انتقدت إحدى اللجان التابعة لهيئة الأممالمتحدة بشدة التصريحات الأخيرة للمسؤولين الفرنسيين في موضوع اللاجئين الروم (وهم مواطنون ينحدرون من بلغاريا ورومانيا) وفي موضوع خلع الجنسية عن بعض «المجرمين»، كما جاء في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ال30 من يوليوز المنقضي بمدينة غرونوبل. وفي أعقاب هذا الخطاب ذي النبرة العضلية، صرح بريس هورتفوه، وزير الداخلية، بأنه هدم 40 مجمعا عشوائيا للروم، ليلقي بهم بعد ذلك في الأزقة والطرقات. وفي اجتماعها المنعقد يومي الأربعاء والخميس الماضيين بجنيف، نددت لجنة الحد من الميز العنصري، التابعة للأمم المتحدة، بشدة بهذه التصريحات. وكانت اللجنة مكونة من 18 خبيرا، وعهد إليها بمهمة النظر في التقرير الذي تقدم به الجانب الفرنسي في موضوع الإجراءات المتخذة لمناهضة الميز العنصري. وهكذا نددت هذه اللجنة بالخلط الذي أحدثته فرنسا بين الروم والشعوب من الرحل الذين يقارب عددهم 400000 شخص، يحمل 95 في المائة منهم الجنسية الفرنسية. كما ندد الخبراء أيضا بتصريحات نيكولا ساركوزي ووزير الداخلية في موضوع إمكانية خلع الجنسية الفرنسية عن أي مواطن من أصل أجنبي في حالة ارتكابه لجريمة ما في حق رجل من رجالات الأمن، أو في حالة الزواج التعددي، أو ختن الفتيات. وقد أشار الخبير التركي وعضو اللجنة إلى أنه لا يفهم دلالة عبارة «فرنسي من أصل أجنبي» التي وردت في التقرير الفرنسي، متسائلا حول ما «إن كانت تلك التسمية تتطابق فعلا والدستور؟». وقد شدد مقرر الدورة، الأمريكي بيار-ريشار بروسبير، على تنامي العنصرية في فرنسا، مذكرا بأنه علىهذه الأخيرة أن تلعب دورها الرئيسي في حماية الحرية وحقوق الإنسان. وتابع المقرر كلامه قائلا إن ثمة تعارضا بين الصورة التي تقدمها فرنسا عن نفسها في الخارج وبين الواقع. أما الخبير الطوغولي فقد وقف عند «نقص الإرادة السياسية لدى المسؤولين الفرنسيين لتغيير هذه الأوضاع...». وكما كان متوقعا، فقد جاء رد الحكومة على لسان وزير الخارجية بيرنار كوشنير، ثم على لسان وزير الشؤون الأوربية بيار لولوش، ملفوفا في ديباجة خشبية تقول: «نحن دولة الحق والقانون». أما حزب التجمع من أجل أغلبية جمهورية والتابع للرئيس ساركوزي، فقد اعتلى المنصة لينتقد بعنف بالغ لجنة الخبراء. وهكذا أشار دومينيك باييه، الناطق الرسمي المساعد لهذا الحزب، إلى أن هؤلاء الخبراء ينحدرون من دول لا تحترم البتة حقوق الإنسان. أما كلود غيان، السكرتير العام للإليزيه، فقد وصف انتقادات اللجنة بكونها مجرد مونتاج، وأضاف أن أفرادا عبروا بشكل فردي عن آرائهم، ويجب انتظار رأي اللجنة التي ستقول كلمتها في ال27 من غشت. أما بريس هورتفوه فقد رد على هذه الانتقادات التي تمسه مباشرة بقوله إنه «لا توجد أية رغبة في تمييز مجموعة بعينها، وإنما يتعلق الأمر بتطبيق للقانون». وقد تزامنت هذه الانتقادات مع تلك التي وجهتها الصحافة الأوربية إلى الرئيس ساركوزي وإلى سياسته الأمنية المتشددة تجاه الأجانب. ولم تتردد الصحافة الأمريكية بدورها في الرد على نيات التشدد التي أعرب عنها نيكولا ساركوزي، إذ كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» افتتاحية بقلم ستيفين إرنغلر، تحت عنوان «عداء الأجانب: طرد اللافرنسيين»، أشارت فيها إلى أن الرئيس، الذي يحلو له أن يلقب نفسه ب«ساركو الأمريكي»، لا يعمل في الحقيقة سوى على تأجيج حميات خطيرة معادية للمهاجرين، في الوقت الذي لا يعدو فيه هو وزوجته، كارلا بروني، أن يكونا مجرد فرنسيين من أصول أجنبية.