شهدت الدورة ال14 لمهرجان الموسيقى الروحية بفاس حادثة سير مروعة أودت بحياة شاب من مجموعة الفناير المراكشية التي تغني الراب. وتعرضت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي للسرقة في غرفتها بفندق فخم بالمدينة. فيما قسمت الأماكن التي احتضنت السهرات إلى فضاءات مفتوحة غنت فيها المجموعات الشعبية للفئات الاجتماعية الفقيرة وأخرى مغلقة غنى فيها بعض النجوم لمن يتوفر على مبالغ كبيرة للحصول على تذكرة الدخول وسط إجراءات أمنية مشددة. لقي هشام بلقاس، عضو مجموعة الفناير الغنائية، حتفه يوم الأحد في حادثة سير مروعة بفاس. وأصيبت فتاتان كانتا معه على متن السيارة التي يسوقها بجروح متفاوتة الخطورة استدعت نقلهما على وجه الاستعجال إلى مستشفى الغساني بالمدينة. وقالت مصادر أمنية إن الحادثة المميتة وقعت ظهر الأحد في منعرج بالقرب من قصر الجامعي بين حي المرينيين وسيدي بوجيدة. ووصفت فاطمة الصديقي، المديرة العامة للمهرجان، هذه الحادثة بالفاجعة الكبيرة. وقالت إن محمد القباج، رئيس مهرجان الموسيقى الروحية ووالي جهة الدارالبيضاء ومحمد غرابي، والي جهة فاس بولمان، انتقلا إلى عين المكان وتابعا جميع أطوار هذا الحادث وقدما التعازي لعائلة هذا الفنان الذي يبلغ من العمر 23 سنة. وتقدم مجموعة الفناير على أنها من مجموعات الراب المغربي التقليدي، ظهرت إلى الوجود سنة 2002 بمدينة مراكش، وتميل في أغانيها إلى السخرية المغلفة بالروح الاحتفالية، وأغانيها ذات طابع شعبي. وكانت هذه المجموعة قد أحيت سهرة، في إطار الموسيقى الروحية، ليلة السبت الماضي بفضاء أيت سكاطو بفاس. ويعتبر هذا الفضاء، إلى جانب ساحة بوجلود، من الفضاءات التي تفتح سهراتها في وجه كل الشرائح الاجتماعية بالمجان، في الوقت الذي «أغلقت» فيه باقي الفضاءات التي تستدعي إما التوفر على دعوة أو بطاقة المهرجان أو تذكرة الدخول. وقبل هذه الحادثة بيومين، تعرضت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي لسرقة بعض ممتلكاتها من الغرفة التي تقيم بها بأحد الفنادق الفخمة بفاس. وقدمت هذه الفنانة لتحيي سهرة بباب الماكينة بالمدينة في إطار فعاليات مهرجان الموسيقى الروحية يوم الجمعة الماضي، أي في ذات اليوم الذي تعرضت فيه أغراضها للاختفاء. وطبقا لمصادر أمنية، فإنه يوجد ضمن الأغراض التي اختفت من غرفة هذه الفنانة فستان فخم كانت تنوي ماجدة الرومي ارتداءه لإحياء حفلها الفني الذي استقطب أكبر عدد من الجمهور المقدر عددهم بحوالي 10 آلاف متفرج. وسادت حالة من الاستنفار في أوساط المسؤولين بالمهرجان وكذا مسؤولي الأمن، وصدر في الحال قرار قضائي بفتح تحقيق في ملابسات هذه السرقة. وقامت عناصر من الشرطة القضائية بالاستماع لعدة عمال في الفندق وإلى مرافقين للفنانة ومسؤولين باللجنة التنظيمية للمهرجان. ومكنت التحريات من وضع اليد على الأغراض المختفية للفنانة في غرفة مجاورة بالفندق. وأوردت المصادر الأمنية بأن أحد مرافقيها أقر بمسؤوليته عن وضع هذه الممتلكات في الغرفة. وأضافت المصادر أن خلافات سادت بين مرافقين للفنانة هي التي كانت وراء هذا الاختفاء، في وقت تحدثت فيه بعض الأنباء عن اختفاء مبلغ مالي من غرفة ماجدة الرومي يقدر بحوالي 35 ألف دولار. أغنياء وفقراء ختم الفنان السعودي محمد عبدو فقرات هذا المهرجان بسهرة نظمت بباب الماكينة ليلة الأحد بحضور متفرجين قدر عددهم ب1000 متفرج. وغنى أغنيات تشيد بجمال المغربيات وحسنهن، فيما ردت عليه المتفرجات بتصفيقات حارة وردد بعضهن معه مقاطع من أغنياته. وبالرغم من أن هذا الفنان السعودي يعرف بميله إلى الأغنيات الحزينة والدرامية، إلا أنه غنى عن التفاؤل والجمال والرشاقة في سهرة باب الماكينة. وشهدت فاس، في إطار المهرجان، حضور عدة أوجه فنية مغربية وعربية وعالمية. واحتضنت أغلبهم قاعات مغلقة لم يتمكن الجمهور العادي من ولوجها للاستمتاع بأغانيهم. وهكذا، فقد حضرت كل من جيسي نورمان، وهي فنانة من السود الأمريكان وتغني الأناشيد المقدسة وتلقب ب«سوبرانو الولاياتالمتحدةالأمريكية». وغنت في المهرجان غادة شبير، وهي فنانة لبنانية تغني أناشيد من الكنائس الشرقية المسيحية. وحضرت ماري بوان من النرويج لتغني أنشودات وموسيقى أقصى شمال اسكندنافيا، وردد هونغ تانه أغاني تقليدية وعريقة من النرويج. وأطرب عبد الوهاب الدكالي جمهوره ب«مناجاة الروح للأرواح»، أما ماجدة الرومي فنادت على السلام «من نجمة السلام». وإلى جانب هؤلاء غنى الغنانون الشعبيون في كل من بوجلود وأيت سكاطو لعموم الناس دون تذاكر ودون إجراءات أمنية مشددة، كما هو الحال في باب الماكينة ومتحف البطحاء. وتناوبت على المنصة في هذين الفضاءين عدة مجموعات غنائية من قبيل تكادة والداودية والفناير وهوبا هوبا سبيريت واسماعيل لو والحاجة الحمداوية وغيرها. مهرجان للتعايش ويقول منظمو المهرجان إن الهدف من تنظيم دوراته التي وصلت هذه السنة إلى الدورة ال14 هو إيصال الرسالة العالمية للسلام والتقريب بين الشعوب. وتذهب المديرة العامة للمهرجان، فاطمة الصديقي، إلى أنه ومن خلال الموسيقى في هذا المهرجان «ستعبر أنشودات ورقصات وأصوات وإيماءات أعظم التقاليد العالمية العريقة سبل الخلق وستؤكد الرغبة في التعزيز المتزايدة، للقاء بين الأديان والثقافات والبشر مع الاحترام المتبادل والحوار بين تنوعها الغني من أجل بناء عالم يسوده السلام والأمل». وقد أنشئ هذا المهرجان في سنة 1994، واعتبرته هيئة الأممالمتحدة في سنة 2001 من أهم التظاهرات التي ساهمت في ترسيخ حوار الحضارات بشكل ملحوظ، وشهدت سنة 2006 «تصدير» جزء من احتفالات هذا المهرجان نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية. وشهدت السنة ذاتها في دولة «العام سام» ميلاد جمعية «روح فاس» والتي أسندت إليها مهمة «تصدير» المهرجان نحو الخارج. ويورد مسؤولو هذه التظاهرة أن عددا من المدن العالمية عبرت عن رغبتها في القيام بنفس المهمة التي يقوم بها هذا المهرجان وإيصال رسالته من خلال الموسيقى. مهرجانان بغايات مشتركة في فاس سبق لفوزري الصقلي، مدير وكالة التخطيط الثقافي والفني، أن نظم مهرجانا آخر في دورته الثانية، وذلك في أبريل الماضي، ويشترك المهرجانان في نفس الأهداف والغايات. وقبل إحداث الصقلي لمهرجانه، كان يعمل مسؤولا عن مهرجان الموسيقى الروحية لصاحبه القباج. وفي الوقت الذي حظي فيه مهرجان الموسيقى الروحية لجمعية فاس سايس والذي تحول إلى جمعية روح فاس بالدعاية والحضور الإعلام العمومي ومعه الشخصيات الوازنة، فإن البعض يتحدث عن غياب هذا الاحتضان في الدورة الثانية لمهرجان فوزي الصقلي، والذي أطلق عليه مهرجان الموسيقى الصوفية.