حذرت مصادر طبية من حالة التسيب التي أصبحت تعيشها مجموعة من المستشفيات العمومية، كمستشفى العياشي للعظام والمفاصل بسلا، التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا، والذي يقوم بطرد جميع النزلاء كل يوم جمعة ويغلق أبوابه إلى غاية يوم الاثنين. هذا الإجراء، الذي يجعل من هذا المستشفى استثناء غير مسبوق في تاريخ المستشفيات، يعود إلى قرار اتخذ -حسب ما أكده بعض العاملين في المستشفى- منذ حوالي سبعة أشهر بسبب قلة الموارد البشرية، وهو الأمر الذي يدفع ثمنه النزلاء، ومعظمهم يفدون من مدن بعيدة، حيث يجدون أنفسهم في الشارع مع حلول يوم الجمعة، ويكون أمامهم خياران أحلاهما مر: إما العودة إلى مدنهم البعيدة، مثل فاس أو مراكش، أو اللجوء إلى الأقارب المقيمين إما بالرباط أو سلا، وأحيانا تتطوع بعض العائلات لاستقبالهم تعاطفا معهم في ما يمرون به من ظروف صعبة، علما بأن بعضهم يغادر باب المستشفى محمولا من طرف أفراد أسرته. ذات المصادر أكدت أن طبيعة الأمراض التي يعاني منها معظم النزلاء تجعل قدرتهم على التحرك محدودة بسبب الآلام الشديدة التي يشعرون بها كلما حاولوا الحركة، بل حتى دون بذل أي جهد عضلي مهما كان يسيرا، خاصة منهم مرضى المفاصل وكذا الأشخاص الذين يحتاجون إلى ترويض طبي عقب تدخلات جراحية أو إصابات خطيرة. وأضافت ذات المصادر أن هذا القرار، مهما كانت مبرراته، يشكل نوعا من الاستهتار بالمسؤولية وبصحة النزلاء بعد أن أصبحت مجموعة من المستشفيات العمومية تسير وفق القرارات الإدارية التي تتحكم فيها الأهواء، ولا أدل على ذلك من كونها تشتغل أربعة أيام في الأسبوع فقط قبل أن تغلق أبوابها كما لو كانت ملكا خاصا. كما اعتبرت ذات المصادر أن ما يحدث بهذا المستشفى، الذي لا يبعد عن مكتب وزيرة الصحة ياسمينة بادو إلا بكيلومترات معدودة، يفضح حقيقة الوضع الصحي بالمغرب، ويطرح تساؤلات حول واقع المستشفيات التي تقع في مناطق نائية، علما بأن الاستفادة من خدمات مستشفى العياشي، التي تتضمن علاج أمراض العظام والمفاصل والترويض الطبي، هي خدمات مؤدى عنها، وتمكن المستشفى من تحقيق مداخيل مهمة. «المساء» زارت مستشفى العياشي من أجل التأكد من حقيقة ما يحدث، فوجدت الباب مغلقا، قبل أن يقترب منا عون حراسة ويؤكد لنا أن المستشفى فارغ وأنه يتعين علينا العودة يوم الاثنين، كما جربنا الاتصال بالإدارة عبر الهاتف من أجل استفسارها عن ملابسات اتخاذ قرار بإغلاق المستشفى لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، لكن دون جدوى.