«صدر مؤخرا عن دار الساقي في لندن رواية «سلاّم» للكاتب السعودي هاني نقشبندي بعد روايته الأولى «اختلاس» التي صدرت العام الماضي. تبدأ حكاية رواية «سلام» مع رحلة لأمير سعودي، إلى غرناطة ليشاهد قصر الحمراء، الذي سحر الشعراء والكتاب، أعجب الأمير بالقصر بكل أجزائه؛ الحدائق الملكية، القلعة العسكرية، وقصر الملك نفسه. بلغ من إعجاب الأمير بالقصر أن قرر بناء مثيل له في عاصمة وطنه الرياض، وشجعه على اتخاذ القرار بعض أصحابه من مرافقين ومنافقين، حتى إن بعضهم زين له الأمر كما لو كان فاتحا عظيما يريد للإسلام أن يعود إلى الأندلس على يديه. فجأة، التقى الأمير بشيخ مغربي له أصول أندلسية. طلب الأخير من الأمير ألا يمضي في مشروعه وألا يستنسخ الحمراء، لا في الرياض ولا في أي مكان، وقال له: احذر من الحمراء أيها الأمير، إنه قصر ملعون! وأضاف ابن برجان أن هذا القصر المسكون بالشر قد شهد زوال أمّة وسيادة، وأن إعادة بنائه ستجر الويلات على كل من يجرؤ على تجاوز لعنته. خاف الأمير من اللعنة، وألمت به أحداث جعلته يؤمن بوجودها، لكنه أصر على أن يبني القصر، وطلب من الشيخ المغربي أن يبحث له عن مخرج، فأخبره الشيخ بأن الوسيلة الوحيدة لذلك هي أن يقوم ببناء القصر المشابه للحمراء في الرياض من بنى القصر الأصلي في غرناطة. استغرب الأمير وسأل: عمر الحمراء ألف عام، فهل من بنى القصر مايزال على قيد الحياة حتى اليوم؟ أجابه الشيخ المغربي بنعم، وقال إنه مايزال يسكن حتى اللحظة في إحدى حواضر المغرب العربي، واسم الرجل سلاّم، أرسل الأمير مرافقا له يبحث عن الرجل في طنجة كما أخبرهم الشيخ المغربي. عندما التقى الأمير بسلاّم أخيرا، وطلب منه أن يبني له قصر الحمراء في الرياض، رفض سلاّم، وأكد للأمير مرة أخرى قصة اللعنة، قال سلام إن هذا القصر بني في زمن ضعف كرمز قوة، وقد شهد زوال ملك ونعمة، القصر ملعون لأنه أصبح رمزا للصراع بين الإسلام والمسيحية حتى اليوم، ودلل على ذلك بالجرس الذي وضعه الإسبان على رأس القصر يوم استولوا عليه، كرمز لسيطرة المسيحية على الإسلام القوي، هكذا يتجاور الجرس كل يوم مع الآيات القرآنية التي تملأ القصر، وهكذا يتصادمان كل يوم على مرأى من العالم. فوق ما في القصر من لعنة، أصر سلاّم على اعتباره رمز احتلال عربي بربري للأندلس، مؤكدا أن فتحا إسلاميا لتلك البلاد لم يكن أكثر من وهم سقط مبرره الأخلاقي بابتعاد العرب عن نشر ثقافتهم الدينية وتسامحهم طوال تسعة عقود من الزمن، ليخرجوا من البلاد كما دخلوها، وليصبحوا هم النصارى بعد أن عجزوا عن الدفع بأهل البلاد الأصليين ليصبحوا مسلمين، الأندلس كانت الاستثناء الوحيد في التاريخ العربي والإسلامي التي يطرد منها العرب ودينهم دفعة واحدة. هكذا، يرى سلاّم أن إعادة بناء الحمراء واستنساخها، بما تنطوي عليه غايات الأمير، إن هي إلا محاولة لتكريس صدام بدأه العرب باحتلال أرض ليست من حقهم، وينبغي لهذا الصدام أن يتوقف، أن يتحول إلى حوار وأن يتحول إلى حب.