الفاتح من شهر أكتوبر القادم هو التاريخ الرسمي المحدد لدخول مدونة السير الجديدة حيز التنفيذ بعد أن أثارت عاصفة من الجدل، وسلسلة من الإضرابات التي لاشك أنها ستتواصل بعد أن تظهر الأعراض الجانبية لعدد من البنود التي أتت بها المدونة، خاصة أن الحملات التحسيسية التي وعدت بها الوزارة لم تنجح في كشف بعض المخالفات التي سيجد عدد من المواطنين أنفسهم متورطين فيها، في حين ظلت بعض الالتزامات التي قدمها كريم غلاب معلقة إلى الآن. وزير النقل والتجهيز كريم غلاب، الذي يحاول جاهدا إفراغ الاحتجاجات المناهضة للمدونة من محتواها وإشهارها على أنها أصوات نشاز، سيجد نفسه في مواجهة إضرابي 20 و27 من هذا الشهر، رغم الجدل الذي أثير حول الأهداف المرجوة منهما، في ظل الاتهامات التي وجهتها عدد من الجمعيات المهنية لبعض النقابات بتجاوز القواعد وخيانتها، والتفاوض بشكل مطبوخ مع الوزارة، مع تفريخ إضرابات «مخدومة» من طرف «وكلاء» لإضعاف الحركة المناهضة لبعض فصول المدونة التي قد تهدد الاستقرار النفسي والاجتماعي لملايين المغاربة، خاصة أن المدونة تتضمن عقوبات حبسية ستطبق في ظل نظام قضائي يستشري فيه الفساد والرشوة. كما أن عددا من الجمعيات المهنية، ومنها تلك المنضوية تحت لواء التنسيقية الوطنية للنقل الطرقي بالمغرب، عبرت بصراحة عن توظيف بعض النقابات لمشروع المدونة بشكل عمق التشرذم الذي يطبع الساحة النقابية بالمغرب، وهو ما مكن وزير النقل من اختيار حوار على المقاس مع نقابات كانت تعارض المدونة بشدة قبل أن تقبلها مع بعض التحفظات التي مهدت لإضراب 20 شتنبر، وهو ما أثار استياء كبيرا في صفوف عدد من المنخرطين في جمعيات السائقين المهنيين، حيث لم يتردد بعضهم في اتهام مسؤولين نقابيين بخيانة السائقين المهنيين وتركهم عرضة للسجن والغرامات الباهظة، قبل أن يعلنوا من خلال التنسيقية الوطنية للنقل الطرقي القيام بإضراب وطني في 27 من هذا الشهر . كما أن التنسيقية تراهن على الإضرابات والحركات الاحتجاجية التي ستلي الشروع في تطبيق المدونة التي صادق عليها 55 نائبا من الغرفة الأولى و83 نائبا من الغرفة الثانية فقط، بعد أن يتساقط ضحايا المدونة الجديدة من المواطنين العاديين في ظل غياب الشروط اللازمة لتطبيقها من طرق وعلامات تشوير وعنصر بشري مؤهل. وأشارت إلى أن المدونة ستكون «همزة» لبعض المكلفين بفرض القانون من أجل رفع سقف الرشوة، وأبدت استعدادها لأي إجراءات استباقية قد تتخذها وزارة الداخلية كما حدث في إضراب 8/2/ 2010. ويوضح عدد من السائقين المهنيين أن سحب الرخصة من السائق المهني يعني تشريده وعائلته، كما يؤكدون على أن المدونة مجحفة أيضا في حق كل من يتوفر على سيارة، فارتكاب موظف أو طبيب أو مهندس لحادثة سير غير عمدية، وهو أمر يبقى ورادا في أي لحظة، قد يجعل منه ضيفا على السجون في حالة إدلاء المصاب بشهادة طبية تثبت مدة عجز تفوق21 يوما. كما أن غلاب سيجد نفسه في مواجهة أحزاب المعارضة بخصوص بعض الالتزامات التي وزعها في وقت سابق لاحتواء العاصفة التي أثارتها مدونة السير، وهي الخطوة التي بدأت الحكومة تستعد لها بشكل مبكر بعد أن أكد خالد الناصري الناطق الرسمي باسم الحكومة أن قرار الإضراب الذي تلوح به بعض النقابات والجمعيات غير مبني على أساس، وقال: «إذا كان الأمر يتعلق بحكومة متنطعة أقفلت باب النقاش، ورفضت استقبال النقابيين وأصرت على مشروع القانون كما تقدمت به لكانت الدعوة إلى الإضراب مبنية على أساس، لكن الواقع يشير إلى أن الحكومة استجابت للنقاش الذي استمر لما يربو على السنتين، وقبلت الكثير من التعديلات التي تقدمت بها النقابات. فماذا تنتظرون من الحكومة؟». واعتبر الناصري أن الحكومة عالجت ملف مدونة السير ب «شحنة قوية جدا من الحوارات والنقاشات وتبادل الآراء داخل البرلمان وخارجه ونظمت جولات من الحوار مع النقابات. كما أبدت انفتاحا قل نظيره بخصوص مدونة السير».