بابتسامتها المعهودة وصوتها الشجي،تألقت الفنانة المغربية كريمة الصقلي خلال سهرة فنية أحيتها نهاية الأسبوع المنصرم بأبوظبي،أطربت وغنت وبرعت بصوتها الطربي الذي يشع رقة وأصالة. وبإحساس مرهف وتجسيد راق لمعان موسيقية خالدة،نجحت كريمة الصقلي رفقة فرقة (ميستو) الأمريكية بقيادة المايسترو الفلسطيني نبيل عزام،في انتزاع تصفيق الجمهور الغفير الذي أبى إلا أن يحج إلى المسرح الوطني (كاسر الأمواج) للاستمتاع بسحر الموسيقى العربية في سهرة ظبيانية نظمت في إطار مهرجان "أنغام من الشرق" الذي ترعاه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. في كل لحظات هذا الحفل الفني،حرصت على الانتقال بطبقاتها الصوتية بسلاسة،وبرعت في التجلي بصوتها الجهوري،غنت "ياحبيبي تعال" لاسمهان،و"لا مش أنا" لمحمد عبد الوهاب،وصدحت بموال مرتجل بدون موسيقى من كلمات عائشة الباعونية الدمشقية،ثم أدت بصوتها الرخيم "أنت عمري" للفنانة الكبيرة أم كلثوم،في انسجام باهر مع مايسترو فرقة ميستو. تقول كريمة الصقلي،في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء،إنها "فنانة تنحاز دوما إلى اللون الطربي الأصيل،وتعشق إلى حد النخاع الغناء الصوفي الذي يجعلها في حالة نفسية روحانية تسمو بها وتحلق بها في سمو جلي". وتضيف الصقلي أنها حرصت على المشاركة في هذا المهرجان،لتأكيد شيء أساسي هو "محاولتي الدؤوبة إذكاء حس التواصل الموسيقي العابر للحدود من خلال خوض تجربة الأداء المصاحب لفرق موسيقية عالمية". وأشارت إلى أن ولوجها تجربة الغناء مع فرقة ميستو الأمريكية بقيادة المايسترو نبيل عزام،يشكل "روح تمازج بين كافة تلاوين الموسيقى العربية الأصيلة ومختلف الأصناف الموسيقية العصرية". وأضافت قائلة "إن انغماسي في هذا النمط الغنائي الجديد صحبة فرقة مكونة من موسيقيين أمريكيين،كان له وقع إيجابي في نفسيتي حيث أديت أعمالا غنائية عربية خالدة بفضول معرفي وتشبث راسخ بالموسيقى العربية،وكأني حاولت أن أؤكد مرة أخرى،أن لغة الموسيقى الراقية شيء كوني ليس له حدود،لأنها أداة تواصل حضارية ليس لها مثيل". وأبرزت الفنانة المغربية أن اهتمامها بالتراث العربي الأصيل من خلال استلهام ألحان خالدة مازالت راسخة بذوقها وألحانها الراقية في المشهد الغنائي العربي،يعزى "إلى تجاوبي العفوي والكامل مع المعنى والجودة وعذوبة الكلام والذوق المرهف الخالي من الابتذال والارتجال العابث". وأشارت إلى أن "المتلقي سواء العربي أو الأجنبي عموما يحتاج إلى أداء راق يمزج بين الأصالة في الإبداع وبين استلهام الثقافة الموسيقية الجديدة بكافة أصنافها وتلاوينها". وعن أدائها لبعض أعمال الفنانة الراحلة أسمهان،قالت كريمة الصقلي "أشعر بانصهار عميق في أعمال هذه الفنانة الكبيرة،لأني أؤدي أغانيها بحس موسيقي مرهف ... صوت اسمهان قوي ومرن في نفس الوقت،فيه مزج بين الأداء الرومانسي الخفيف وبين الطابع الطربي الشرقي المحافظ على تعابيره وإيقاعاته الأصيلة". وأضافت "حينما أؤدي أغاني تراثية أصيلة،أحس وكأني أمد جسرا موسيقيا بين الأصالة في أقصى تعابيرها وبين الحداثة بشتى أصنافها". وقالت المطربة المغربية إن "أدائي يمزج دائما بين استلهام الأصالة الموسيقية العريقة التي ليست لها حدود،لكن مع التزام النظم الهادف وارتجال المواويل العربية الصوفية المعبرة". وأردفت قائلة "أنا فنانة مغربية وولجت الساحة الموسيقية العربية من بابها الواسع عبر إصراري على التشبث بالتقاليد الموسيقية العربية الراقية،حيث اللحن الأخاذ والكلمة الموزونة والهادفة،لأن التراث الموسيقى العربي كله ثراء حافل بالعطاء ومازال راسخا في الأذهان رغم تعاقب الزمن"،مشددة على أن "التاريخ يحتضن فقط الأعمال الجيدة والخالدة،ذات الذوق المعبر والإيقاعات الجميلة". وعن الرداءة التي باتت عنوانا للعديد من الأصناف الموسيقية العربية الجديدة،قالت كريمة الصقلي إن "اللاشيء لا يرسخ مكانه حتما ضمن الأعمال الجادة والهادفة،فالأغاني الطربية الخفيفة،صنف غنائي أساسي في موسيقانا لكن يتعين دائما على أصحابه الالتزام بالكلام المعبر والجميل دون العبث باللحن الموسيقي وبأذواق المتلقي المتنوعة". وبخصوص إحيائها سهرة فنية بمعية فرقة موسيقية أمريكية،قالت كريمة "غنيت بعض المقطوعات الغنائية بدون مصاحبة الموسيقيين،أردت من خلالها أن أوضح للجمهور الإماراتي،والعربي عموما،أن التراث العربي والشعر الصوفي القديم مازال خالدا وسيبقى خالدا في كل الأزمنة". وفي ما يتعلق ببرنامجها المستقبلي،قالت كريمة الصقلي "لدي عروض سأقدمها في المستقبل القريب في قطر والأردن،كما أعمل حاليا على إعداد مشروع غنائي رفقة الفنان الكبير مرسيل خليفة بمصاحبة أوركسترا فيلارمونية،وأسعى دائما إلى إنجاز أعمال مغربية أصيلة شريطة حصولي على ألحان جيدة في المستقبل".