«كارلا.. حياة سرية» كتاب جديد للصحافية المتخصصة في التحقيقات، بسمة لاهوري، سيصدر في غضون أيام قليلة عن دار النشر «فلاماريون». وقد تصدرت مضامين هذا الكتاب، حتى قبل صدوره، عناوين الصحف الفرنسية، لأنه يكشف عن تفاصيل مثيرة في حياة السيدة الأولى في فرنسا، بداية من الوحدة القاسية التي عانت منها في طفولتها، مرورا بلائحة عشاقها الكثيرين ووصولا إلى اضطرار نيكولا ساركوزي إلى التعامل مع هؤلاء العشاق الذين يطارده شبحهم في وسائل الإعلام... في الحوار التالي مع مؤلفة الكتاب تفاصيل مثيرة، بعضها يُكشَف لأول مرة، في انتظار صدور الكتاب الذي يُتوقَّع أن يخلق ضجة كبيرة، بعد أن رفضت كارلا التعاون مع لاهوري لتألفيه. - يثير كتابك «كارلا، حياة سرية» ضجة كبيرة حتى قبل صدوره، وراجت أنباء تفيد بأنكِ تبحثين عن مكان آمن تأوين إليه... ما صحة هذه الأنباء؟ لم نكن نتوقع، أنا وناشر هذا الكتاب، كل هذه الضجة التي أثارها المؤلَّف. لقد أخذ هذا الموضوع أبعادا مثيرة انطلقت شرارتها الأولى من الموقع الالكتروني لجريدة «لونوفيل أوبسيرفاتور»، الذي ادعى أنني سأكشف عن تفاصيل مثيرة عن الحياة الجنسية لكارلا بروني... لم يطلع الصحافي، كاتب ذلك المقال، على مضمون الكتاب ولم يُكلِّف نفسه عناءَ الاتصال بي، الشيء الذي أعاد إلى أذهاني سلسلة إشاعات سابقة بخصوص علاقة محتمَلة بين السيدة الأولى مع المغني بنيجامين بيولاي أو علاقة الرئيس مع إحدى وزيراته.. يجب أن نعترف بأن الناس يجدون صعوبة في فهم هذين الزوجين، ولذلك تنتشر أقل معلومة انتشار النار في الهشيم... - ألا تخشين رد فعل قصر الإيليزي؟ ورد فعل السيدة الأولى؟ هل مُنِعت، أثناء إنجازك الكتاب، من إتمام تحقيقاتك؟ أنا صحافية مستقلة ولا أشتغل في أي منبر إعلامي، وفرنسا دولة حريات. لم يستدع «الإيليزي» دار النشر «فلاماريون»، التي ستتولى نشر الكتاب. كما أنني لم أكن أسعى إلى تأليف «سيرة مرخَّص بها»، بل حرصت على العمل باستقلال تام وتحرير المؤلف بحد أقصى من الموضوعية. أومن بأن الإطراء لا يخدم مصلحة أحد، وأتمنى أن تتقبل كارلا بروني «البروفايل» الذي أنجزته عنها بشكل إيجابي. صحيح أنها أوصدت بعض الأبواب أمامي، لاسيما باب أمها ماريسا، لكنها لم تفلح في إبعادي عن السياسيين الذين عرفوها وكبار المصورين الفوتوغرافيين الذين تعاملت معهم وبعض عارضات الأزياء وأحد أزواجها السابقين. فرغم أن كارلا أنذرت الكثيرين وحذرتهم من التعامل معي، فإنها لم تتمكّن، بسبب علاقاتها الكثيرة، من إعلام الجميع بذلك. - هل سعيت إلى لقائها؟ استطعتُ ترتيب موعد مع مستشارها بيير شارون. ولما حدثته عن مشروعي، حاول إقناعي بالعدول عن إنجازه، قائلا إنه يبحث عن التعاون مع «صحافية زميلة». غير أن كلام شارون لم يمنعني من ترتيب عدد من المواعيد، كان أهمها مع ماريسا بروني، أم كارلا، التي أبدت موافقتها على استقبالي في لحظة أولى، قبل أن تتصل بي قبل يومين من موعد اللقاء لتخبرني بأن الموعد قد أُلغي، وقالت: «معنتْني ابنتي من التحدث إليك»!.. كان ذلك في مارس 2010، ثم اتصلت بالمسؤول عن الصحافة في ديوان كارلا، الذي أكد أن «السيدة الأولى» لن تتعاون من أجل إنجاز هذه المؤلَّف. - لا شك أن الكتاب الذي أنجزتِه عن اللاعب الدولي السابق زين الدين زيدان، عرقل عملك؟ كان قصر الإيليزي يخشى، من دون شك، أن أركز على الحياة الخاصة لسيدته الأولى فقط. تكونتْ لدي صورة جد إيجابية عن كارلا بروني، خصوصا أننا، نحن الفرنسيين، لا نقوم بشيء مثل الآخرين، تجاه رئيسنا المتزوج من نجمة مرموقة تختلف كليا عن برناديت شيراك، مثلا. ولما سافرتْ هذه السيدة البالغة من العمر 40 سنة إلى إنجلترا، سلّطت بعض الضوء على حياتها الخاصة وتنقلت هناك بكل حرية. وحينما لمحت السعادة التي تشعر بها عندما تُستقبَل من قِبَل الأسرتين الملكيتين، سواء في بريطانيا أو في إسبانيا، تساءلت كيف أمكن لها أن تتوفر على وجهين.. - وما هذان الوجهان؟ جميع الأشخاص الذين استطعت الحصول على شهاداتهم، والذين كانوا مقربين منها في فترة ما من حياتها، كمربيتها تيريزا بيلو، أو الذين رافقوها في مسيرتها كعارضة أزياء أو مغنية إلى أن صارت «حرم رئيس الجمهورية»، وصفوا جميعهم شخصيتها ب»المفكَّكة».. أحيانا، تكون كارلا خجولة جدا وتتحرى المهنية في الأعمال التي تقوم بها، وأحيانا أخرى، تصبح امرأة تنتفض بسرعة وتغضب بسرعة أكبر ومستعدة للقيام بأي شيء من أجل بلوغ أهدافها، بما في ذلك الاقتران برجل كان زملاؤها من اليسار، قبل أشهر قليلة، يتنافسون معه على خلافة جاك شيراك على رئاسة الجمهورية الفرنسية. - تكشفين عن امرأة طموحة و«ملتهمة للرجال».. ما هي الدوافع الحقيقية لهذه المرأة من وجهة نظرك؟ يمكن أن نختصر حياتَها كلَّها في هذه القصة الطريفة التي أرويها في الكتاب، فقد قررت منذ اللحظة التي ولجت فيها عالمَ عروض الأزياء، وكان سنها يناهز 17 سنة، أن تكون في المستقبل شخصية مهمة. كانت تعلم أنها ستصبح مشهورة. ولم تكن تُعير كبيرَ اهتمام يومئذ للموضة، خصوصا وأنها لم تكن تعاني من مشاكل مالية، وكانت كارلا في أعين الفوتوغرافيين، تقف على طرفي النقيض من النجمة ناعومي كامبل. إذ لم تكن كارلا مغنية مرموقة ولم تتصدر أغلفة المجلات النسائية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإنما كانت فقط امرأة جميلة ذات قدّ رشيق ووجه فاتن، يعترف لها الجميع بالمهنية ويُكْبر فيها المواظبة واحترام المواعيد. كما نجحت كارلا في اختراق مجال الغناء. غير أن كل المعطيات تشير إلى أن علاقاتها هي التي مكّنتْها من الشهرة التي وصلت إليها بعد نجاح ألبومها الأول. إنها تعشق الأخبار والكاميرات.. ينبغي الاعتراف بأنها تتمتع بقدرة هائلة على الإغراء، وقلة من الرجال يستطيعون مقاومتها... كنت أجهل، قبل تأليف هذا الكتاب، أن الخروج مع مايك جاغر كان حلمَ مراهقتها، وقد حققتْ هذا الحلم منذ أمد بعيد. كثيرا ما تتعمد كارلا تجاهل الاتصالات الهاتفية للنجوم، ولا ترد عليها إلا بعد أن يعيدوا محاولة ربط الاتصال بها مرات عديدة. فهي ليست امرأة جميلة وذكية وثرية ومثقفة ولكنها مراوِغة ممتازة، وهذا مزيج يطيح بالرجال أيا كانوا. ويبقى ساركوزي «أثمنَ طريدة» اقتنصتْها كارلا. فهل تعرفون رجلا يرغب في الزواج بعد 15 يوما فقط من تعرُّفه عليها؟.. حالة ساركوزي مختلفة تماما عن كل الذين جمعتهم علاقات مع كارلا. - ترسمين في أحد فصول الكتاب، الذي اخترتِ له عنوان «عشاق سابقون مرهقون قليلا»، صورة «جميلة» فاقدة لعناصر الواقعية؟ مدهش حقا أن يظل رئيس الدولة محاطا، طلية الوقت، بعشاق سابقين لزوجته كارلا بروني. ولا شك أن الجميع يتذكر صورة لويس بيرتينياك وهو يسبح جنبا إلى جنب مع الرئيس.. مرة، كنت في «الرأس الأسود» من أجل إنجاز هذا التحقيق، فلمحت الرئيس أثناء قيامه بجولة على متن دراجته الهوائية وإلى جانبه الممثل فانسون بيريز، ثم أخبرني بائع الجرائد في تلك المدينة بأن رافاييل إيثهوفين كان هناك أيضا. ولا أدري كيف يستطيع الرئيس فعل ذلك. - نعتها جون جاك بيكار، ذات مرة، بأنها «امرأة ذات جرعات كبيرة من النرجسية». أكان محقا، من وجهة نظرك؟ تهتم كارلا بنفسها بشكل خاص. إنها امرأة مهووسة بصورتها. إنها هكذا.. وعندما تعقّبْتُها من العاصمة الأمريكيةواشنطن إلى مناطق أخرى من العالم، لاحظتُ أنها كانت تُغيِّر من هيئة وقوفها، وأحيانا من طريقة مشيها، بمجرد ما تلمح كاميرا!.. كما أنها لا تتردد خلال استقبالها لأحد الصحافيين في مقر إقامتها من أجل إجراء استجواب صحافي في انتقاء كتاب من خزانتها المملوءة بالمصنَّفات لتقول إنها «امرأة مثقفة».. لكني أعتقد أنها ليست قوية في داخلها. - هل يرجع ذلك إلى المعاناة التي قاستْها في طفولتها؟ عانت كارلا من وحدة قاسية، لأنها علمت، متأخرة، أنها وُلدت نتيجة علاقة غير قانونية وأن أباها ليس ألبيرتو، كما كانت تعتقد. لقد تمكنتُ من الحديث مع مربيتها تيرزا بيلو في مدينة فيرون وحكت لي عن الحزن الكبير الذي انتاب كارلا بعد علمها بهذا الأمر. ظلت كارلا تنام مع مربيتها إلى أن بلغت من العمر ست سنوات، وهو أمر لم تعتده المربية في غيرها من الأطفال. كانت طفلة وحيدة وفي حاجة إلى من يحيطها بالرعاية. لم نتحدث عن الجراحة التجميلية، ولكنني أثير هذه القضية في كتابي، استنكرتْ سؤالها عنها من لدن صحافي في «ماث»، وقالت له «لا يعنيك هذا الأمر»!.. لقد فضّلتْ أن تنفي إجراءها أي عملية تجميلية، وإنْ كان الذين عرفوها في مراهقتها يؤكدون أن وجهها تغيرا كثيرا. فكارلا تتحمل كل شيء إلا ما يمكن أن يمس بصورتها... - يُعتبر الفصل المخصص لمؤسستها الأكثرَ إثارة في هذا الكتاب. «واجهة أنيقة، محارة فارغة». هل تعقدين أنها لا تقوم بأي عمل وليست لها قيمة مضافة؟ أعطت كارلا في البادية صورة جميلة عن فرنسا. إنها امرأة أنيقة وتختار لباسها بعناية فائقة. ولكن هذه المقومات غير كافية كي تكون «السيدةَ الأولى» في فرنسا، بل ينبغي عليها أن تدير وجهها نحو الناس. بينما هي لا تتحدث إلا عن نفسها ولا تحب أن تختلط بالناس. أما مؤسستها فيكفي الاطلاع على موقعها على شبكة الأنترنت للتأكد من أنها لا تقوم بأي شيء، إذا قارناها بمؤسسة برناديث شيراك التي أنجزت مشاريع عملية وذات أهمية كبيرة. لا تهتم كارلا بأي حدث يتصدر واجهة الأحداث، باستثناء المرأة الإيرانية المهدَّدة بالرجم، بتهمة الزنا، وهي القضية التي أدْلت بخصوصها بتصريحات سرعان ما انقلبت ضدها. ثمة بطبيعة الحال نضالها ضد السيدا في تسعينيات القرن الماضي، لكنها لم تحقق الشيء الكثير في هذا المجال، لأنها لا تنصت إلى الناس و»تعاف» الاقتراب منهم. كما أنها لا تقطن بقصر الإيليزي، إذ تريد أن تبقى حرة، بعيدا عن زخم الاستقبالات الرسمية وحفلات العشاء التي تنظم على شرف ضيوف رئيس الجمهورية.
ساركوزي يتجول على متن دراجة هوائية مع عشيق سابق لكارلا لكارلا وعشاقها قصة بل حكايات مثيرة. تضم لائحة عشاق كارلا أسماء عديدة لنجوم مشهورين وأشخاص آخرين كانت علاقتهم مع كارلا سببَ شهرتهم.. تناولت وسائل الإعلام حياة عشاق «السيدة الأولى» في فرنسا بإسهاب كبير على مدى شهور عديدة من وجودها إلى جانب رئيس الجمهورية. وما تزال قصصهم وصورهم مع كارلا «تطارد» ساركوزي وتلقي بظلالها على حضوره في وسائل الإعلام... وقد تحدثت بعض وسائل الإعلام عما أسمته «قدَر» ساركوزي في أن يصارع ماضي زوجته و«قبيلة» عشاقها وصورهم في الصحف والمجلات، واصفة كارلا بأنها «ملتهمة الرجال».. فهناك بطبيعة الحال، رفائيل إيثهوفن، الذي لازمته كارلا مدة غير قصيرة، ولم تتردد، حتى بعد انفصالهما، في مد يد العوم له للحصول على شقة، وهو ما قلّل مستشارها بيير شارون من أهميته، في تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام وقت تسرُّب هذا الخبر. كثيرا ما تقضي كارلا يوم الأحد في قصر الإيليزي، الذي لا تقطن فيه رغم أنها السيدة الأولى، لتشارك مائدة الطعام مع أبناء ساركوزي وأعمامه وخالاته، وفي مساء الأحد نفسه، تقاسم رفاييل كوبَ خمر حينما يأتي لزيارة ابنه. وقد ثبت أن حب كارلا يعني بالضرورة أن يقبل ساركوزي بوجود عشاقها السابقين في حياتها وحياته. وتعقب هذه الحسناء الإيطالية عن عجزها عن قطع علاقاتها بشكل نهائي مع عشاقها السابقين دائما بجملة واحدة: «لا أترك أي شخص بصفة نهائية، وإنما أحتفظ دائما بحبل الود موصولا». لم يعلم ساركوزي، إلا متأخرا، أنه قد انضم إلى «قبيلة» عشاق كارلا. ففي الإقامة الفاخرة لأسرة زوجته، يقطن أيضا رفائييل إيثهوفن والممثل فانوسن بيريز والمغني لويس بيرتينياك، وثلاثتهم وُجِّهت لهم الدعوة من كارلا شخصيا للسكن مع عائلتها. يبدي السكان مفاجأتهم الكبيرة برؤية رئيسهم يركب دراجة هوائية ويتجول مع العشاق السابقين لزوجته. يبدون أصدقاء وكأن ذلك أمر طبيعي...
طفولة منعزلة.. «كانت كارلا مختلفة، نحيفة جدا وناضجة للغاية، مقارنة بسنها» تقول تيريزا بيلو. كانت كارلا شديدة الحذر، ولذلك كانت تبقى في معظم الأوقات منزوية في ركن قصي. ويتذكر صديق عائلتها، جيان بيرو بونا، صورة طفلة تقسو كثيرا على أبيها وكانت علامات كثيرة توحي بأنها ستكون ممثلة بارعة في المستقبل. كانت كارلا تحت مراقبة دائمة وكانت تحظى بمكانة خاصة داخل أسرتها. لكنها لم تعلم إلا في وقت متأخر أنها ولدت نتيجة علاقة غير شرعية... وأمام لا مبالاة أخيها وأختها الحقيقيين بها، اضطرت لأنْ تتخذ لها نسب جدها لأمها اسما عائليا. غير أن ثمة عناصرَ مشتركةً بين كارلا وأختها جعلتهما تعملان بجد وتتحديان كثيرا من الصعاب، لتواجها غطرسة أخيهما فيرجينيو. ربما تسعى كارلا، عبر زواجها بالرئيس ساركوزي، إلى إثارة الانتباه إليها، من خلال الدور الذي سيناط بها، بصفتها «السيدةَ الأولى» في فرنسا، وفي ذلك رسالة مباشرة إلى عائلتها، قبْل الجميع... ويبدو أنها نجحت في ذلك، حيث ظهرت مع أمها بعد ذلك بأيام في صورة مشترَكة. فقد صارت كارلا، بعد زواجها بساركوزي، نجمة في سماء الإعلام الأوربي والعالمي، وهو ما يُمكِّنها من تسليط الضوء على كثير من أفراد عائلتها الذي أصبحوا مشهورين بدورهم. كما أن ساركوزي كان أصغر ثلاثة إخوة، تماما مثل كارلا.. وبدوره، لم ينل من أبيه ما يكفي من العناية والحنان والاهتمام. إنها عناصر مشترَكة، من ضمن أخرى كثيرة، بين شخصين قادتهما حاجتهما إلى التعارف مع أشخاص آخرين إلى «القفص الذهبي»...