تجددت مخاوف سكان العديد من القرى والمدن المغربية من تكرار سيناريو السنة الفارطة، عندما ضربت الفيضانات بقوة مخلفة وراءها عددا من القتلى والمشردين وخسائر مادية جسيمة بعدما غمرت مياه الأمطار عشرات الآلاف من الأراضي الفلاحية. فقد فاجأت الأمطار العاصفية، التي ضربت مناطق مختلفة من البلاد خلال اليومين الماضيين، المواطنين، وامتلأت على سبيل المثال شوارع العاصمة الرباطوتمارةوسلا بالمياه وتشكلت برك عرقلت حركة السير، وتسببت في وقوع حوادث سير بسيطة. وعاينت «المساء» صبيحة أول أمس كيف منعت البرك المائية الواسعة التي ملأت شوارع تمارة والعاصمة التلاميذ وأولياءهم من الوصول إلى مدارسهم، في الوقت الذي عرفت ملتقيات الطرق الرئيسية اختناقا ملحوظا. وما زاد الطين بلة هو امتلاء الحفر الخطيرة بتلك الشوارع بمياه الأمطار، وهو ما شكل خطورة كبرى على أرباب مستعملي الطريق الذين لا ينتبهون لوجودها بسبب غمرها بالمياه. وفي مدينة سلا، اضطر المواطنون للوقوف لوقت طويل قبل أن يصلوا إلى مقرات عملهم بسبب الاختناق المروري الشديد، وخاصة قرب قنطرة مولاي الحسن التي تشهد أشغال إنشاء «الترامواي». جاء ذلك بعد نشرة إنذارية لمديرية الأرصاد الجوية الوطنية أكدت فيه أنه من المتوقع هطول أمطار غزيرة، تراوحت ما بين 73 ملمترا سجلت بمدينة الحسيمة و8 ملمترات بآكادير. وعلمت «المساء» من سكان منطقة سيدي يحيى زعير أن سكان الأحياء الصفيحية المنتشرة بالمنطقة وبإقليم الصخيرات تمارة عانوا خلال اليومين الماضيين من تسرب الأمطار إلى منازلهم وسط تجاهل تام من طرف السلطات المحلية والمنتخبة، وما يثير الرعب في نفوسهم هو احتمال ارتفاع منسوب مياه واد يمر بالقرب منهم مما سيشكل خطورة كبرى على حياة سكان تلك الأحياء الصفيحية. وتشكلت برك مائية صغيرة وسط شارع محمد الخامس بالرباط، في الوقت الذي توجس فيه المسافرون عبر القطار من احتمال غمر المياه محطات القطار الرباط وأكدال، وهو السيناريو الذي وقع السنة الماضية وتسبب في توقف القطار عن العمل. وعبر عدد من المواطنين في تصريحات متطابقة ل «المساء» عن استيائهم الشديد من مستوى الخدمة التي تقدمها شركات توزيع الماء والكهرباء المكلفة بصيانة قنوات الصرف المائي والصحي، موضحة أن تكرر غمر الفيضانات للشوارع والمحلات السكنية والتجارية «يبرز بوضوح أن تلك الشركات لا تلقي بالا لمصلحة المواطن». وينتقد المواطنون المجالس المسيرة للبلديات بسبب عدم مراقبتها لأسلوب عمل شركات توزيع الماء والكهرباء التي فوض لها تدبير القطاع، وأكدت أن المنتخبين ملزمون بتنبيه تلك الشركات إلى ضرورة صيانة القنوات المائية وقنوات الصرف الصحي قبيل كل موسم أمطار، حتى يتقي المواطنون شر الفيضانات الموسمية. تجدر الإشارة إلى أن شتاء 2008 عرف مقتل نحو 40 مواطنا بسبب الفيضانات الهائلة التي شهدتها مناطق البلاد، وبشكل خاص منطقة الناظور وطنجة والغرب، فيما شهد شتاء 2009 مقتل حوالي 17 شخصا إما غرقا أو بسبب انهيار منازلهم. وتحدثت أرقام رسمية، وقتئذ، عن غمر مياه الأمطار لحوالي 2252 منزلا غمرتها المياه، و328 منزلا آخر تضرر بشكل جزئي و189 انهارت بشكل كامل، بمناطق تازة وفاس وميدلت والعرائش وبني ملال واشتوكة آيت باها ومدن وقرى الغرب.