يتجه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نحو إقرار نظام الاقتراع باللائحة لانتخاب أجهزته التنفيذية، كخطوة لتمكين مختلف التعبيرات والحساسيات من التمثيل داخل تلك الأجهزة، وكإجابة عن أحد مظاهر المأزق التنظيمي الذي يعيشه الحزب، والذي دفع بالعديد من الاتحاديين في صفوفه إلى مغادرته أو إلى تجميد عضوياتهم في أحسن الأحوال. ووفقا لمصادر من الحزب، فإن هذا التوجه بدا بشكل جلي خلال جلسة المناقشة، التي تلت افتتاح الندوة التنظيمية يومي السبت والأحد الماضيين، حين أعلنت أغلبية أعضاء المجلس الوطني (50 مداخلة من أصل 55) عن دعمها لنمط الاقتراع باللائحة، فيما كانت الأقلية، التي تشكلت أساسا من العاملين في جريدة الحزب، المحسوبين على عضو المكتب السياسي عبد الهادي خيرات، مع نمط الاقتراع السري على قاعدة الترشيح الفردي المعمول به منذ المؤتمر الوطني السادس. وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه جهة الشاوية ورديغة خلال اجتماع اللجنة التحضيرية للندوة الوطنية للتنظيم، لاعتبارات ذاتية صرفة، على حد تعبير المصادر . إلى ذلك، عبرت نفس المصادر عن يقينها من أن تنتهي أشغال الندوة التنظيمية باعتماد نمط الاقتراع باللائحة بالأغلبية، خاصة في ضوء ما وصفته بالتحول الكبير والإيجابي جدا في موقف إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي، الذي دافع خلال المناقشات عن نظام اللائحة، معتبرا أنه لا يمكن للمكتب السياسي، المتهم غالبية أعضائه بوضع «بلوكاج» أمام اعتماد نمط اللائحة، الالتفاف على إرادة الاتحاديين بهذا الخصوص. ولأول مرة في تاريخه، يتجه حزب المهدي بنبركة إلى تحديد اختصاصات كاتبه الأول بدقة، إذ سيضطلع، فضلا عن مهمة الممثل الرسمي للحزب والناطق الرسمي باسمه ومنسق أعماله، بتدبير التفاوض مع الدولة ومع باقي الفرقاء السياسيين، واقتراح المرشحين باسم الحزب لشغل المناصب الحكومية والمناصب السامية المدنية بعد استشارة المكتب السياسي، كما أنه هو الرئيس المباشر للإدارة الحزبية، ويخول له الحق في التعيين والإقالة والتأديب في الوظائف في الإدارة الحزبية. وحسب قيادي اتحادي، يبدو أن هناك توجها نحو تقوية المسؤول الأول في الأجهزة التنفيذية، وهو ما يتجسد من خلال تراجع برلمان الحزب عن النقطة المتعلقة بتنافي مهام الكاتب الأول مع عضوية وزير في الحكومة غير الوزير الأول. من جهة أخرى، غاب تدبير الاختلاف داخل الحزب، من خلال تأسيس تيارات فكرية وسياسية، عن نقاشات أعضاء المجلس الوطني، باستثناء الطرح الذي قدمه الحبيب الطالب الناطق باسم المندمجين، الذي أعاد التأكيد على مقترح تخصيص ثلاثة أشهر من السنة التي تسبق عقد المؤتمر، لفتح النقاش وتبيين ما إذا كانت هناك أطروحات مناسبة لتأسيس تيارات. وفي الوقت الذي أكد فيه أعضاء في المجلس الوطني على ضرورة تقوية النظام الجهوي للحزب، والتوزيع العادل للموارد المالية من خلال إيلاء المناطق النائية العناية الكاملة عوض الاقتصار على الجهات المحظوظة (الرباط – الدارالبيضاء)، وجه أعضاء آخرون انتقادات حادة لجريدة الحزب، معتبرين أنها لم تعد تقوم بدورها، وليست في مستوى التطلعات، بل أصبحت عبئا ماليا يثقل كاهل الحزب، مطالبين بإعادة النظر في خطها التحريري. إلى ذلك، دعا عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة التنظيمية، إلى وضع مساطر ومقاييس مضبوطة لانتخاب أجهزته، تجنبه ما عاشه الحزب من أزمات في ماضيه القريب. وقال « في الماضي لم نخترع عبد الرحيم بوعبيد، بل اختاره التاريخ، لكن هل كان لدينا بديل لعبد الرحيم ولليوسفي ولليازغي؟ التاريخ هو من كان يختار. أما اليوم وغدا فنحن من سيتحمل المسؤولية وليس التاريخ، وذلك من خلال مساطر وضوابط تضمن وحدة الحزب ولا تجعل مناسبة اختيار قيادة الحزب فتنة أو تفرقة»، مضيفا أنه «حان وقت المنافسة الشريفة والعمل على تفادي الذاتية والنرجسية وتحصين حزبنا بوضع مساطر يتفق عليها الجميع»، بعد أن أعرب عن يقينه ب«أننا سنتمكن من أن نعيش في انسجام تام وأن نعمل ونبني، وأن يدخل الحزب في مرحلة عادية خاصة أن العديد من المناضلين يشعرون أننا نعيش في حالة استثنائية».