في تطور مفاجئ للتحقيقات، التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع صحافيين اثنين من جريدة «الصباح» ومدير نشرها في قضية تسريب مداولات المجلس الأعلى للقضاء، قرر وزير العدل محمد الناصري توقيف قاضيين عضوين بالمجلس نفسه. وينتظر أن يحال القاضيان الموقوفان على المجلس الأعلى للقضاء كهيئة تأديبية، للنظر في مضامين التهم المنسوبة إليهما حول إفشاء أسرار مداولات المجلس الأخيرة، التي تهم تنقيلات مسؤولين قضائيين قبل أن تحظى بالمصادقة من طرف الملك محمد السادس. وذكر بلاغ لوزارة العدل أن التوقيف شمل كلا من القاضي جعفر حسون، الذي يرأس في الوقت نفسه المحكمة الإدارية بمراكش، والقاضي محمد أمغار، الذي يشغل منصب نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بإفران، بناء على نتائج البحث الذي باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع الصحافيين ومدير نشر جريدة «الصباح» حول المقال الذي تضمن، حسب مصادر رفيعة، معطيات غير دقيقة تخص الديوان الملكي. وجاء في بلاغ وزارة العدل أن البحث الشامل، الذي قامت به الفرقة الوطنية، هو الذي قاد إلى الكشف عن المتورطين في إفشاء سرية بعض نتائج أشغال المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة وتحديد من زود الجريدة المذكورة بالمعلومات المتعلقة بالمداولات السرية للمجلس قبل رفعها والمصادقة عليها من طرف الملك. وذكر مصدر مطلع أن الخلية التقنية بالفرقة الوطنية اطلعت على المكالمات، التي توصل بها الصحافيان بالجريدة المذكورة، بعدما تم حجز هاتفيهما النقالين. وقد قاد البحث، الذي قامت به الخلية التقنية، إلى التعرف على هوية مصدر المكالمات، وهو مسؤول قضائي بمدينة تطوان، تمكن من «استدراج» أحد القاضيين الموقوفين للتعرف على مداولات المجلس قبل أن يوظفها في صراعه مع مسؤول قضائي آخر بالمدينة نفسها. كما أن الفرقة الوطنية، حسب المصدر نفسه، لم تجد أي صعوبة في الوصول إلى المصادر التي استند إليها الصحافيان في تحرير خبرهما بعد أن كشف المعنيان بالأمر (خالد الحري وخالد العطاوي) أثناء التحقيق معهما عن جميع الملابسات التي أحاطت بتحرير الخبر ولائحة المصادر التي كانت وراء تسريبه. وفي سياق ذي صلة، ذكر المصدر ذاته أن الفرقة الوطنية أعادت الاستماع من جديد في هذه القضية، إلى عبد المنعم دلمي، مدير نشر الجريدة، بعدما استمعت إليه في المرة الأولى يوم 2 غشت الجاري، غير أن مصدرا آخر قال إن استدعاء دلمي من طرف الفرقة الوطنية كان في ملف آخر يعود تاريخه إلى 5 سنوات. ولم يكشف مصدرنا عن طبيعة هذا الملف. وأشار المصدر ذاته إلى أن توقيف القاضي جعفر حسون لم يكن الأول من نوعه، إذ تم توقيفه سنة 2003 على إثر رسالة احتجاج وقعت من طرف بعض القضاة في عهد وزير العدل الأسبق محمد بوزوبع، تنديدا باعتقال بعض القضاة في ملف مخدرات له علاقة بقضية منير الرماش باستئنافية تطوان. وذكر المصدر نفسه أن هذا الخبر الذي نشرته «الصباح» لم يكن أول خبر تنشره الجريدة حول الدائرة القضائية لتطوان وتنحاز فيه إلى مسؤول قضائي ضد آخر، بل سبق للجريدة المذكورة أن نشرت في أواخر سنة 2008 خبرا تحت عنوان «المفتشية العامة تستمع إلى وكيل الملك بتطوان». وتضمن الخبر مداولات جلسة سرية أجرتها المفتشية العامة بوزارة العدل مع وكيل الملك وأقواله المدونة بمحضر المفتشية بأدق التفاصيل. وتوجه أصابع الاتهام في هذه القضية إلى نفس المسؤول القضائي بتطوان، الذي يتهم بكونه وراء تسريب مداولات هذه الجلسة.