- كيف جاءت مشاركتك في القتال إلى جانب الفلسطينيين ضد إسرائيل في نهاية الستينات؟ < ذهابي إلى فلسطين في تلك الفترة جاء في سياق تتبع النضال القومي العربي، فقد كنت آنذاك معلما في الجنوب ومنخرطا في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الكتابة الإقليمية بأكادير، وكان هناك طبعا الدور الذي كانت تقوم به إذاعة صوت العرب وأدبيات الثورة الفلسطينية ومطبوعات الثورة المصرية، هذا جعلنا حقيقة نفكر في اكتساب نوع من التكوين العسكري وأيضا المساهمة في نضال أشقائنا الفلسطينيين. وسرعان ما بدأت تحوم حولي الشبهات من طرف الأمن لأنني انخرطت في إعداد التنظيم السري للوحدات المسلحة للفقيه البصري عام 1966 بعد خروجه من السجن، هذا النشاط بدأ يصل إلى علم السلطات المغربية فاضطررت إلى الهروب في صيف 1968 عبر إسبانيا ثم فرنسا ثم الجزائر، حيث استقبلت من طرف إخواني حيث نزلت في الجزائر العاصمة بعض الوقت ريثما يتم ترتيب سفري إلى سوريا، وكنت أمام خيارين، إما الذهاب إلى كوبا لأن محمد اليازغي تمكن من الحصول على 50 منحة من نظام كاسترو في بداية 1966 بعد اغتيال المهدي بن بركة، ولكن لم يذهب أحد لأننا منعنا من جوازات السفر آنذاك، والخيار الثاني هو الذهاب رأسا إلى دمشق، لأن الفقيه البصري كان قد فتح قنوات الحوار مع حزب البعث في سوريا حول فتح معسكرات للتدريب بعدما أقفل الهواري بومدين بالجزائر هذه المعسكرات في وجوهنا بعد انقلابه الشهير في يونيو 1965 على أحمد بن بلة. وقد أسفرت هذه الحوارات مع حزب البعث السوري عن فتح معسكر الزبداني التابع لمنظمة الصاعقة في وجوهنا، وكنت أنا أول مغربي يتلقى تداريب في هذا المعسكر الواقع في ضواحي دمشق في نهاية الستينات. - من هم المغاربة الذين شاركوا معك في تلك التدريبات؟ < في البداية كنت أنا الوحيد، كتجربة أولى، وفي مارس 1969 حضرت مجموعات تتكون من 15 إلى 20 فردا، لكن الخطير أنها كانت بها اختراقات أمنية، لأن المخابرات المغربية لم تكتشف دخولي في البداية، والذي كان العامل الرئيسي في هذا الاختراق هو محمد أوراضي الذي رجع إلى باريس وقدم تقريرا في الموضوع إلى السفارة المغربية هناك، فأرسل الفقيه البصري عمر دهكون لقتله، فلقيه قرب محطة قطار سلا وأطلق عليه رصاصتين لكنه أصابه في فخذه. وكان من بين هؤلاء الذين وصلوا عام 1969 أحمد بن جلون وعمر الفرشي وأحمد بنونة والحسين شوجار والحسين التاغجيجتي وآيت عمي وآخرون. - ما هي طبيعة التداريب التي كنتم تخضعون لها؟ < كانت هناك تداريب على المتفجرات بمختلف أنواعها، وتركيبها وفكها، سواء كانت رسائل مفخخة أو صواعق والتي إن تي وغيرها، وكذلك الأسلحة بمختلف أنواعها مثل الرشاسات الثقيلة والخفيفة والمسدسات وقاذفات الإر بي جي والهاونات، ثم التكتيك العسكري ثم الهجوم والغارات والتطويق وفتح الثغرات. - ما هي الجنسيات التي كانت حاضرة في ذلك المعسكر؟ < كان هناك الفلسطينيون والسوريون، ولكن فيما بعد التحقت مجموعات أممية مثل الجيش الأحمر الياباني والجيش الشعبي التركي وحزب تودة الإيراني وحركة إيتا وجماعة بادر ماينهوف. - كم استمر تكوينكم هناك؟ < كانت حالتي خاصة لأنني قضية عاما في التداريب وبعد ذلك التحقت بالكلية الحربية السورية، أما المغاربة الآخرون الذين جاؤوا فيما بعد فقد دام تكوينهم ما بين شهرين إلى أربعة أشهر، ولكن هناك حالات مثل آيت بري والمالكي تم إنزالهم في الأهوار في شمال الأردن قريبا من إسرائيل، وكانوا ينفذون عمليات فدائية، بحيث إن آيت بري مثلا نفذ حوالي 40 عملية فدائية ضد الإسرائيليين. - هل كان هدف تلك التداريب هو العودة إلى المغرب وتنفيذ عمليات؟ < نعم، ولكن أيضا المشاركة في النضال الفلسطيني، لأنه لكي تكتسب التجربة لا بد أن تمارسها ميدانيا ولا يكفي أن تتعلمها، لكن في بداية عام 1971 كانت هناك اعتقالات واسعة في المغرب، الأمر الذي منعني من الدخول ودفعني إلى الالتحاق بالكلية الحربية السورية. - هل استشهد بعض هؤلاء المغاربة في العمليات الفدائية؟ < لم يستشهد أي شخص منهم، ولكن بعد الثمانينات بقي هناك أحد رفاقنا ويدعى الدباج الكبير وتوفي وفاة عادية فقط.