يظل دييغو أرماندو مارادونا، مدرب المنتخب الأرجنتيني، الأكثر إثارة للجدل في تاريخ كرة القدم، ويعتبره الكثيرون أفضل لاعب في تاريخ الكرة، وما زالت حياة اللاعب الأرجنتيني السابق مادة خصبة تتناولها الأفلام. المخرج الصربي كوستوريكا عرض فيلما حول أسطورة كرة القدم، الذي جمع بين العبقرية والجنون في آن واحد. لا يعتبر فيلم المخرج الصربي كوستوريكا حول لاعب كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا فيلما وثائقيا بالمفهوم الكلاسيكي، حسب الكاتب بيرند سوبولا، كما أنه ليس فيلما يعرض مارادونا -البطل. لقد طاف المخرج على العديد من المحطات التي لعبت دورا بارزا في حياة اللاعب الأرجنتيني الشهير وقام بزيارة حي «لاروس» الفقير، الذي يقع جنوب العاصمة الأرجنتينية بوينيس آيريس، حيث ولد مارادونا عام 1960، ونشأ و حلم وهو في العاشرة من عمره بشيئين: «حلمي الأول أن أشارك في نهائيات كأس العالم، والثاني أن أفوز بكأس العالم لكرة القدم».. ومن بين مَشاهد الفيلم تلك التي تُظهر مارادونا وهو يقف أمام زعيمي أمريكا اللاتينية «المناهضين للإمبريالية» (هوجو شافيتز وإيفو موراليس)، للتظاهر ضد سياسة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والإدارة الأمريكية. وفي تلك المناسبة قال مارادونا: «تعتبر مشاركتي في هذه التظاهرة شرفا كبيرا لي، كأرجنتيني».. مارادونا «الثائر».. حتى يومنا هذا، يعتبر مارادونا، بالنسبة إلى العديد من هواة وعشاق كرة القدم، أفضل لاعب على الإطلاق. فهو في نظر الكثيرين «أسطورة» كرة القدم، حيث فاز بكل الكؤوس والبطولات في الأرجنتين وإسبانيا وإيطاليا. إلا أن هذه الإنجازات الكروية التي حققها مارادونا لا تهم المخرج الصربي إمير كوستوريكا في فيلمه، فهو يركز على الجانب الثوري في شخصية مارادونا. فهو ابن الأحياء الفقيرة، الذي نجح في أن يغزو نوادي أوربا، وبالتحديد نادي «إف سي برشلونة»، إلى أن يتم استبعاده خلال المباراة النهائية بين ناديه ونادي «أتليتك بيلباو»، عام 1984، بعد أن نشبت مشاجرة بينه وبين لاعب الفريق الخصم. ثم انتقل مارادونا إلى نادي «نابولي»، ليصبح رمز الخلاص للجزء الجنوبي الفقير من إيطاليا، الذي ينجح في التنافس أمام أندية الشمال الغنية، مثل «يوفينتوس تورينو» و«إي سي ميلانو» و«إنتر ميلان».
حياة «فوضوية» اقترنت حياة مارادونا بفضائح تعلقت بالنساء والمشاجرات والمخدرات وتناول المنشطات وعلاقته ب»المافيا». وكل هذه الجوانب السلبية في حياة مارادونا يسلط عليها المخرج الصربي الضوء في فيلمه، دون تسلسل أو تنسيق في حدوثها الزمني، وربما كان يهدف من وراء ذلك إلى التأكيد على حياة مارادونا الفوضوية. كما يعرض الفيلم ما لا يقل عن 100 هدف سجلها مارادونا خلال حياته الكروية، وكل هدف أجمل من الآخر. ويصور المخرج الصربي مارادونا كشخصية تمتزج بين العبقرية والجنون، النجاح والسقوط إلى الهاوية، لاعب ما زال يتمتع بالحفاوة والإعجاب وإنسان نجا من الموت عدة مرات... وهكذا طلع المخرج الصربي إمير كوستوريكا بفيلم مشوق وبأسلوب ممزوج بالفكاهة والغرابة عن واحد من عظماء كرة القدم. حياة مارادونا في سطور ولد مارادونا في فيلا «فيوريتو»، جنوب «بوينس آيرس»، لعائلة فقيرة انتقلت من محافظة «كوريينتس». كان أكبر ابن، بعد ثلاثة بنات، ولديه أخوان هما «هيغو» و«إدواردو»، وكلاهما كانا لاعبَي كرة قدم محترفَين أيضاً. في سن العاشرة، اكتشفت موهبة مارادونا الكروية عندما كان يلعب مع نادي «إستريلا روجا». لعب في المرحلة قبل الاحترافية مع نادي «أرجنتينوس جونيورز»، بين سنتي 1974 و1976، ومن ثم كمحترِف في نفس النادي، حتى سنة 1981. انتقل بعد ذلك إلى نادي «بوكا جونيورز»، مواصلاً موسم سنة 1981، بالإضافة إلى تحقيقه أولَ لقب مع الفريق في الموسم التالي. لعب أول مبارياته مع منتخب الأرجنتين لكرة القدم عندما كان عمره 16 عاماً، ضد منتخب المجر. وعندما أصبح عمره 18 عاماً، مثَّل بلاده في بطولة العالم لكرة القدم للشباب، التي كان نجمَها، وفاز بالبطولة، بعد هزمه منتخبَ الاتحاد السوفياتي بنتيجة 3 - 1 في النهائي. شارك مارادونا في أول بطولة لكأس العالم عام 1982. وفي نفس العام، انتقل إلى نادي «برشلونة» الإسباني. في سنة 1983، فاز مارادونا مع نادي «برشلونة» ببطولة كأس إسبانيا، إثر هزم ريال مدريد. لم تُعجَب إدارة نادي «برشلونة» الإسباني بمارادونا، فانتقل سنة 1984 إلى نادي «نابولي» الإيطالي. وكانت تلك الفترة قفزة نوعية، حيث فاز الفريق بالدوري الإيطالي موسمي 1986/87 و1989/90، وكأس إيطاليا عام 1987، وكأس الاتحاد الأوربي سنة 1989 وكأس «السوبر» الإيطالي عام 1990. كما كان الفريق وصيفاً للدوري الإيطالي مرتين، في 1988/89 و1987/88. في سنة 1986،حقق مارادونا بطولة كأس العالم مع منتخب بلاده، بفوزه على ألمانياالغربية بنتيجة 3 - 2 في المباراة النهائية. اشتهرت في تلك البطولة حادثة إحراز مارادونا هدفاً بيده في مباراة منتخب الأرجنتين ضد منتخب إنجلترا. وبالرغم من أن الحكم احتسب الهدف، فإن الإعادة التلفزيونية تظهر لمسة اليد الواضحة. وصل مارادونا مع منتخب بلاده أيضاً في كأس العالم عام 1990 إلى المباراة النهائية، إلا أن فريقه خسر أمام منتخب ألمانياالغربية، بنتيجة 1 - 0. وشارك أيضاً في كأس العالم عام 1994 في مباراتين وسجل هدفاً في إحداهما، ولكنه فشل بعد ذلك في فحص للمنشطات. توقف مارادونا لمدة 15 شهراً، بسبب تعاطيه الكوكائين، ومن ثم لعب في صفوف نادي «إشبيلية» (1992/1993)، و«نيويلز أولد بويز» (1993)، و«بوكا جونيورز» (1995 إلى 1997). وقد حاول تدريب بعض الأندية، إلا أنه لم يحقق نجاحاً كبيراً في هذا المجال. اعتزل في 30 أكتوبر 1997. يقوم الآن بتدريب منتخب الأرجنتين. عرفت حالته الصحية تذبذبا كبيرا، وقد نقل إلى المستشفى مرات عديدة، في حالات مستعجلة، بسبب المخدرات والوزن الزائد. انتقل إلى كوبا للعلاج من الإدمان، تحت نفقة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو.. لكنه ظل، رغم ذلك، عدو الصحافة الرياضية اللدود في الأرجنتين.