فرض نزيف الاستقالات، الذي عاشه حزب العدالة والتنمية في الآونة الأخيرة، على الأمين العام عبد الإله بنكيران التدخل من أجل السيطرة على الوضع في محاولة لإقناع عدد ممن أشهروا استقالتهم بالعودة أو عدم التصعيد، مع تقديم وعود بفتح حوار لإيجاد حلول سريعة، وتصحيح الاختلالات التنظيمية التي يعرفها الحزب على مستوى بعض المكاتب الإقليمية والجهوية. تحرك عبد الإله بنكيران يأتي في الوقت الذي يعيش فيه حزب العدالة والتنمية عددا من الرجات العنيفة، منها ما جرى في مدينة ميدلت وفضيحة الرشوة التي كان بطلها رئيس المجلس المنتمي للحزب، وكذا ما حدث بمدينة طنجة ودفع الحزب إلى إصدار قرارات تأديبية في حق 13 مستشارا جماعيا اختاروا عدم التصويت لفائدة مرشح العدالة والتنمية. وحسب ما أكدته مصادر مطلعة، فإن عبد الإله بنكيران عقد لقاء مع تسعة من أعضاء الحزب بالمكتب المسير لجماعة سيدي الطيبي، الذين قدموا استقالتهم في وقت سابق، ووجهوا رسالة إلى الأمين العام تتضمن سلسلة من الخروقات التي نسبت إلى رئيس الجماعة المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ومنها انفراده بالتسيير، والتقدم بشكوى ضد بعض الأعضاء إلى السلطة المحلية، وتبذير المال العام وتوظيف الأشباح والتغاضي عن استغلال سيارة المصلحة ووجود علاقة مشبوهة ببعض الموظفين، وهي نفس الرسالة التي أشارت بوضوح إلى أن العلاقة مع عزيز الرباح رئيس المجلس الجماعي للقنيطرة وصلت إلى طريق مسدود، حيث أكدت أن كل ما يجري كان في علم هذا الأخير، الذي أبدى، حسب رسالة الاستقالة، دعمه للرئيس في مواجهة أعضاء المجلس، مما دفعهم إلى اختيار الاستقالة، خاصة بعد أن تعامت الكتابة الإقليمية الجهوية عن احتجاجاتهم. اللقاء الذي عقده بنكيران يأتي في الوقت الذي باشرت لجنة من وزارة الداخلية افتحاصا لعدد من الملفات بجماعة سيدي الطيبي، التي تعرف العديد من الاختلالات بعد أن تحولت إلى مدينة عشوائية، وهي الاختلالات التي دفعت المواطنين إلى الاحتجاج بشكل أسبوعي أمام مقر الجماعة، رغم التدخلات القمعية التي تمارس في حقهم، والتي أدت إلى إصابة عدد منهم بكسور وجروح متفاوتة الخطورة. وفي نفس السياق، لم تخف مصادر من داخل الحزب استياءها من الطريقة التي صار ينهجها حزب المصباح، والتي أصحبت تعتمد على منطق الإقصاء، والتوسع انتخابيا ولو كان ذلك عن طريق منح التزكية لأشخاص لا يمثلون المبادئ التي يتبناها الحزب، وهي الأمور التي أكدت نفس المصادر أنها كانت سببا مباشرا في الأزمات التي يعيشها حزب العدالة والتنمية حاليا.