لم يكن (م.ح) يعلم أن مصيره سيكون مؤلما ومأساويا، ولم يكن يعلم بأن الطعنة القاتلة ستأتيه من أحد رفاق الحي الذي يقطن به. ففي إحدى الليالي، استغل (م.ح) البالغ من العمر 32 سنة، غياب أمه التي كانت في زيارة إلى ابنتها الحامل وتركته وحده بالمنزل، فاستدعى أصدقاءه من أجل قضاء ليلة ماجنة بمنزل العائلة بمنطقة الهراويين بالدار البيضاء، انتهت به إلى القبر مباشرة. كانت هذه الليلة الماجنة تضم الضحية و(ش.ه) البالغ من العمر 24 سنة، و (ع. د) البالغ من العمر 35 سنة، متزوج وأب لطفلين، و (م. س) البالغ من العمر 27 سنة، فضلا عن فتاتين تقطنان بحي للامريم بالدار البيضاء. انخرط الجميع في شرب الخمر إلى أن لعبت بعقولهم. وفي حدود الساعة الخامسة صباحا نشب صراع بين الضحية والمتهم الرئيسي في هذه القضية (م. س.) بعدما عمد الضحية إلى التحرش بإحدى الفتاتين. تحالف الجميع ضد الضحية، فقاموا أولا بتكبيل يديه، ثم عمدوا إلى تكبيل رجليه. وحتى لا يثير أي ضجة أو حتى لا يصرخ، عمدوا إلى حشو فمه بقطع من القماش والجرائد والبلاستيك. بعد ذلك أخذوا يضربونه في جميع أنحاء جسده، وقام أحدهم بتوجيه طعنات إلى جسده بمقص. وبعد أن أتموا عملهم خرجوا من المنزل في الصباح الباكر، وغادر كل واحد إلى حال سبيله، فيما ظل الضحية (م. ح) مضرجا في دمه يصارع الموت. وفي اليوم الموالي، عادت الأم (ز. أ) إلى بيت العائلة. غير أنها بمجرد ما فتحت باب المنزل، فوجئت بابنها ملقى على الأرض، مكبل اليدين والرجلين بواسطة حبل ومكمم الفم، والدم ينزف منه. ولم يكن حينها قد فارق الحياة. بدأت في البداية تفرغ فمه من قطع القماش والبلاستيك والجرائد، ثم قامت بإخبار الأجهزة الأمنية. وفي طريقه إلى المستشفى، لفظ (م. ح) أنفاسه الأخيرة. روت الأم رواية مختلفة عن رواية الدرك الملكي. وقالت للمحققين إن ابنها قبل أن يلفظ أنفاسه حكى لها الوقائع كلها. تقول إن المتهم الرئيسي الذي يقطن بجوار منزلهم، حضر رفقة شخصين وفتاتين على الساعة الثانية صباحا، فطلبوا من الضحية أن يسمح لهم بالدخول إلى المنزل من أجل قضاء ليلة ماجنة، وكان الرفاق يحملون معهم قنينات خمر. وواصلت الأم حديثها قائلة إن ابنها رفض الفكرة رفضا قاطعا، وأغلق الباب دونهم. غير أنه في حدود الخامسة صباحا، عاد الرفاق مجددا، وطرقوا الباب، ففتحه الضحية، وتمكنوا من الدخول إلى المنزل بالقوة. وعندما واجههم، قاموا بتكبيل يديه ورجليه، وحشوا فمه بقطع القماش والجرائد، وأشبعوه ضربا، وطعنوه بالمقص في أنحاء مختلفة من جسده، وخرجوا من المنزل وتركوه وراءهم يصارع الموت وحيدا بالمنزل. وعندما عادت الأم إلى المنزل، في صباح اليوم الموالي، اكتشفت الجريمة وأخطرت عناصر الدرك بالأمر، الذين حضروا إلى عين المكان وعاينوا الضحية. الرواية التي تقدمها عناصر الدرك تختلف عن رواية الأم. فالجريمة، بالنسبة للدرك الملكي، وقعت بسبب جلسة خمرية جمعت الضحية بالجناة الأربعة (من بينهما فتاتان من حي للامريم بالدار البيضاء) بمنزل عائلة الضحية بالهراويين. وفي حدود الخامسة صباحا، خرجت إحدى الفتاتين من أجل قضاء حاجتها الطبيعية، وهي خليلة أحد الجناة، فحاول الضحية التحرش بها جنسيا، مما جعلها تصرخ وتستنجد، فاستيقظ الجميع من نومهم. واعتبر خليلها الفعل الذي قام به الضحية خيانة تستحق العقاب، فدخل معه في مشادات كلامية سرعان ما تحولت إلى عراك. وبفعل أن الجميع كانوا مخمورين، تحالف الجناة الأربعة ضد الضحية، فكبلوه فكان ما كان. وينتظر الجميع بمن فيهم عائلة الضحية، نتائج التحقيقات التي تجريها الأجهزة المختصة من أجل تحديد ملابسات هذه الجريمة التي هزت سكان الهروايين، خاصة في ظل تضارب الروايات حول مقتل (م. ح.). اعتقل الدرك الملكي بداية (م. س) الذي يقطن بجوار الضحية، ويعتقد أنه المتهم الرئيسي، وهو الذي اعترف بالجريمة وبشركائه، ليتم اعتقال الفتاتين و (ش. ه.) وقد أحيل الجميع على القضاء من أجل استكمال التحقيقات في هذه الجريمة.