اضطر عدد من أعوان السلطة، من مقدمين وشيوخ، في إحدى الملحقات الإدارية حديثة العهد بالبناء في فاس، إلى «إخراج» مكاتبهم إلى إحدى ساحات هذه الملحقة، بعدما تعذر عليهم الحصول على مكاتب في قاعاتها. وبدأ هؤلاء الشيوخ والمقدمين عملهم في ملحقة الزهور باستقبال العشرات من المواطنين للتوقيع على الشواهد الإدارية في الهواء الطلق، دون أن يعرفوا ماذا سيكون مصيرهم مع قدوم فصل الشتاء، حيث البرد القارس والأمطار. وكانت هذه الملحقة الإدارية، قبل اكتمال بنائها، تكتري منزلا في منطقة سايس في فاس خصصته لاحتضان موظفيها. وعرفت فترة الانتقال إلى البناية الجديدة، التي دشنت منذ حوالي شهرين، «سوء تفاهم» بين رجال الحرس الترابي، التابعين لقيادة «المخازنية»، وبين موظفين تابعين للجماعات المحلية، حول من له الأحقية في الحصول على مكاتب الملحقة الجديدة ذات العدد المحدود. وتم اللجوء، «في الوقت بدل الضائع»، إلى تشييد بناية صغيرة إضافية خصصت لاحتضان رجال القوات المساعدة، بينما تركت المكاتب الداخلية لموظفي الجماعة. وفي الوقت الذي تم تجاوز هذا «الأزمة» بين الطرفين، لم يفكر المسؤولون في وضعية المقدمين والشيوخ، وهم من دعامات وزارة الداخلية، ما دفعهم إلى إخراج مكاتبهم إلى الهواء الطلق. وتعاني هذه الفئة من أعوان وزارة الداخلية مما تصفه ب«الحيف»، بسبب أوضاعها المادية والقانونية الهشة التي لا تصل بالنسبة إلى المقدمين والشيوخ القرويين إلى الحد الأدنى للأجور والذي تطالب الحكومة من رجال المال والأعمال تطبيقه في معاملهم وضيعاتهم. وإلى جانب التوقيع على الشواهد الإدارية التي تهم المواطنين، فإن أعوان السلطة يطالبون من لدن وزارة الداخلية بالمشاركة في الدوريات التي يتم تنفيذها ضد الباعة المتجولين وفي حملات هدم دور الصفيح ويكونون ملزمين برفع «إخباريات» فورية عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية في النفوذ الترابي الذي يشتغلون فيه. وقد أسندت إليهم وزارة الداخلية، سواء في العالم القروي أو الحضري، منذ حوالي شهرين، عدة مهام ضمنها القيام بإحصاء لجميع الزوايا والأضرحة التي توجد في مجالاتهم، ورفع تقارير عن الحالة الأمنية يتطرقون فيها لأسماء المشتبه في قيامهم بأعمال مخالفة للقانون، بما فيها الدعارة وترويج الخمور والمخدرات والانتماء إلى تيارات دينية متطرفة. وطلب منهم تطبيق «المفهوم الجديد للسلطة»، عبر حسن الإصغاء إلى شكايات المواطنين ورفعها إلى مسؤوليهم من رجال السلطة. وقد بدأ بعض من هؤلاء، في الأسبوع الأخير، في تحيين اللوائح الانتخابية وتسجيل الناخبين الجدد. وعلاوة على ذلك، فإن الشيوخ والمقدمين القرويين يقومون بأعمال «سخرة» لإيصال رسائل بريد المغرب إلى المواطنين ومدهم بالشكايات وقرارات المحاكم واستدعاءات الدرك، لكن دون أن تتجاوز «التعويضات» التي تمنح لهم قيمة 1500 درهم، ودون أن يقر القانون أي تقاعد لفائدتهم، في حين تبقى «جريمة» تشجيع البناء العشوائي مسلطة عليهم في كل وقت وحين.