يرى خبراء علم النفس أن الاعتداءات الجنسية تترك آثارا عميقة في نفسية الطفل، خاصة إذا كان الاعتداء من الأقارب، ويصبح الطفل فاقدا للثقة في محيطه، وهو ما يتطلب معه توفير الحماية والرعاية الاجتماعية له من لدن أقاربه، حرصا على سلامته وسلوكه المستقبلي.. ويرى الدكتور محمد نبيل غزواني، الطبيب النفساني، أن الاعتداءات الجنسية لا تُرتكَب فقط داخل المؤسسات التعليمية، بل إنه ينبغي أيضا الانتباه إلى الإقامات الداخلية التي تأوي التلاميذ، والتي يشعر فيها الطفل بأنه مجهول ومنعزل ولا يسعى إلى أن يتميز عن المجموعة، ما يدفعه إلى أن يكون ضعيفا وغيرَ قادر على الدفاع عن نفسه، في حالة تعرضه للاعتداء الجنسي. ويؤكد المحلل النفساني أن العديد من الأنشطة التي تغيب في كثير من الحالات، مثل ورشات المسرح، تمنح الطفل القدرةَ على البوح بما يحصل له. وأوضح غزواني أن المدير أو المعلم، الذي يقوم بالاعتداء الجنسي على الأطفال، يوظف سلطته للانتقام من فعل عنف تعرض له في طفولته، سواء كان اغتصابا أو غيره، لأنه يحاول دائما أن يتناسى ما تعرض له، لكنه يرغب دوما في الانتقام لذلك الطفل الصغير الذي يسكنه، كي يتصالح معه... وبخصوص التأثير النفسي، الذي يلحق ضحايا الاغتصاب، أبرز غزواني أن الطفل الذي يتم اغتصابه من قبل شخص راشد يتعرض لتأثير عميق وطويل يختزنه لاشعوره، وإذا لم يتلق الضحية أي علاج نفسي أو دعم ومؤازرة من لدن أسرته، بطريقة منهجية ومستمرة، فإنه سيظل يشعر بأنه مضطهد ويشك في قدراته الفكرية والعقلية، ويزداد حجم التأثير أثناء بلوغه مرحلة المراهقة، حيث يصير كارها للمجتمع ويطغى على تصرفاته ما أخفاه من ألم. وأشار غزواني إلى أن الراشد الذي يقبل على جريمة هتك عرض قاصر هو، في حد ذاته، منحرف نفسيا، إذ بعد اقترافه جريمة الاغتصاب، يشعر بالندم ويحتاج إلى علاج نفسي، حتى لا يكرر الفعل مرة أخرى، لأنه -بدوره- قد يكون ضحية اعتداء جنسي خلال مرحلة طفولته ويظل حاملا جراحا نفسية تدفعه إلى الانتقام من المجتمع. ومن خلال متابعة غزواني بعض الحالات التي ارتكب أصحابها جرائمَ اغتصاب الأطفال، اكتشف أنهم أيضا يوبخون أنفسهم وتطاردهم جرائمهم طيلة حياتهم. وقال إنه قد عُرضت عليه حالات يطالب فيها المغتصب بأقسى العقوبات ليرضي الأنا الأعلى.. وتوصل علماء النفس إلى أن الراشد الذي يرتكب مثل هذه الأفعال يرغب في «التصالح مع طفولته». وأشار الطبيب النفساني إلى أن حوالي 60 في المائة من الذين يقومون بهذه الأفعال يكونون قد تعرضوا لنوع من العنف أثناء طفولتهم، خاصة من قبل الأمهات. وأكد غزواني على ضرورة أن يوضع الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال ضمن أولويات البرنامج الصحي في المغرب وأن تخصص مصحات خاصة للأطفال ضحايا الاغتصاب، من أجل تأهيلهم، نفسيا، للاندماج في المجتمع.