حافظت الفنانة رجاء بلمليح، في رأي محبيها، طيلة مشوارها الفني، على صورة الفنانة المثقفة الراقية في تفكيرها ومظهرها ولونها الغنائي، ولم تنجرَّ إلى الابتذال، من أجل مسايرة موضة الكليبات. رحلت المطربة المغربية، بعد مسيرة فنية حافلة امتدت طوال 20 سنة قدمت خلالها العديد من الأعمال الناجحة التي أطربت، وما تزال تطرب آذان مستمعيها... رحلت الفنانة، مخلفة وراءها ألبومات تحمل إيقاعات مختلفة ونبرة واحدة متميزة طبعت اسمَ أحد أعذب الأصوات العربية على صفحات الأذن الموسيقية.. رحلت رجاء وخلفت أيضا ألبومات وصورا نتذكر بها طلتها الرائعة، ويتذكر المستمع أغنيتها الجميلة «يا جار وادينا» وأغنية «طيور الغربة» وغيرهما من الأغاني الجميلة. بين رجاء التسعينيات ورجاء الألفية الثالثة، قبل رحيلها، اختلافات واضحة على مستوى ملامح الوجه، وهو ما أكدته وتناقلته بعض وسائل الإعلام، في إشارة منها إلى إجرائها عمليات جراحية لإضافة جمال آخر إلى ملامحها الجميلة أصلا... كان ذلك التغيير باديا، بشكل واضح، من خلال الصور التي تصدرت أغلفة ألبومات ما بعد 2001، والتي لم تستطع مساحيق التجميل النيل من تعبيراتها الهادئة، سواء قبل أو بعد عمليات التجميل، إن كانت قد أجريت بالفعل. غادرت المغربية رجاء بلمليح جمهورها، وهي في أوج عطائها، عن سن يناهز 45 عاماً، بعد معاناتها مع مرض عضال خاضت معه رحلة علاج طويلة وصعبة، عادت بعدها و قبيل رحيلها إلى الساحة الفنية، بعد تماثلها للشفاء، لتصدر ألبوما حمل عنوان «حاسب»، الذي ضم عددا من الأغاني الخليجية، والذي أنتجته شركة زوجها المصري، الذي عمل أيضاً كمستشار عقاري في الإمارات. وبحكم استقرارها في الإمارات معه رفقة ابنهما الوحيد عمر، تم منح المغنية المغربية الجنسية الإماراتية. وتعود بدايات الفنانة الوديعة، الراحلة رجاء بلمليح، إلى مطلع الثمانينيات، حين شاركت في مسابقة كبرى للغناء نظمت باسم «أضواء المدينة»، تحت إشراف المنتج المغربي حميد العلوي، واحتلت فيها المركز الأول... بعد هذه المحطة، شقّت رجاء طريقها الفني، بالتعاون مع كبار الملحنين المغاربة، فأصدرت عام 1987 أول ألبوم لها تحت عنوان «يا جار وادينا»، الذي ضم عدداً من الأغنيات منها «مدينة العاشقين» و«الحرية»، و«أطفال الحجارة». ثم أصدرت ألبوما آخر بعنوان «هكذا الدنيا تسامح». وفي مطلع التسعينيات، انتقلت إلى مصر، حيث كانت لها هناك انطلاقة جديدة أثمرت ألبوم «صبري عليك طال»، الذي تعاملت فيه مع الملحن حميد الشاعري، ثم ألبومي «يا غايب» و«اعتراف». وحصلت الراحلة على مجموعة من الجوائز وشهادات التقدير، ففي عام 1990 حصلت على شهادة تقدير من مهرجان الأغنية في ليبيا، كما حصلت على شهادات مماثلة من مهرجان القاهرة الدولي للأغنية، ومهرجان الموسيقى العربية في دار «الأوبرا» المصرية، ومهرجان الأغنية التونسية، خلال عامي 1995 و1996، على التوالي. وفي عام 1997، حازت جائزة مهرجان القاهرة الدولي الثالث للأغنية، كما مُنحت عام 1999 لقب سفيرة النوايا الحسنة ل«اليونسيف». وكان آخر ظهور إعلامي لرجاء بلمليح على المستوى العربي استضافتها خلال مارس الماضي من قِبل برنامج «شاعر المليون»، الذي يُبثُّ على «قناة أبو ظبي». أما على المستوى الوطني، فكانت آخر إطلالاتها خلال مشاركتها في برنامج المسابقات الغنائية «أستوديو دوزيم».