شرعت ساكنة حي سباتة، الذي شهد حادث انهيار جزء من سقف المسجد العتيق يوم الجمعة الماضي الموافق ليوم عيد الفطر، في جمع عريضة احتجاجية لرفعها إلى المسؤولين للمطالبة بإصلاح المسجد وتغيير الطاقم المسير له ورد الاعتبار إلى الساكنة، التي سبق أن راسلت مرات عدة المسؤولين بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بشأن الموضوع دون أن تنال مراسلاتها الاهتمام، حسب أحد المواطنين الذين تحدثت إليهم «المساء» أمس. وكشف المتحدث أن المسجد، الذي تم إغلاقه بقرار عاملي بعد الحادث مباشرة يوم الجمعة الماضي، كان يوجد في وضعية سيئة جدا، كما أنه يوجد في وضعية انحراف عن القبلة، لكون المهندس الذي أشرف على بنائه في فترة الحماية كان فرنسيا ولم يهتم كثيرا بهذا الجانب، وقال إن المسجد كان قد أغلق لمدة أشهر في الفترة الأخيرة بدعوى الإصلاح، في إطار الخطة التي باشرتها وزارة الأوقاف بتعليمات ملكية بعد انهيار مسجد باب البردعيين بمكناس في فبراير الماضي مخلفا واحدا وأربعين قتيلا، لكن بعد أن أعيد فتحه اكتشف المواطنون أن الأمر لم يكن يتعلق بإصلاح، بل ب«نهب» تعرض له الأثاث العتيق للمسجد، مثل الثريات التي تم تعويضها بمصابيح إنارة عادية، واختفاء الأخشاب التي كانت تسور المسجد، ولم يتم تبليط أرضيته بالزليج، بل تم الإبقاء على الوضع كما كان من قبل، حيث يصلي الناس على الأتربة التي تغطيها حصر بالية من الدوم. كما تم هدم بعض مرافقه مثل مراحيض جناح النساء التي تم إلحاقها بحمام مجاور من أجل توسيعه على حساب المسجد. وقال أحد المواطنين إن المصلين كانوا دائما في نزاع مستمر مع إمام المسجد، وصل أحيانا إلى حد التلفظ بألفاظ نابية، إذ كانوا دائما يطالبون برحيله ويكاتبون نظارة الوزارة بذلك دون فائدة. وقال المتحدث نفسه إن ما حصل يوم الجمعة الماضي قد يكون من باب «رب ضارة نافعة»، لأنه سوف يكون مناسبة لإدخال إصلاحات شاملة على المسجد. وأعرب عن تفاؤله من تشكيل لجنة تحقيق فيما حصل، وتساءل إن كان سيتم الذهاب في التحقيق إلى النهاية أم سيكون مصيره مثل مصير التحقيق الذي فتح في حادث مسجد باب البردعيين بمكناس الذي لم تظهر نتائجه بعد. وأعاد حادث يوم الجمعة الماضي تسليط الضوء على سياسة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تجاه قطاع المساجد، التي خصصت لها ميزانية ضخمة تهم إعادة النظر في التسيير والبناء والإصلاح منذ بدء ما يسمى بهيكلة المجال الديني في البلاد بعد تفجيرات الدارالبيضاء الإرهابية في ماي 2003، التي فتحت أعين الدولة على أهمية وضع سياسة جديدة لتدبير المساجد وأماكن العبادة في مجموع التراب الوطني، وهو الأمر الذي دفع الوزارة إلى إنشاء مديرية للمساجد لم تكن موجودة من قبل، وظف فيها العديد من أطر الدولة والمهندسين ومهندسي الدولة، مما كلف الخزينة مبالغ مالية باهظة، لكن السؤال الذي يطرحه المراقبون ينصب حول الكيفية التي تتم بها برمجة الأولويات داخل الوزارة، في وقت تنخرط هذه الأخيرة في مشاريع جديدة تستنزف ماليتها.