أرغمت جموع المحتجين الحاشدة بحي بولعلام وكولومينا بسيدي إفني، ظهر أول أمس الخميس، السلطات الأمنية على مغادرة المواقع التي احتلتها منذ ستة أيام، وذلك بناء على نتائج الاجتماع الذي عقد بمقر ولاية الأمن بين ممثلين عن المحتجين ومسؤولي الأجهزة الأمنية المرابطة بالمنطقة. واشترطت لجنة المحتجين، المكونة من 4 أفراد وهم «الطالبي محمد سالم، خديجة زيان، عزيز الوحداني، حسن شهيد»، على السلطات الأمنية سحب القوات من الأحياء الشعبية بشكل فوري من أجل رفع الاعتصام وعودة الهدوء إلى المدينة، وهو ما استجابت له السلطات دون تردد، حيث شوهدت الوحدات المتمركزة ب(جبل بولعلام وحي للامريم والبرابر وهي تغادر مواقعها في اتجاه الثكنة العسكرية وساحة المطار، كما شوهدت فرق أمنية أخرى تغادر إفني في اتجاه مدينة تيزنيت، وهو ما يؤشر، حسب بعض المتتبعين على قرب انفراج الأوضاع بالمدينة. ولم تستثن من هذا الإجراء إلا المؤسسات العمومية، كالباشوية ومفوضية الشرطة والمستشفى، التي لاتزال القوات متمركزة حولها إلى حدود الساعة. وقد تزامن الاعتصام، الذي أسفر عن الاتفاق المذكور، مع إضراب عام دعت إليه جهات مجهولة، استجابت له بتلقائية كبيرة كافة الطبقات الشعبية بالمدينة، رغم التهديدات التي تلقاها بعضهم من أعوان السلطة بالمدينة. وفي سياق التفاعلات الميدانية بسيدي إفني، عبر السكان عن رغبتهم الملحة في إسماع صوتهم إلى اللجنة تقصي الحقائق التي أعلن مجلس النواب عن تشكيلها وإلى البرلمانيين السبعة من فريق العدالة والتنمية الذين قرروا زيارة الضحايا بعد غد الأحد. لجنة لدعم الضحايا أعلن بأكادير عن تأسيس لجنة محلية لدعم ضحايا ومعتقلي أحداث السبت الأسود بإفني، من طرف عدة هيئات حقوقية وسياسية ومدنية، اتفقت على افتتاح أنشطتها بتحرك ميداني من خلال تنظيم زيارة يوم الأحد المقبل لمدينة سيدي إفني، وذلك في إطار ما أسماه المنظمون ب«قافلة التضامن» التي تهدف إلى رفع الحصار «الرهيب» عن المدينة والطرق المؤدية إليها. وعبرت اللجنة المحلية عن مساندتها اللامشروطة لمواطني المدينة وإدانتها الشديدة للهجمة الأمنية الشرسة التي روعت الجميع دون استثناء، وطالبت بإطلاق سراح جميع المعتقلين والكشف عن لائحة المفقودين، كما طالبت بتأسيس لجنة تحقيق مستقلة لإجلاء الحقيقة، محملة المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات للمسؤولين الأمنيين المشرفين على التدخل الهمجي. وطالبت اللجنة، التي تضم في عضويتها عددا من الفاعلين المحليين المنحدرين من منطقة سيدي إفني آيت باعمران، بالإسراع في رفع التهميش عن سكان المدينة وتحقيق مطالبهم التنموية والاجتماعية، إضافة إلى إخراج المشاريع المقررة في إطار الزيارة الملكية إلى الوجود. وارتباطا بالموضوع، استنكرت منظمة «أطاك» الدولية ما تعرضت له الساكنة المحلية من تعسفات، وطالبت، في البيان الذي أصدرته حول الأحداث، بإيقاف المتابعات القضائية الجارية في حق نشطاء السكرتارية المحلية، وفك الحصار عن المطاردين بالجبال، كما حملت المسؤولية الكاملة لحكومة «عباس الفاسي» في حالة المساس بمناضلي «أطاك» المطاردين بالجبال من قبل رجال الدرك والقوات المساعدة. وفي السياق ذاته، استهجنت الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية طريقة تعاطي القوات الأمنية مع الوضع بالمنطقة، واعتبرت أن الانتهاكات والتجاوزات تستوجب تدخلا حكومياً استعجالياً لجبر الأضرار المادية والنفسية الناتجة عنه، وشددت، في البيان الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، على ضرورة متابعة مرتكبي الانتهاكات وإبراز نتائج لجنة التحقيق في أقرب الآجال، كما دعت القطاعات الحكومية المعنية إلى زيارة المنطقة وتسريع وتيرة إخراج المشاريع التنموية المبرمجة وتقديم مواعيد زمنية محددة بشأن التنفيذ. أما العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، فطالبت بتدخل فوري للملك من أجل التعجيل بالاستجابة للمطالب المشروعة لقبائل آيت باعمران. تهم المعتقلين العشرة قررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير إيداع الموقوفين العشرة على خلفية أحداث سيدي إفني بسجن «إنزكان»، بعد استنطاقهم وتوجيه تهم جنائية إليهم، تتعلق ب«تكوين وقيادة عصابة إجرامية، وإضرام النار، وإهانة الموظفين العموميين أثناء تأديتهم لمهامهم، وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة وللمنشآت الصناعية»، إضافة إلى «التجمهر المسلح ومحاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد». وأفادت مصادر «المساء» بأن التحقيق الابتدائي انتهى في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء/ الخميس، على أساس بدء أطوار التحقيق التفصيلي في غضون الأيام القليلة المقبلة، من أجل تكييف التهم الموجهة إليهم. وأكد شهود عيان أن الموقوفين ظهروا أمام المحكمة منهكين، وبدت عليهم آثار الضرب والجرح، مما أدى بهيئة الدفاع، المكونة من 17 محاميا من هيئة أكادير، إلى المطالبة بإجراء خبرة طبية على المتهمين لتأكيد أو نفي فرضية التعذيب داخل مخافر الشرطة والدرك التي استقبلتهم على مدى الأيام الماضية، كما احتجت هيئة الدفاع على رفض النيابة العامة السماح للمحامين بتسليم وجبة غداء تطوعوا بها لموكليهم، قبل أن تقرر النيابة العامة إيصالها إلى المعنيين في وقت لاحق. إلى ذلك، طوقت أربع سيارات للأمن مبنى محكمة الاستئناف بأكادير، وشكلت عناصرها حزاما بشريا حولها، وشددت إجراءات المراقبة بشكل غير مسبوق، كما أخضعت الجميع لإجرءات تفتيش دقيقة قبل ولوج بهو المحكمة.