أجرى العاهل الإسباني خوان كارلوس اتصالا هاتفيا مع الملك محمد السادس بهدف إنهاء التوتر الأخير القائم بين البلدين بخصوص اعتداءات الشرطة الإسبانية على المواطنين المغاربة في المعابر الحدودية ورمي مهاجرين أفارقة في عرض البحر، بالإضافة إلى المطالب المغربية المتعلقة بإعادة المدينتين سبتة ومليلية إلى السيادة المغربية. وذكر الناطق باسم القصر الملكي الإسباني أن محادثات الجانبين أشارت إلى أن «المشاكل الصغيرة لا يمكن أن تقوض مستوى العلاقات «الممتازة» بين البلدين»، مضيفا بأن «إسبانيا مستعدة تماماً لإيضاح ما يلزم توضيحه للمغرب بخصوص الاتهامات الموجهة إلى عناصره الأمنية بسبب «النزعة العنصرية» والاعتداءات على المغاربة. بدورها ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الملكين المغربي والإسباني أكدا على عمق العلاقات الثنائية بين بلديهما، وأكدا على الروابط التاريخية التي تجمعهما. وحسب المراقبين، فإن اتصال خوان كارلوس الهاتفي بالملك محمد السادس يهدف إلى تهدئة الأجواء، رغم أن ذلك، حسب الدستور الإسباني، ليس من اختصاص المؤسسة الملكية الإسبانية، مما يكشف تخوف الحكومة من ردود فعل أخرى غير متوقعة من المغرب بخصوص تصرفات عناصرها الأمنية بالحدود، وتجنبا لحصار غذائي من طرف جمعيات مدنية مغربية لمدينة مليلية في النقطة الحدودية «بني انصار». وكشفت مصادر إسبانية مطلعة ل «المساء» أن رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو طلب من العاهل خوان كارلوس التدخل لتلطيف الأجواء مع المغرب، خلال لقاء جمعه به يوم الاثنين الماضي بجزيرة بالما دي مايوركا، حيث طلب منه الوساطة لتخفيف أجواء التوتر مع المغرب. ويعتبر الاتصال الهاتفي للعاهل الإسباني خوان كارلوس بالملك محمد السادس استثناء لكونه يعتبر تدخلا في عمل الحكومة الإسبانية، حسب نص الدستور الإسبانية، إلا أنه في بعض الحالات قد يحصل ذلك بطلب من رئيس الوزراء، حيث سبق لخوسي ماريا أثنار، رئيس الحكومة الإسبانية السابق، أن رفض تدخل خوان كارلوس للوساطة أو المساعدة في خضم أزمة جزيرة ليلى مع المغرب خلال سنتي 2001 و 2002. من جهتها، ذكرت وكالة المغرب العربي أن «العاهلين المغربي والإسباني اتفقا على الالتقاء قريبا في لقاء غير رسمي». اتصال الملك الإسباني خوان كارلوس الهاتفي بالملك محمد السادس يأتي بعد مرور بضعة أيام على إصدار الحكومة المغربية خمسة بيانات منفصلة تندد ب «عنصرية قوات الأمن الإسبانية ضد مواطنين مغاربة في المغرب الحدودي مع مليلية». كما انتقدت تخلي الحرس المدني عن ثمانية مهاجرين من دول جنوب الصحراء في عرض البحر، و هم في «حالة صحية حرجة، قبالة السواحل المغربية». واقترح ثاباتير، خلال ندوة صحافية عقدت يوم الثلاثاء الماضي، استعداده إيفاد ممثل عن وزارة الداخلية الإسبانية إلى المغرب لتقديم توضيحات بخصوص ما حدث في المعابر الحدودية من جهة أخرى، نجحت تنسيقية المجتمع المدني بالمنطقة الشمالية للمغرب صبيحة أمس الخميس في محاصرة منطقة ولوج البضائع إلى مليلية المحتلة عبر النقطة الحدودية «بني أنصار»، حيث اتفقت مع مصدري الخضر الطازجة والفواكه والسمك على عدم توريد تلك البضائع إلى مليلية لمدة 24 ساعة. وأكدت مصادر التنسيقية ل»المساء» أن الخطوة تأتي احتجاجا واستنكارا للممارسات العنصرية لعناصر الأمن الإسباني، التي ما فتئت تعتدي بالضرب وتقطيع جوازات سفر على المواطنين المغاربة لحملهم الأعلام الوطنية. وأكد عبد المنعم شوقي، رئيس اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب، في اتصال مع «المساء» بأن مبادرات حصار دخول البضائع التموينية سيستأنف الاثنين القادم باتفاق مع شركات توريد مواد البناء حيث سيستمر منع دخول تلك المواد مدة 15 يوما «حتى يعلم الإسبان أن الاعتداءات على أبناء وطننا لن تمر دون محاسبة». وذكر شوقي أن الجمعيات عملت على مراسلة المنظمات الحقوقية الإسبانية والدولية لكي تزور النقطة الحدودية وتطلع بنفسها على التجاوزات، التي تتسبب فيها عناصر الأمن الإسباني. وعلمت «المساء» أن الجمعيات جهزت ملف الخروقات التي تنوعت ما بين تمزيق جوازات سفر عدد من المواطنين المغاربة، وختمها حتى لا يتمكن صاحبها من دخول مليلية وسبتة المحتلتين وكذا الأراضي الإسبانية لمدة خمس سنوات كاملة، بالإضافة إلى صور ومقاطع الفيديو تثبت اعتداءات الشرطة الإسبانية بالضرب على المواطنين. وأكد المتحدث أن أحد رجال الأمن ختم جواز مواطن مغربي لا لشيء إلا لأن المواطن كان يرتدي زي فريق ريال مدريد، في حين كان الشرطي من أنصار «البارصا». وقد جاء ذلك متزامنا مع الاعتداء الأخير الذي تعرض له المواطن محمد ميمون ميلود المزداد بتاريخ 1975 ظهر أول أمس على يد نحو 30 شرطيا اعتدوا عليه بالضرب دون وجود مبررات تفسر ذلك.