كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    حادث الدهس بألمانيا.. المشتبه به سعودي مناهض للاسلام    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    المنافسة على الصدارة تشتعل بين فرق المقدمة    اجتماع بوزنيقة.. الأطراف الليبية تتفق على تشكيل حكومة موحدة    الأمن يرفع مستوى اليقظة في برلين    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    عملية الدهس في ألمانيا.. المشتبه به طبيب سعودي عمره 50 عاما والخارجية السعودية تعلق    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    إصابة 20 إسرائيليا في تل أبيب جراء سقوط صاروخ أطلق من اليمن    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    بوزوق ينفصل عن الرجاء بالتراضي    إعادة تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. مفاهيم مؤسسة وسردية تاريخية    العازف سفيان بامارت.. حين تلتقي الأناقة بالعاطفة في تناغم موسيقي فريد    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    11 قتيلا وعشرات المصابين بحادث دهس في سوق لعيد الميلاد بألمانيا    وليد كبير: النظام الجزائري يفشل في عرقلة التقارب المغربي-الموريتاني    11 قتيلا وعشرات المصابين بحادث دهس في سوق لعيد الميلاد بألمانيا    النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية عزز ورش الجهوية المتقدمة في هذه الربوع من المملكة (الخطاط ينجا)    أشرف حكيمي ينال ثاني أفضل تنقيط في الليغ 1    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    جلالة الملك يستقبل رئيس جمهورية موريتانيا بالقصر الملكي بالدار البيضاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    ندوة حقوقية بالعرائش تسلط الضوء على تقييد حرية التعبير وملاحقة الصحفيين قضائيًا    زينب أسامة تطلق أغنيتها الجديدة "حدك هنا"...    توقعات احوال الطقس ليوم السبت.. أمطار ضعيفة بالواحهة المتوسطية    تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800م يومي السبت والأحد    الملك محمد السادس يهنئ أمير دولة الكويت بمناسبة الذكرى الأولى لتوليه مسند إمارة دولة الكويت    أخنوش يُشرف على توقيع اتفاقية لتطوير المحطة السياحية "موكادور" بالصويرة    دفاع بعيوي ينتقد محاضر الضابطة القضائية .. ومحامي الناصري يثير تقادم التهم    الدار البيضاء: جلسة تحقيق تفصيلية في قضية اغتصاب مثيرة للجدل    نيويورك: الجمعية العامة الأممية تتبنى القرار المغربي بشأن السياحة المستدامة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الأسود ينهون 2024 في المركز الأول قاريا وعربيا و14 عالميا    النفط يتراجع مدفوعا بمخاوف بشأن الطلب وقوة الدولار    التامني: بعد المحروقات والأوكسجين جاء الدور على الماء ليستولي عليه أخنوش    تطوان: معهد سرفانتس الإسباني يُبرز تاريخه ويعزز جمالية المدينة    هَنيئاً لِمَنْ دفَّأتْهُ الحُرُوبُ بِأشْلائِنَا!    التجارة بين المغرب وإفريقيا تكشف إمكانات غير مستغلّة بالكامل    بعد المصادقة عليه.. صدور قانون مالية 2025 بالجريدة الرسمية    7250 سوريا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد    ريكاردو سابينتو يلوح بالرحيل: ظروف الرجاء لا تسمح بالاستمرار    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    كأس الرابطة الانجليزية.. توتنهام يتأهل لنصف النهاية على حساب مانشستر يونايتد    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات مثيرة عن مغاربة أوصلهم «الكْريدي» إلى نهايات مأساوية
رجل يفقد عقله بعد دخوله السجن لعدم قدرته على أداء دينه للبنك
نشر في المساء يوم 02 - 08 - 2010

العطلة الصيفية والأعياد المتتالية، كشهر رمضان وعيد الفطر المبارك، ثم عيد الأضحى، إضافة إلى الدخول المدرسي والرغبة في اقتناء شقة وسيارة.. جعلت العديد من الموظفين والمعلمين
والمهندسين وغيرهم يدخلون في دوامة الاقتراض المتعدد، بسبب إغراءات مؤسسات القروض والتسهيلات التي تقدمها، لتتحول حياتهم، بعد انجلاء بريق الحلم، إلى «جحيم» يومي، وقد أضحى بعضهم عاجزا عن مواجهة «الطّْريطاتْ» المتراكمة، لتكون نهاية الحلم إما الجنون أو الانتحار أو التشرد، ولتتحول تلك القروض من «فْكّاكة لوْحايْلْ»، كما تروج لذلك الصورة الجميلة للملصقات واللوحات والوصلات الإشهارية، إلى مستنقع وحل يزيد من استفحال وضعهم المادي أكثر مما كان عليه في السابق...
نهاية غير مشرفة عرفتها أسرة السرواتي من مدينة آسفي. فبعد أن كانت تنعم هذه الأسرة التي كانت تتكون من خمسة أفراد بعيش كريم واستقرار، أضحت اليوم مفككة وذات سمعة سيئة، فالوالد أصيب بالحمق والوالدة صدرت في حقها مذكرة بحث من قبل القضاء بمدينة آسفي والأبناء أضحوا مشردين بميناء المدينة الساحلية يستجدون اللقمة التي افتقدوها.
قبل حوالي سنة كانت أسرة السرواتي تملك مقهى ورصيدا بنكيا وسيارة تقل الأبناء إلى أماكن التخييم، وكان كل من بدر الدين وعبد الحميد وحسن يلبسون أفخر الأثواب ويأكلون أطيب المأكولات، ويتباهون أمام زملائهم في المدرسة، وأبناء حيهم بالدراهم الوفيرة التي يمنحها لهم والدهم، واللعب التي يجلبها من الديار الاسبانية حيث كان يزاول التجارة في الملابس والعطور. توجه رب الأسرة عبد الكريم صوب الديار الاسبانية بداية التسعينيات، حين كانت وفود كثيرة تتوجه صوب إسبانيا لضمان مستقبل أكثر استقرارا، خلال تلك الفترة التي عمل فيها الوالد في مجال التجارة استطاع أن يوفر مبلغا ماليا مهما، خول له شراء منزل بإحدى المناطق الحيوية بالمدينة الساحلية آسفي. شعر رب الأسرة خلال تلك الفترة أن المستقبل أصبح مستقرا وأنه بإمكانه التوقف عن مزاولة هذه المهنة، ووضع حد لمعاناة الغربة والبعد عن الزوجة والأبناء والوالدين.
أخبر عبد الكريم زوجته بأنه قرر وضع نهاية لشريط المعاناة في بلاد المهجر والدخول إلى بلده الأم، لكن بعد رفض الزوجة للقرار استطاع الوالد إقناعها نسبيا على اعتبار أنه يتوفر على مبلغ مالي مهم وأنه بصدد القيام بمشروع كبير جدا سيدر عليه أموالا لا تعد ولا تحصى، بعد أن يقترض مبالغا صغيرا من إحدى البنوك الموجودة في المغرب. لم تمض على القرار المتفق عليه سوى أشهر قليلة حتى عاد عبد الكريم إلى بلده، حيث سيستقر بشكل نهائي ويصل شريط النجاح في ضمان مستقبل له ولأولاده وزوجته.
عاد عبد الكريم على وقع وفاة والده ووالدته في حادثة سير مروعة، اهتزت لها مشاعر العائد وجعلته يعيش صدمة قوية استمرت لسنوات قبل أن يتعافى منها ويعود إلى شخصيته السوية، بعد أن زادت من تدهورها حالة الاغتراب التي عاشها في الديار الاسبانية. تكفل الابن البار بأخواته، قبل أن يتزوجن وتلتفت كل واحدة منهن لمستقبلها ومستقبل أبنائها. بعد حوالي شهر من التفكير والتخطيط قرر عبد الكريم شراء مقهى بحي شعبي بالمدينة القديمة، عمد إلى الإشراف عليه شخصيا، حيث كان يقوم بزيارة المقهى ثلاث مرات في اليوم، حيث يلبي حاجيات ومتطلبات العمال ويطمئن على سير العمل داخل المقهى، قبل أن يصبح ابنه هو من يشرف على تسيير المقهى. بعد شهور قليلة من انطلاق العمل بهذا المشروع الذي رأى فيه عبد الكريم رفقة زوجته الباب، الذي سيفتح لهم باب الغنى والدخول إلى عالم المال والأعمال من أبوابه الواسعة، تراجع المدخول المادي للمشروع، حيث ستصبح الأرباح قليلة جدا قبل أن تصير نسبة النفقات أكثر من الأرباح التي من المفروض أن يدرها المشروع على صاحبه. لا سيما بعد أن نبهه أحدهم إلى أن المقهى لا يمكن أن تتقدم وتدر أموالا كثيرة ما لم يتم الحد من نسبة الزوار والمرتادين الذين يتعاطون لكل أصناف المخدرات، ومادام أنها تعرف مداهمات كل لحظة وحين من قبل فرق الأمن الخاصة بمحاربة المخدرات، حيث كانت تقتاد كل عملية حوالي اثنين إلى خمسة مرتادين، الأمر الذي جعل سمعة المقهى تسوء وتنزل إلى الحضيض.
قرر عبد الكريم بإملاء من زوجته خديجة أن يبيع المقهى بثمن بخس، إذا قورن بالمبلغ الذي اشتراها به أول مرة. بعد فترة قصيرة اقترحت عليه زوجته فكرة جهنمية ستفتح له الطريق نحو نار«جهنم» في الدنيا، كانت من معالمها إصابته بالحمق ودخوله لمستشفى الأمراض العقلية غير ما مرة قبل أن يهرب منه صوب أماكن مختلفة. تقدمت الزوجة بمقترح بناء تجزئة سكنية، وذلك بأخذ قرض مالي من إحدى البنوك بالمدينة، ورهن المنزل وبعض الممتلكات الأخرى التي ورثها زوجها عن والديه. هكذا تمت الموافقة على القرض الذي طلبه عبد الكريم والذي قدر بحوالي مليار و500 مليون سنتيم، لينطلق في البحث عن بعض الزبناء الذين تربطهم به علاقة سابقة ببلاد المهجر، والإعلان عن المشروع الذي لم يحصل على موافقة المؤسسات المعنية لإقامته. بدأت الزوجة في تحصيل المبالغ المالية ومنح الزبناء توصيلات بذلك مع شواهد تؤكد دفعهم لمبلغ محدد بغرض تملك شقة.
شاع خبر الإقامة السكنية التي تملكها خديجة وعبد الكريم كالنار في الهشيم، وأضحت العديد من الأسر تتقرب من الزوجين، وتقدم لهم رشاوى من أجل منحهم شقق ذات موقع جميل، وهكذا بدأت الأموال الكثيرة تجري بين يدي الزوجين، لكن القادم من الأيام كان يخبئ لعبد الكريم وخديجة عاصفة قوية كالتي تضرب مدينة آسفي الساحلية خلال فصل الشتاء، بعد أن تقدم الزوجان للوكالة الحضرية لولاية آسفي بطلب الترخيص لبناء المشروع، جاء رفض المؤسستين بدعوى أن الأرض التي ستحتضن المشروع غير صالحة للبناء. لينزل الخبر كالصاعقة على«المستثمرين» وكل من تقدم بطلب الحصول على شقة سكنية ودفع مبالغ مهمة من أجلها.
فبعد أن استطاع الزوجان إرجاع الأموال التي حصلاها من الراغبين في تحصيل شقق، فإنهما لم يستطيعا توفير الأموال التي اقترضاها من البنك مصحوبة بالفوائد، مما جعل مستقبلهم المستقر يصبح على شفا جرف هار يكاد يهوي بأصحابه. رغم المحاولات العديدة التي قام بها الاثنان من أجل تدبر الأموال التي صرفت على الإجراءات الأولية للمشروع، فقد باءت هذه المحاولات بالفشل ليصل موعد الأداء بعد أن قضت المحكمة بذلك. لم يصمد الزوج على صدمة الفشل الذي لحق به والضياع الذي ألم بأسرته، ليخر ساقطا، بعد أن حكم عليه بالسجن، هناك سيصاب بالجنون ويدخل مستشفى الأمراض العقلية، لكن الزوجة بمجرد أن علمت أن مصيرها قضبان السجن هربت إلى وجهة غير معلومة، بعد أن صدرت في حقها مذكرة بحث وإغلاق الحدود في وجهها. لكن المتضرر الكبير من هذا التخطيط الفاشل والمحاولات غير المفكر فيها بشكل جيد، هم الأبناء، هؤلاء الذين انقطعوا عن دراستهم، وارتموا في أحضان الشارع، إذ أضحوا يعيشون في أكناف الشباك التي ترميها مراكب الصيد البحري، ويتسولون«سردينات» من أجل الحد من قسوة الجوع الشديد بعد أن كانوا ينعمون بعيش كريم، لكن قرارات الوالدين الجشعة، جعلت المستقبل المستقر، الذي لا طالما سعى عبد الكريم إلى ضمانه والحفاظ عليه، يصبح هباء منثورا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.