أبانت المحاولات البئيسة التي يقوم بها اليمين في إسبانيا لافتعال أزمات بين المملكتين المغربية والإسبانية، عن أزمة أخلاق حقيقية يعيشها هذا الحزب الذي يحاول إقحام المغرب في صراعه الداخلي مع الاشتراكيين الإسبان. عندما توجه خوسي ماريا أثنار، رئيس الوزراء اليميني السابق، إلى مليلية المحتلة، في ظروف تتسم بالتصعيد بين البلدين، كان يعلم تماما بأنه بزيارته تلك سيزيد من إحراج الحكومة الاشتراكية أمام المغاربة، خصوصا وأنها أبدت أكثر من مرة حرصها على حل الخلاف مع نظيرتها المغربية عبر القنوات الدبلوماسية والحوار، فيما آثر أثنار أن يعمق الكره الدفين بداخله تجاه جار إسبانيا الجنوبي، بسبب إيمان لا أساس له بكون المغرب ساهم في عزل الحزب الشعبي من كرسي رئاسة الوزراء الإسبان عندما تفجرت قطارات مدريد عشية إجراء الانتخابات التشريعية في ربيع 2004، وهو ما عصف بشعبيته في حينها وآلت نتائج الاقتراع إلى غريمه الحزب الاشتراكي بقيادة خوصي لويس ثاباتير. أثنار رحل إلى مليلية وبطاقته المهنية مؤثثة بأزمة أخرى سبق وأن كان بطلها، حينما افتعل أزمة خطيرة مع المغرب في صيف سنة 2002 بسبب جزيرة «ليلى»، وهو يحاول اليوم، إضافة إلى رفيقه ماريانو راخوي، القيام بعمليات استفزازية لشعور المغاربة، الذين يؤمنون بضرورة استرجاع سبتة ومليلية بالحوار مع الحكومة الاشتراكية الإسبانية. إن تعالي أصوات اليمينيين في إسبانيا، بقيادة أثنار، من شأنه أن يسمم العلاقات بين الدولتين، وصوت الحكمة يقول إنه يجب، في الوقت الراهن، التعامل مع خطوات اليمين بكثير من التعقل واعتبارها صادرة عن حزب معارض وليس من طرف الرسميين الإسبان، في انتظار ما ستسفر عنه اللقاءات المكثفة بين الجانبين والتي سيتخللها لقاء محتمل بين الملكين محمد السادس وخوان كارلوس قريبا.