سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليمين الفرنسي يعزف على نغمة الهجرة واللا أمن لتعويم أزماته الداخلية وخدمة مصالحه الانتخابية مقترَح ساركوزي بسحب الجنسية من «الفرنسيين من أصل أجنبي» يثير الجدال بين الفرنسيين
أثار (وما زال) ما أصبح يُعرف ب«خطاب غرونوبل» موجة من ردود الفعل في مختلف أوساط المجتمع الفرنسي وفئاته. الخطاب، الذي ألقاه نيكولا ساركوزي حمل مقترَح سحب الجنسية من الأشخاص من أصل أجنبي، الذين يتورطون في أعمال قتل ضد رجال الأمن أو الدرك أو أي فئة تتمتع بالسلطة العمومية. وفيما اعتبرته شخصيات الحزب الحاكم مقترَحاً دستوريا قابلا للأجْرأة، سارع المعارضون إلى نقده ومحاربته، لأنه لا يستند إلى أساس دستوري ولأنه يناقص مبادئ الجمهورية ولا يخدم إلا المصالح الانتخابوية لساركوزي ومؤيديه، باعتباره يعزف على وتر الهجرة واللا أمن، الذي اعتاد السياسيون استغلالَهما في حملاتهم واستراتيجياتهم الانتخابية. يرى المحللون السياسيون أن الاقتراحات التي أعلن عنها ساركوزي، قبل أيام، بشأن سحب الجنسية الفرنسية من الأجانب الذين يتورطون في أعمال شغب ضد رجال الأمن، جاءت لتكشف الهدفَ الحقيقي من النقاش الذي أطلقته الحكومة الحالية حول الهوية. حين أُطلق هذا «النقاش»، تساءل الكثيرون حول مبرراته، خاصة أنه جاء ملتصقا بمفهوم منفلت يستعصي على التعريف، وهو «الهوية الوطنية». النقاش أيقظ التخوفات وأشعل نار الكراهية لدى الفرنسيين الذين كانوا منشغلين بالظرفية الصعبة التي كانت تمر بها البلاد. وقد خلق النقاش «الجو النفسي» الملائم للاقتراح الجديد حول سحب الجنسية وإحياء الربط بين اللا أمن والهجرة، ليصبح من غير المستبعَد أن ينخرط أغلبية الفرنسيين في تأييد الاقتراح الذي أعلن عنه ساركوزي. فقد تم توجيه الرأي العام، بشكل ذكي، ويمكن للحكومة أن تهنئ نفسَها بهذه الاستراتيجية الناجحة. لكن الانسياق وراء الغرائز والأحكام الجاهزة لم يكن، أبدا، بالأمر الصعب، كما أن الخطاب الأمني والشعْبَوي ظلا دائما يستميلان أغلبية الفرنسيين في الأوضاع الصعبة، بل إن المبتغى منهما هو هذه النتيجة ذاتها. لكن المدافعين عن القانون وقيم الجمهورية يقولون بضرورة بقاء المعارضة قائمة وإن هنالك قيما لا يمكن مقايضتها وأخلاق يجب احترامها وذاكرة ينبغي أن تُحصِّن العقول ضد الانحرافات، من منطلق أننا نعيش في عالم القانون والحق، حيث يسهم القانون في تحديد مفهوم الإنسانية. ويعتبر المعارضون أن سحب الجنسية من حامليها يعني حرمانَهم من حقهم الأول ومن وضعهم كمواطنين وأناس يعيشون في المجتمع. بمثل هذا الشكل، بدأت القوانين المضادة لليهود، أي بسحب الجنسية من اليهود الفرنسيين، لتسهيل ترحيلهم. فكيف يمكن تجاهل التاريخ؟ كيف يمكن نسيان الحيطة والحذر اللذين تفرضهما علينا وحشية الأمس؟... إذا كانت الجنسية ستُسحَب من المنحرفين الفرنسيين من أصول أجنبية، فأيَّ جنسية سيحملون، إذن؟ هل سيحملون جنسية آبائهم أم أجدادهم؟.. كيف وهم لا يعرفون عن بلدانهم الأصلية إلا القليل؟.. سيكونون، إذن، «بدون» رمزيين، علما بأنهم كذلك في الأصل. حينها لن يكون لهم أي ملاذ ممكن، بعد أن يُجرَّدوا من جنسيتهم ومواطَنتهم. ويتساءل المعارضون لمقترَح القانون الرئاسي: لماذا لا يُعامَل المنحرفون والمشاغبون، ببساطة، ويحاكَمون من أجل الأخطاء التي ارتكبوها؟ هل عدالتنا عاجزة إلى هذا الحد؟ لماذا الرد على استفزازاتهم باستفزازات من نفس النوع؟ لماذا تغيير القوانين حتى وإن كانت تتنافى والدستور فقط من أجل بعض هؤلاء المنحرفين؟.. لقد جاء مقترَح القانون، بالنسبة إلى معارضيه، ليؤكد فكرة الجزر المهجورة من قبل الجمهورية داخل التراب الفرنسي نفسِه، كما يعتبرون أن مثل هذه القوانين الاستثنائية تبقى اعتباطية، من حيث أنها تطرح أسئلة: من يرسم حدود ما يوجِب، أو لا، سحبَ الجنسية من هذا الشخص أو ذاك؟ كيف يمكن رسم هذه الحدود؟ مَن، وباسم ماذا، يمكن الجزم بأنه تم تجاوز الحد الفاصل بين حق حمل الجنسية وحق سحبها؟.. الحقيقة هي أن المقترَح يفتح الباب أمام سياسة التمييز التي تبرر نفسها بنفسها، من خلال الربط بين الجريمة والأصل. إذا كان المعارضون لمقترَح القرار الرئاسي ينتصرون لمبادئ حقوق الإنسان والجمهورية، فمؤيدوه يبنون مبرراتهم على مبدأ احترام القوانين. في هذا السياق، قال وزير الصناعة كريستيان إستروسي، (عمدة مدينة نيس عن الحزب الحاكم)، يوم الاثنين الماضي، إنه «يجب ألا نقبل بتحريف التزامات وأقوال رئيس الجمهورية. لكنْ، عندما يطلب شخص ما، قبل ثلاث، أربع، خمس أو عشر سنوات، الحصولَ على الجنسية الفرنسية وبعد أن يحصل عليها ثم يرفض عددا من المبادئ، ويخرق، خاصة، القانون، فهذا غير مقبول». ويضيف أنه «يعود للبرلمان أن يحدد سقفا معينا» يُمكِّن من معرفة الحد الذي ينبغي الوقوف عنده في حالات إعادة النظر في التمتع بالجنسية الفرنسية. وقد وضح وزيرٌ الإشكالَ الذي يطرحه مقترَح القانون من الناحية القانونية بالقول: «طبعا، عندما يكون الشخص فرنسيا من الجيل الأول ومارس مسؤوليات اجتماعية وعائلية وأسرية في بلادنا منذ 30، 40 أو 50 سنة، فهو غير معني. لكن الشخص الذي انتظم في إطار معيَّن، قبل ثلاث أو أربع سنوات، وأصبح يحاول أن يبين بجميع الوسائل أن من حقه أن يحصل على الجنسية الفرنسية، فإننا نقول له: عليك أن تختار بين أن تقبل بقوانيننا أو بخرقها». ولم يتوقف الوزير، الذي كان يتحدث لإذاعة «أوربا 1»، عند هذا الحد، بل اتهم اليسارَ السياسي الفرنسي بالتواطؤ مع المنحرفين، عندما صرح بأنه «عندما يختار اليسار الامتناع عن فعل شيء، فإنه يصبح شريكا مدنيا للمنحرفين ومتواطئا سياسيا مع الجبهة الوطنية، لمحاولة الاستفادة من الوضع». وفي حديثه، علَّق على تصريحات ميشيل روكار، الوزير الأول السابق عن الحزب الاشتراكي، الذي وجّه نقدا لاذعا للرئيس ساركوزي، فقال إن روكار «منفصل تماما عن الحقيقة»، وأضاف أنه «منذ أن لم يعد يمارس أي مسؤولية سياسية، تغيرت فرنسا»، وختم حديثه بالقول: «إننا اليوم أمام ضرورة إنقاذ ميثاقنا الوطني والجمهوري: أن يكون المرء فرنسيا يعني القبول بالواجبات». في السياق نفسه، أعلن وزير الداخلية، بريس أورتفو، أنه سيقدم إلى الرئيس ساركوزي، نهاية الشهر الجاري، «مقترحات للتطبيق القضائي» لقرار سحب الجنسية الفرنسية، خاصة في قضايا قتل رجال الأمن أو تعدد الزوجات، بل حتى في قضايا ختان البنات. حاليا، تؤطر قرارات سحب الجنسية، بشكل صارم، بالقانون. فالمادة 25 من القانون المدني، التي تم تعديلها آخر مرة بقانون غيغو (وزيرة العدل الاشتراكية السابقة) في 16 مارس 1998، تنص على أن «الشخص الذي اكتسب الجنسية الفرنسية يمكنه، بموجب مرسوم صادر بعد رأي مطابق من مجلس الدولة، أن يُجرَّد من الجنسية الفرنسية إلا إذا جعل منه هذا الجرد شخصا لا جنسية له». أما الكاتبة الأولى للحزب الاشتراكي، مارتين أوبري، فقد نددت بما أسمته «الانحراف المعاكس للاتجاه الجمهوري»، كما أن وزير العدل الأسبق، روبير بادنتير، وأساتذة في القانون الدستوري أشارا إلى أن المادة الأولى من الدستور تمنع التمييز بين الفرنسيين، بناء على أصولهم. وأوضح بادينتير أن الإجراء الذي تنوي حكومة ساركوزي تطبيقه «منافٍ لروح الجمهورية وخطأ سياسي، لأن جوهر المشكل هو شعور بعض الفرنسيين (الذين يسميهم ساركوزي الفرنسيين من أصول أجنبية) بأن يبقوا أجانب عن الأمة، رغم بطاقة تعريفهم (الفرنسية)». ويرى النائب الاشتراكي، جاك لانغ، أن تطبيق إجراء كهذا يتطلب تغيير الدستور، «لكنني لا أرى كيف يمكن تغيير الدستور في الوقت الحالي، لاعتماد نص كهذا، منافٍ للمبادئ الدستورية حول المساواة بين المواطنين». من جهته، اعتبر فرانسوا بايرو أن مثل هذه التصريحات لها أهداف أخرى، مصرحا بأن «البولميك» هو أفضل وسيلة للتواصل وإعادة رص الصفوف حول الفرد عندما تكون نتائج استطلاعات الرأي متدنية (...)، لكن المؤسف أن هذا «البولميك» يدور حول مواضيع لها تداعيات خطيرة على فرنسا»...
ميشيل روكار الوزير الأول الاشتراكي الأسبق في حوار مع أسبوعية «ماريان»: «ساركوزي سيؤدي الثمن غاليا... ويستحق ذلك»!.. - هل تتفق مع خطاب غرونوبل الذي أعلن فيه رئيس الجمهورية عزمَه على سحب الجنسية الفرنسية من المواطنين ذوي الأصول الأجنبية الذين يهددون حياة رجل أمن أو أي شخص متمتع بالسلطة العمومية؟ ميشيل روكار: لا، لا أتفق معه، بالقطع. أنا أُدين مضمون ما قاله ساركوزي والطريقة معا (...) إنها قضية خطيرة. لقد بدأت مساري الإداري في مصلحة التجنيس. كنا، بالضبط، مكلفين بالقول لهؤلاء المجنسين من أصل أجنبي إن الجنسية الفرنسية مُنِحتْ لهم، بشكل تام ودون تحفظ وبشكل لا رجعة فيه. واليوم، يريد البعض أن يخلق فئة جديدة من «مواطنين من أصل أجنبي». لكنْ إذا كانوا يريدون أن يجعلوا لهذا الأمر قانونا، فسيكون من اللازم المرور عبر مجلس الدولة والمجلس الدستوري. سيخلقون لا محالة، نصا مُخالِفا للقانون. - يبدو موقفك أكثر صرامة من موقف الحزب الاشتراكي الذي تنتمي إليه... الحزب الاشتراكي مثلي، لا يحب تصعيد التوترات، وإلا فستكون النتيجة حربا أهلية. الديمقراطية تتطلب منا سلوكاتٍ مناسبةً، أما التلويح بمنديل أحمر من أجل إخراج الناس إلى الشارع، فمُنافٍ للديمقراطية السلمية المبنية على المؤسسات الصلبة. أعرف جيدا أن الرئيس يسعى أولا إلى إحداث صدى معين لإعلانه. لكن هذا القانون لن يرى النور أبدا. إلا أن ذلك لن يغير شيئا في النوايا... - تقول إن الرئيس يسعى إلى الحرب الأهلية، وأنه يريد أن يُخرج الناس إلى الشارع... أقول إنه سيؤدي الثمن، غاليا، وإنه يستحق ذلك!.. -هل يقترح اليسار سياسة مختلفة؟ هل اعتمد في الحكم سياسة أخرى؟ طبعا. فقد أسهمتُ في إحداث شرطة القرب، التي تحد من التوتر بين السكان والشرطة في الأحياء الهاشمية. وقد حصلنا على نتائج ملموسة. تتطلب سياسة الوقاية نفَسا طويلا. كنت عمدة طيلة 18 سنة، وكان استباق الجريمة والجُنَح والوقاية منها أولويتنا. أما القمع فيعني فشلَ سياسة الوقاية من الجريمة. لقد كان إلغاء شرطة القرب مأساويا، وهو ما نؤدي عنه الثمن الآن. فنسبة الانحراف في تزايد دائم. سياسة «القمع في كل شيء» تُشجِّع على تفاقم التوترات وتزيد من الانحراف. لماذا؟ لأنهم يعطون الأولوية للشأن الانتخابي. هذا مؤسف. -أنت تحاكم حكومة ورئيسا تتعاطفون معهما، وسبق لكم أن ساندتموهما، أليس كذلك؟ لا أعرف من يردد مثل هذا الكلام.. أنا لا أتقاسم هذه النظرة الحاضرة في الحزب الاشتراكي والتي تقضي بالمعارضة الممنهَجة ورفض التعاون على طول الخط. عندما تحصل توافقات مع الخصم، فأنا أسعد لها. وعندما تكون هنالك اختلافات، كما هو الشأن هذه المرة، فأنا لا أكظم غضبي. إذا غضبت لشيء، فإنني أفصح عنه في الحال كما ترون. -هل يتعلق الأمر بخطأ أخلاقي؟ سأكون واضحا. هذا أمر غير مقبول. لكن الأسوأ هو أنْ لا شيء ينجح. ليس هنالك من تحسن لا على مستوى الأمن ولا على مستوى الهجرة. يمكن أن نلقي الخطابات الرنانة، لكن هامش المناورة يبقى ضعيفا، سواء بالنسبة إلى اليمين أو اليسار. يجب أن نعرف أنه، في جميع الحالات، يبقى التقدم ضئيلا. سوف لن نمد خطوطا من الأسلاك الشائكة على امتداد الحدود، وسوف لن ندرب الكلاب البوليسية على اشتمام رائحة مْن ليس لديهم أوراق إقامة. عندما نسعى إلى ناخِبي الجبهة الوطنية، ننتهي إلى مثل هذه الفضائح. فالقانون حول القاصرين المنحرفين انتقل من مستوى المسؤولية الجنائية الفردية إلى المسؤولية الجماعية. لم نر هذا منذ عهد نظام فيشي، لم نر هذا منذ عهد النازيين. منح الأولوية للقمع والضغط يعني سن سياسة الحرب الأهلية!...
كتبت الصحافية كاترين كورولر من صحيفة «ليبراسيون» مقالا رصدت فيه مُجْملَ النواقص التي تعيب المقترَح الرئاسي حول سحب الجنسية وناقشت فيه حدود دستوريته، من خلال طرحها عددا من الأسئلة والتعليق على أجوبتها. -من هم الفرنسيون الذين سيكونون مستهدَفين بتعديل شروط سحب الجنسية؟ تحدث نيكولا ساركوزي عن كل «شخص من أصل أجنبي». إلا أن المعنى يبقى عائما وعاما، من الناحية القانونية. ما قاله ساركوزي فيعني أن 20 % من السكان الفرنسيين سيكونون معنيين بالإجراء. وتعتبر وزارة الهجرة أن «الشخص من أصل أجنبي هو الشخص الذي لم يولد فرنسيا، واكتسب الجنسية الفرنسية، عن طريق التجنيس ويتوفر على جنسية مزدوجة». -لأجل ماذا؟ أي إساءة إرادية إلى «حياة رجلِ أمن أو عسكري من الدرك الملكي أو أي شخص آخر يتمتع بالسلطة العمومية»، حسب رئيس الدولة.. ويذهب بريس أورتوفو، وزير الداخلية، أبعد من ذلك، حين استحضر قضية لياس حباج، المقيم في مدينة نانت، المشتبَه في ارتكابه جنحةَ تعدُّد الزوجات والتملص الضريبي والعمل غير المشروع، وقال إن «سحب الجنسية يجب أن يتم في مثل هذه الحالات، وفي حالات ختان البنات والمتاجرة بالبشر وفي حالة الأعمال المنحرفة الخطيرة». - ما هي مساطر سحب الجنسية في الخارج؟ في سنتي 1906 و1907، صوتت الولاياتالمتحدة على قانونين يسمحان للحكومة الفدرالية بالتوجه إلى المحكمة الفدرالية من أجل إلغاء الجنسية. وقد استعملت الحكومة، بعد ذلك، هذه الإمكانية ضد معارضين للحرب العالمية الأولى وضد بعض الفوضويين والشيوعيين. ووجد بعض المواطنين المجنَّسين أنفسَهم متّهَمين بخيانتهم يمينَ الولاء الذي يجب أن يؤديه كل مرشح للجنسية الأمريكية. إلا أن سحب الجنسية، عموما، طُبق في السنوات الأخيرة فقط على النازيين القدماء. وذكر المؤرخ باتريك فايل أن جورج بوش -الابن سعى إلى إقحام إمكانية سحب الجنسية الأمريكية من الأشخاص الذين ثبت تورُّطهم في مساندة الإرهاب، بعد أحداث 11 شتنبر 2001. لكنه فشل في ذلك. وأعيد النقاش في الموضوع، ثانية، على إثر فشل تفجير السيارة الملغمة في «تايم سكوير» في شهر ماي الأخير، اعتبارا لكون المتورط في الحادث أمريكيا مسلما من أصل باكستاني. إلا أن محاولات بعض النواب في الكونغرس باءت بالفشل... سنة 1914، وضعت المملكة المتحدة مسطرة لسحب الجنسية، بتهمة الإساءة إلى أمن الدولة، الخيانة، الإرهاب والجرائم الخطيرة. وإذا كان التشريع البريطاني أكثر صرامة من نظيره الأمريكي في مجال المعاقبة على الإرهاب، فإنه لا يُطبَّق إلا قليلا، حسب باتريك فايل. -ماذا تفعل فرنسا الآن؟ يعود التشريع الفرنسي حول سحب الجنسية الفرنسية إلى الحربين العالميتين. ففي سنة 1915، رَكّز قانون أول خاصة على الأجانب الذين كانوا يحملون الجنسية الفرنسية والألمانية الذين اختاروا القتال في الصفوف الألمانية. بعد ذلك، طبق نظام فيشي سحب الجنسية، بشكل واسع، ضد اليهود والفرنسيين الذين غادروا التراب الفرنسي، لمكافحة النازية، مثل الجنرال دوغول. وبعد نهاية الحرب، تم تنفيذ قرار سحب الجنسية في حق أشخاص ثبت تعاونهم مع النازيين... اليوم، تنص المادة 25 من ا لقانون المدني على أن «الشخص الذي اكتسب الجنسية الفرنسية يمكن، بموجب مرسوم يصدر بعد رأي مطابق من مجلس الدولة، أن تُسحب منه الجنسية الفرنسية، إلا إذا كانت نتيجة سحب الجنسية تعرضه لأن يصبح بدون جنسية». أما أسباب سحب الجنسية فهي: «الإساءة إلى المصالح الأساسية للأمة»، الإرهاب والأفعال «المضرة بمصالح فرنسا»... - كم من حالة سحب جنسية تُسجَّل كل سنة؟ حسب وزارة الهجرة، لم تُسجَّل أي حالة منذ سنة 2006، التي شهدت سحب الجنسية الفرنسية من خمسة أجانب، لأسباب ترتبط بالإرهاب. وسُجِّلت حوالي 30 حالة بين سنتي 2000 و2006. - -هل الطريقة التي أعلنها ساركوزي لسحب الجنسية قانونية؟ ذا اقتصر قرار ساركوزي على المجنَّسين، يقول باتريك فايل، وليس جميع «الفرنسيين من أصل أجنبي»، فإن مقترَحه يمكنه أن يتجاوز عتبة المجلس الدستوري». يذكر المؤرخ أن هذه الهيئة القانونية سبق لها أن صادقت، سنة 1996، على سحب الجنسية من أشخاص «حصلوا على الجنسية الفرنسية أُدينوا لأجل جريمة أو جنحة تشكل فعلا إرهابيا»، غير أنه يعتبر أن سحب الجنسية من أشخاص تورطوا في قضايا تعدُّد الزوجات أو ختان البنات، كما دعا إلى ذلك وزير الداخلية بريس أورتفو، غير دستوري.