موجة من الاحتجاجات من طرف التقنيين الغابويين.