لم تجد جبهة البوليساريو ما تستقبل به المبعوث الأممي في نزاع الصحراء، كريستوفر روس، إلى المنطقة من أجل تحريك المياه الراكدة في الملف سوى التلويح بالعودة إلى الحرب مع المغرب، تحت مسمى» المقاومة المسلحة»، وهو ما دأبت البوليساريو على اللجوء إليه في كل مناسبة، من أجل رفع أسهمها وإثارة الانتباه إليها، في رسالة واضحة تريد أن تقول فيها للرأي العام الدولي إنها موجودة وإنها قادرة على أن تشكل مصدر تهديد. زعماء الجبهة ومسؤولوها ومن يقف وراءها يعرفون جيدا أن الحديث عن العودة إلى القتال في المنطقة «أضحوكة» لم تعد تضحك أحدا، ولذلك فإن مثل ذلك التهديد لا يستحق أي تعقيب. ما هو مهم هو أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، للمغرب وجولة كريستوفر روس في المنطقة تشكلان فرصة سانحة من أجل النظر إلى المستقبل وليس إلى الماضي، لأن ظروف السبعينيات والثمانينيات لم تعد قائمة ولأن الكثير من المياه جرت تحت الجسر وفقدت جبهة البوليساريو الكثير من الدعم والأنصار، بعد انهيار القطبية الثنائية الدولية التي كانت خلالها الجبهة تشكل ورقة ضغط للمقايضة في المنطقة، والمطلوب ليس التهديد بالعودة إلى هذا الماضي الذي انتهى، بل التحلي بالحكمة ومد اليد للمبادرة المغربية حول الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية ومحاولة إدخال تعديلات عليها، من خلال عمليات الحوار والتفاوض التي توقفت في مانهاست، ويسعى روس إلى استئنافها من جديد. هذا هو المدخل الوحيد لربح المستقبل، ما عداه مجرد «وهم» يساور مسؤولي الجبهة الذين يقول لسان حالهم: «ألا ليت الشباب يعود يوما».