ذكرت مصادر إسبانية، أول أمس، أن مدريد دفعت لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي 8 ملايين دولار، في إطار صفقة سرية للإفراج عن ثلاثة من مواطنيها خُطفوا في موريتانيا في نونبر من العام الماضي، وهو الإفراج الذي حصل في شهر مارس المنصرم، بمقتضى تلك الصفقة التي تمت خلال مفاوضات جرت بين الطرفين، عبر وسطاء محليين من قبائل شمال مالي. وقالت المصادر، نقلا عن مسؤول جزائري في الأممالمتحدة، إن إسبانيا شكّلت بذلك الدولة الأوربيةَ التي دفعت أكبر فدية ل«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الاسم الذي باتت الجماعة السلفية للدعوة والقتال تطلقه على نفسها، بعد انضمامها إلى التنظيم الذي يقوده أسامة بن لادن، بعد إيطاليا وأستراليا وكندا، التي دفعت على التوالي 3 ملايين دولار ونصفا ومليوني دولار ونصفا ومليوني دولار، في أكبر صفقة مالية استفاد منها هذا التنظيم منذ ظهوره إلى اليوم. جاءت تلك المعلومات على لسان كمال رزاق بارا، مستشار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خلال ندوة حول الإرهاب الدولي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في الوقت الذي نفت الحكومة الإسبانية دفعَها أيَّ فدية لتنظيم القاعدة. وأظهر كشف الجزائر لتلك المعلومات الانزعاج القوي للنظام الجزائري من تلك الصفقة التي شكّلتْ توريطا خطيرا لبلدان المنطقة، التي تسعى إلى وضع تدابير أمنية واستخباراتية لمحاربة إرهاب تنظيم القاعدة في منطقة الساحل، لأن الصفقة التي أبرمتها مدريد مع هذا التنظيم، وقبلها بلدان أوربية أخرى، تُوجِّه رسالة إلى تنظيم القاعدة، مفادها أن الاختراق ممكن وأن عمليات خطف الرهائن أصبحت مُدِرّة للربح بالنسبة إليه، ما يعني أن هذا الأخير سينخرط أكثر في تلك العمليات في المرحلة المقبلة،.. كما أن تلك الصفقات تُظهِر أن سياسة التعاون والتنسيق بين بلدان المنطقة والاتحاد الأوربي، الذي تُشكِّل إسبانيا جزءا منه، سياسة ميتة، لأن الأوربيين يؤكدون، من خلال إبرام صفقات مع التنظيم، أنهم غير معنيين بها، وهو ما يعني اعترافا بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد يستفيد منه هذا الأخير في المواجهة المفتوحة بينه وبينه بلدان المنطقة. وحتى الآن، ترفض بلدان شمال إفريقيا التفاوضَ مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتمتنع عن دفع فديات مالية له للإفراج عن الرهائن الأوربيين وتطالب العواصمَ الأوربية بعدم التفاوض مع الخاطفين، لكن الصفقة الأخيرة التي أجرتها إسبانيا تؤكد أن بعض الدول الأوربية أصبحت تتجاوز بلدان المنطقة وتتفاوض مباشرة مع القاعدة.. وتتخوف بلدان المنطقة من أن تذهب المَبالغ المالية التي يحصل عليها هذا التنظيم الإرهابي إلى شراء مزيد من الأسلحة والعتاد العسكري، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف من عملياته الإرهابية ومن نوعيتها، إضافة إلى ما تتضمنه تلك الصفقات من اعتراف شبهِ رسمي بمشروعية التنظيم. وكان الرئيس الجزائري بوتفليقة قد طالب، في شتنبر 2009، الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرار يمنع دفع فدية للإرهابيين، لكن دون جدوى.