«إن اتفاقا شاملا نهائيا غير ممكن في الظروف الحالية»، قال يوسي بيلين. وتعليل ذلك أن بنيامين نتنياهو لا يريد السلام وأن محمود عباس لا يستطيع أن يفي بالشروط الإسرائيلية للسلام. والحل الذي أصبح شعارا سياسيا هو اتفاق مرحلي طويل الأمد. يوجد سحر كبير في هذا الاقتراح الذي لا يشتمل على شيء، لكنه يتنكر بلباس حل مناسب ممكن. ما هي تلك التسوية المرحلية بالضبط؟ كي ترضي إسرائيل، يجب أن تشتمل على مادة تستطيع بحسبها الاستمرار في صب الإسمنت ونقل الناس إلى الضفة الغربيةوالقدس، وأن ترفض كل عودة للاجئين الفلسطينيين وتمنع تقسيم القدس، وربما يكون فيها، إذا وافق الطرفان، تصريح أجوف ما بإقامة دولة فلسطينية في المستقبل. إن التسوية المرحلية التي لا تشتمل على هذه المواد لن تجوز دهليز الكنيست. وماذا عن الفلسطينيين؟ ماذا سيربحون من التسوية المرحلية؟ رزمة تفضلات تشتمل على إزالة حواجز، وسماح بتجارة حرة، وتحرير أسرى، لأن هذه دائما سلعة ممتازة موجودة بوفرة في السجون الإسرائيلية، والسيطرة التامة على المناطق «ب» والمدن الآهلة في المناطق «ج» أو، لمزيد من الدقة، السيطرة المدنية لأن الجيش الإسرائيلي سيحتفظ لنفسه بالحق في المطالبات الساخنة، وتصريح بتأييد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، لكن بعد جيلين أو ثلاثة. إن من يزعم أن اتفاق أوسلو كان إخفاقا، لأنه لم يلب مطالب الفلسطينيين وهدد المستوطنات، لا يستطيع أن يؤيد، برأي صاف، تسوية مرحلية تكون أقل من أوسلو أو تسوية مرحلية على العموم. أليس معارضو اتفاق أوسلو هم الذين ينسبون إليه نشوب الانتفاضة؟ وماذا سيكون التجديد في التسوية المرحلية؟ انتفاضة محققة أخرى؟ إن مؤيدي التسوية المرحلية على حق في زعمهم أنه توجد الآن صعوبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق شامل نهائي. لكنها نفس الصعوبة التي تصحب إسرائيل والفلسطينيين، منذ 1993 على الأقل، وتجعل كل تسوية مرحلية خطرة على نحو خاص لأن تحطمها، وهذا محقق بسبب فراغها، يبعد الاتفاق النهائي أكثر. ويقول مؤيدوها، في واقع الأمر، إن هذا سيكون اتفاقا مرحليا أبديا. يمكن، في الحقيقة، أن نقول إن الحديث، أصلا، عن صراع دائم لا يقبل الحل يتوقع أن ينفجر مثل بركان نشيط في كل لحظة أو أن يخمد 400 سنة. نوع من كارثة طبيعية. ويمكن أن نوقف مرة واحدة أيضا المحادثات المباشرة وأن نقول لمحمود عباس: المعذرة أخطأنا، كنا نظن أننا نستطيع التوصل إلى تسوية، لكنه لا مناص.. ستضطرون إلى العيش تحت الاحتلال حتى نهاية الأجيال. لن نمس بسوء مراقص رام الله الليلية وسنحضر افتتاح مصانع جديدة، لكنكم لن تحصلوا على دولة تخصكم. ويمكن، في مقابل ذلك، أن نستوضح، مرة أخرى، هل الاتفاق الشامل غير ممكن كثيرا حقا؟ إذا كان يوجد اتفاق على مبدأ تبادل الأراضي، وإذا كان من المتفق عليه، مبدئيا، أن تظل الكتل الاستيطانية الكبيرة داخل إسرائيل، فلماذا لا نسبق ونرسم حدود دولة إسرائيل الجديدة كما تقترح ذلك واشنطن ونبحث مسألة البناء بعد ذلك فقط؟ صحيح لا يستطيع رسم الحدود أن يتجاهل مسألة تقسيم القدس وسيخرج أريئيل عن حدود إسرائيل، لكن هذا بالضبط هدف التفاوض.. أن نجد نقط الاتفاق لأن إحرازها لن يكون أسهل في التسوية المرحلية. أكثر الأمور تشجيعا في هذه الجولة هو تحالف الزعماء المشاركين فيها. يشك في أن يوجد في الجانب الفلسطيني زعيم بعد محمود عباس يكون من الممكن التوصل معه إلى تسوية ما أو يتمتع بتأييد عربي واسع إلى هذا الحد لخطواته. ليس شابا وقد يترك العمل في كل وقت. ليس بنيامين نتنياهو في حقيقة الأمر معنيا بالمسيرة السلمية، لكنه ما زال يخشى الولاياتالمتحدة. ورغم الأعلام العقائدية التي يرفعها، فإنه ليس من نوع من غطيت أعينهم من الملتفين حوله من اليمين. والأهم بين هؤلاء جميعا هو رئيس الولاياتالمتحدة الذي قرر أن يدخل المستنقع النتن وأن يصفع من يحتاج إلى الصفع في الطريق. ربما يكون هذا تحالفا لا يعرف كيف يحرز اتفاقا، لكنه سيعرف كيف يبيع هذا الاتفاق إذا أحرز. يحسن استغلال هذه القدرة من أجل اتفاق شامل وعدم هدرها في تسوية مرحلية. عن ال«هآرتس» تسفي بارئيل