قبل أشهر من انطلاق الحدث الكروي العالمي الأبرز، نظر مسؤولونا في الإعلام والرياضة، بشكل إيجابي في البداية، إلى إمكانية نقل كأس إفريقيا وكأس العالم، دون أدنى انتباه إلى ما ردده العارفون بكواليس ما يُحاك بين القناة القطرية «الجزيرة الرياضية» والقناة السعودية «إي آر تي» حول مشروع الاندماج والاحتكار. في هذا السياق، أكد مصدر مطلع على الملف أن الدعوات الطارئة كانت تُشدِّد على مسألة حيوية وأهمية ومصيرية هي أن يحسم مسؤولونا في ملف اقتناء حقوق بث الكأس القارية والعالمية، قبل أن يحل الوافد الجديد وقبل أن تبسط مجموعة قنوات «الجزيرة» يدها على ملف كأس العالم في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ليكون القرار في الأول والأخير للمسؤولين القطريين في منح الدول العربية حقوق البث الأرضي والفضائي، وفق معاييرَ صارمةٍ حدَّدتْها «الجزيرة الرياضية». الذين تابعوا الملف في تفاصيله الأولى، يقول المصدر، يعلمون أن مسؤولي «قناة إي آر تي»، بالنظر إلى العلاقة الودية التي تجمع المغرب والسعودية، كانوا يتجهون نحو إمكانية منح التلفزيون المغربي حقوق بث كأس العالم وكأس إفريقيا، بمبلغ قد يقل عن 10 ملايين دولار، بمعنى 5 ملايين دولار لكل تظاهرة، والأكثر أهمية أن العقد الذي كان ممكنا أن يوقَّع كان يمنح المغاربةَ حق إعادة بث المقابلات، مما يخول عائدات إشهارية مهمة قد تساهم في امتصاص تأثير الرقم المقترَح على الميزانية وعلى السير العادي للإنتاج في مجالات أخرى. كما تحدثت مصادر عن وجود معلق مغربي توسَّط لتوقيع العقد بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، إلا أن مسؤولينا فوتوا الفرصة بعد اندماج «إي أر تي» في «الجزيرة الرياضية» وتعقد المسألة في ما بعد. ويضيف المصدر: «بعد شراء قناة «الجزيرة» حقوقَ بث كأس إفريقيا وكأس العالم، دخل مسؤولو التلفزيون المغربي على خط التفاوض من جديد، على أمل أن ينطلق النقاش من حيث انتهى مع مسؤولي محطة «إي آر تي»، إلا أنه كان ل«الجزيرة» رأي آخر، إذ عمدت، في مناقشة كأس العالم، إلى المطالبة بمبلغ 10 ملايين دولار، مقابل السماح للتلفزيون المغربي بنقل بعض مقابلات كأس إفريقيا تختارها «الجزيرة»، ووصلت المفاوضات حول الكأس الإفريقية نحو النفق المسدود وحُرِم بعض المغاربة من متابعة مقابلات مهمة في أنغولا.. في تلك الفترة، بدأ التفكير يتجه نحو مناقشة شراء حقوق بث كأس العالم، وهذه قصة أخرى»... قصة يقول المصدر، بدأت بدخول وزارة الاتصال ووزارة الشباب بتصريحاتها على خط النقاش، وبدأ ترويج خطاب مهم حول استحالة عدم متابعة المغاربة كاسَ العالم في جنوب إفريقيا، وهذا ما فهم منه البعض أن الحكومة ستخصص ميزانية خاصة للكأس العالمية، بعيدا عن ميزانية العقد -البرنامج الذي ينص على التزامات محدَّدة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مقابل (...؟؟؟)، إلا أن النقاش مع «الجزيرة» أخذ منحى صعبا بعدما طالبت الأخيرة بمبلغ 15 مليون دولار مقابل نقل 22 مقابلة من أصل 64 مقابلة، وهو ما رفضه مسؤولو التلفزيون المغربي، مما جعل التصريحات الحكومية تتجه نحو تبني الطرح التبريري، بالتأكيد على استحالة أن تدفع الدولة هذا المبلغ الذي وُصِف ب«الخيالي»، كما اتخذت التصريحات طابعَ الانتقاد لمطالب «الجزيرة» وللغة الاحتكارية التي تتشبث بها في مفاوضاتها، قبل أن يُطوى الملف بالتزام الصمت وانتظار ما تجود بها القنوات الفرنسية والألمانية والتركية وانتظار «هبة» يمنحها قراصنة «درب غلف» للمغاربة، بإتاحة الفرضة لهم لمتابعة كأس العالم. وبلغة ساخرة، يضيف المصدر: «إذا كنا نسلم، فرضا، بأن مطالب «الجزيرة» المادية لا يمكن قبولها، وإذا كنا نسلم ثانيا بأن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لا يمكن أن تقدم هذا المبلغ، بالنظر إلى ميزانيتها والتزاماتها في دفتر التحملات والعقد -البرنامج، فهل كانت وزارة الشباب والرياضة -انسجاما مع التصريحات التي أُطلِقت- ستقدم الدعم المالي للشركة لنقل كأس العالم؟ من جهة أخرى، ألا يمكن التفكير من الآن في صيغة سياسية ورياضية وقانونية ومالية تضمن للمغاربة الحق في متابعة كأس العالم لسنة 2014، التي اشترت «الجزيرة» حقوقها؟ ويحق لنا التساؤل أيضا: ألم يكن بالإمكان أن يتابع المغاربة كاس العالم، لو كان هناك تدبير محكَم وتكاملي بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ووزارة الاتصال ووزارة الرياضة والشباب، لاسيما في اللحظة التي فتحت فيها المفاوضات بين الشركة ومسؤولي قناة «إي آر تي»، التي سبق أن أبدت ليونة كبيرة أثناء نقل كأس إفريقيا في تونس؟...