تتمة الصفحة الأولى ورغم شيوع خبر التأجيل داخل قاعة المؤتمر، إلا أن الأشغال استمرت بطرح المقرر التنظيمي للمصادقة، فاقترح محمد الخصاصي رئيس المؤتمر، نظرا لضيق الوقت، أن يتم الاقتصار على مداخلات محدودة من كلا الطرفين المؤيد والمعارض للائحة، ثم المرور بعد ذلك إلى التصويت، إلا أن المؤتمرين رفضوا فتم تسجيل 57 مداخلة، تحدث منها 22، بين مؤيد ومعارض، واتضح أن أغلبية المتدخلين ضد نظام اللائحة. ومع وصول الساعة إلى التاسعة والنصف ليلا، أعلن رئيس المؤتمر أن هناك ملتمسات بوقف النقاش نظرا للعياء الذي أصاب المؤتمرين، والتمس المرور إلى التصويت على أساس أن المداخلات السابقة كافية، فوافق المؤتمرون. إلا أن طريقة التصويت أثارت جدلا آخر، حيث رفض العديد من المؤتمرين أن يتم التصويت برفع الشارات داخل القاعة، متذرعين بأن العديد من المؤتمرين أعطيت لهم شارات مزورة. فقرر رئيس المؤتمر أن يتم التصويت من خلال تقدم مؤتمري كل جهة على حدة أمام المنصة للتصويت، فتمت المناداة على ممثلي أوربا فتقدموا إلى المنصة وشرعوا في التصويت برفع شاراتهم، وتبين أن أغلبيتهم مع نظام اللائحة، ثم تمت المناداة على جهة الصحراء، فتقدم ممثلوها البالغ عددهم 68، فصوت 60 منهم مع اللائحة، وفي هذه اللحظة هجم العشرات من الأشخاص على المنصة، وشرعوا في ترديد الشعارات، وأزالوا صور عمر بن جلون والمهدي بن بركة وكرينة، وحصلت مناوشات ومشادات كلامية وأحيانا بالأيدي. وتردد داخل القاعة أن الأشخاص الذين اقتحموا المنصة هم من أنصار إدريس لشكر، وعبد الهادي خيرات ومحمد بوبكري، حيث استمروا فوق المنصة لحوالي 20 دقيقة قبل أن يعود الهدوء. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يعتقد أن الرئيس محمد الخصاصي سيعلن استئناف التصويت، أعلن بشكل مفاجئ عن توقيف الجلسة من أجل تناول وجبة العشاء، ثم العودة لاستئناف التصويت. وفي الوقت الذي توجه فيه بعض المؤتمرين لتناول وجباتهم، اجتمع رئيس المؤتمر برؤساء الجهات وممثلي اللوائح المرشحة، ونوقشت الأجواء المتوترة التي يمر منها المؤتمر، ومغادرة العديد من المؤتمرين خاصة منهم رجال التعليم المرتبطين بامتحانات الباكلوريا، وتقرر تأجيل المؤتمر بناء على المادة 146 من القانون الداخلي للحزب، الذي يسمح للمكتب السياسي والمجلس الوطني السابق بتسيير أمور الحزب في أجل أقصاه 6 أشهر ينعقد خلالها المؤتمر، مصدر اتحادي علق على هذا القرار بالقول: «كيف يمكن لأعضاء المكتب السياسي أن يجلسوا مع بعضهم البعض بعدما تبادلوا كل أنواع الشتائم خلال اجتماعاتهم الماراطونية طيلة أشغال المؤتمر وعجزوا عن التوصل إلى توافق». بنيحيى: المؤتمر كان ناجحا «توقف أشغال المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يعني أن المؤتمر فشل»، هذا ما قاله محمد بنيحيى، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، قبل أن يضيف أن «المؤتمر كان ناجحا لأنه تمت المصادقة فيه على مجموعة من الأوراق، منها التقرير الأدبي والمالي...». وعزا بنيحيي، في اتصال مع «المساء»، تعليق أشغال المؤتمر إلى «عدم وجود الوقت الكافي لمناقشة كل المقررات المعروضة على المؤتمر قصد المصادقة عليها»، مستبعدا أن تكون لتعليق أشغال المؤتمر تداعيات سلبية من شأنها أن تهدد وحدة الحزب، خاصة وأن قرار التعليق لم يكن قرارا فوقيا وإنما كان بإجماع جميع المؤتمرين. وعزا بنيحيى الأزمة التي يعيشها الاتحاد حاليا إلى عدة عوامل، منها عوامل مرتبطة بالوضع السياسي العام، لكنه أشار إلى أن الحزب دخل في نقد ذاتي لاذع مباشرة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة لتجاوز هذه الأزمة. كرم: التأجيل راجع إلى عدم التحضير الجيد أما محمد كرم، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، فيؤكد أن الأمر يتعلق بتعليق للأشغال وليس بفشل لهذه الأشغال، مؤكدا أن القانون الداخلي للحزب توقع مثل هذه النازلة عندما أشار، في المادة 146، إلى أنه «إذا تعذر انتخاب الأجهزة القيادية للحزب، فإنه يتم تعليق أشغال المؤتمر لمدة لا تتجاوز 6 أشهر». وعزا كرم تعليق أشغال المؤتمر إلى عدم التحضير الجيد لأشغاله، سواء التحضير المادي أو السياسي، من خلال عدم التوافق القبلي حول النقط الخلافية بين المؤتمرين، مضيفا في هذا السياق أن تعليق الأشغال له ما يبرره لأن المقررات التنظيمية والسياسية لم تناقش داخل فروع الحزب في المدن والأقاليم، مؤكدا أن واحدا من أسباب هذه الأزمة التي دخلها الاتحاد هو غياب النقاش الكافي حول الخط السياسي والتنظيمي للحزب. بوقنطار: التأجيل كان أقل سوءا بالنسبة إلى الاتحاديين بالنسبة إلى حسان بوقنطار، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، فإن توقف أشغال المؤتمر الثامن للحزب كان ضروريا نتيجة الصعوبات التي ظهرت خلال مناقشة المقرر التنظيمي، بعد أن قضى المؤتمرون يوما كاملا في مناقشة التقريرين الأدبي والمالي، ومباشرة بعد ذلك تم التطرق إلى طريقة إعادة النظر في أسلوب انتخاب القيادة، وهو الموضوع الذي ظهر جليا أنه لم ينل إجماع المؤتمرين. وثبت أن المؤتمر لم يكن باستطاعته أن يستمر في أشغاله، وإن استمر لا يمكن له أن ينتهي في آجال معقولة، وأصبح من الحكمة أن يتم تأجيل المؤتمر في سقف لا يتجاوز 6 أشهر. وحول ما إذا كان هذا التوقف يهدد وحدة الحزب، عبر بوقنطار، في تصريح ل«المساء»، عن اعتقاده أن قرار التأجيل كان أقل سوءا بالنسبة إلى الاتحاديين، حيث عبروا عن تشبثهم بالحزب رغم الخلافات التي ظهرت فيما يتعلق بالمقرر التنظيمي، والتي قد تكون تسببت فيها الكيفية التي تمت بها المصادقة بعدما لم ترافقها مصاحبة بيداغوجية لإقناع القواعد، لأنه لا يمكن أن نغير دون معرفة ما يروج في القاعدة. وبخصوص الأزمة التي يعيشها الاتحاد، اعتبر بوقنطار أن مظاهرها متعددة بعدما لم يستطع الحزب، إلى حد الآن، الخروج من مخلفات الهزيمة الانتخابية ل7 شتنبر، والشروط التي تم بها تشكيل الحكومة، وردود الفعل التي واكبتها، وإقالة الكاتب الأول ونائبه. هذه العوامل -يضيف بوقنطار- خلفت شرخا كبيرا داخل القوى النافذة داخل الحزب، علما بأن الحزب لا يمكن له أن يعاود عمله إلا بوجود توافقات تقوم على أساس برامج وأفكار، كما ينبغي الخروج من الصراعات بين الأشخاص، وهذا العمل ليس سهلا. وعبر بوقنطار عن أمنيته بأن تنتصر الحكمة والتبصر «لأن ما يقع في الاتحاد له انعكاس على المغرب ككل». ولعلو: سأعمل من أجل توطيد التآزر بين الاتحاديين رفض فتح ولعلو، واحد من المرشحين لرئاسة الحزب، إعطاء تفاصيل أكثر حول خلفيات تأجيل المؤتمر، لكنه أكد، بالمقابل، أنه متفائل لمصير الحزب ومتفائل أيضا للدور الذي سيلعبه الاتحاد لتأهيل الحياة السياسية بالمغرب، مضيفا، في تصريح ل«المساء»، أنه سيعمل بكل جهد من أجل توطيد أواصر التآزر بين جميع الاتحاديين، بنمسعود: الاتحاد لا يعيش أزمة رأت رشيدة بنمسعود، عضو المكتب السياسي للاتحاد، أن تأجيل المؤتمر راجع إلى عدم التوافق بين المؤتمرين حول مضمون مقتضيات المقرر التنظيمي الخاص بنمط الاقتراع اللائحي، مؤكدة، في الوقت نفسه، أن التأجيل لا يعني أن وحدة الحزب أصبحت مهددة، لأن هاجس الحرص على الوحدة بين الاتحاديين كان من الدوافع الأساسية لهذا التأجيل. ونفت بنمسعود أن يكون حزب الاتحاد يعيش أزمة، معتبرة أن ما يجري داخله هو حركية نقاش إيجابي بين مختلف المواقف والتوجهات. العزوزي: الأزمة موجودة فقط في مخيلة خصوم الحزب الظروف المرتبطة بعمل المؤتمرين وكثرة موضوعات النقاش كانت سببا كافيا بالنسبة إلى عبد الرحمان العزوزي، عضو المجلس الوطني للحزب والكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، في تأجيل المؤتمر، مضيفا في تصريح ل«المساء» أن عددا من المؤتمرين لا تناسب ظروف عملهم في أن يستمروا في المؤتمر. ولم يكن ملائما الاستمرار في مناقشة جدول أعمال كثرت نقطه والنقاش كان فيه جديا وحماسيا، مشيرا إلى أنه تضمن نقطا جديدة ستنقل الحزب إلى مراحل أخرى، مما كان يتطلب مزيدا من الوقت، ومن الطبيعي أن ينجم عن ذلك تطويل للنقاش -يضيف العزوزي. وبخصوص ما إذا كان هذا التأجيل يهدد وحدة الحزب، أوضح العزوزي أنه عاش أجواء مؤتمرات عديدة عرفت هي الأخرى حدة في المناقشات، وأنه مرتاح لما حدث. ونفى العزوزي، بالمقابل، أن يكون ما حدث مؤشرا على أزمة يعيش على إيقاعها الحزب، مضيفا أن ما يقع داخل الحزب دليل على الدينامية التي يتمتع بها وروح الديمقراطية التي تسود فيه. أما الحديث عن الأزمة -يشير العزوزي- فهي «غير موجودة إلا في مخيلة من يتمنى إضعاف الحزب واستهدافه». المالكي: تأجيل المؤتمر مؤشر على أن مؤتمراتنا ليست مفبركة أكد القيادي الحبيب المالكي أن تأجيل أشغال المؤتمر هو، في حقيقة الأمر، مؤشر على أن المؤتمرات التي يعقدها الاتحاد ليست مفبركة، بل هي تجسيد حي للديمقراطية الداخلية لحزبنا، مستعبدا، في تصريح ل»المساء»، أن يكون للتأجيل تأثير سلبي على وحدة الحزب، خاصة وأنه لن يكون هناك فراغ على مستوى قيادة الحزب، لأن المجلس الوطني والمكتب السياسي للحزب الحاليان هما اللذان سيدبران هذه الفترة الفاصلة في أفق انعقاد المؤتمر مستقبلا.