ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    زياش يعبر عن فرحته بالانضمام للدوري القطري    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    في ظل السياسة اللااجتماعية للحكومة.. نقابة تدعو إلى إضراب عام وطني إنذاري الأربعاء المقبل    ارتفاع العجز التجاري بنسبة 7,3 في المائة خلال 2024 (مكتب الصرف)    الثعلب وحظيرة الخنازير    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    فينيسيوس : رونالدو قدوتي وأسعى لصنع التاريخ مع ريال مدريد    الملك محمد السادس يبعث برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس الأمريكي إثر الحادث الجوي بواشنطن    حالة حزن تسود الوسط الإعلامي.. الصحافي أيوب الريمي في ذمة الله    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    حصبة قاتلة : ارتفاع في الإصابات والوفيات وجهة طنجة تتصدر الحصيلة    عاجل... فتح مراكز التلقيح الإجباري للتلاميذ ضد بوحمرون بدءا من الإثنين ومن رفض يتم استبعاده من الدراسة    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    القاهرة.. اللاعب المغربي أمين جمجي يحرز لقب بطولة إفريقيا لكرة المضرب لأقل من 18 سنة    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    حفل توقيع بطنجة يحيي ذاكرة مجاهد مغمور في سجل المقاومة المغربية    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    تبرع ملكي لبناء مسجد في متز الفرنسية: عمدة المدينة يرد بقوة على من يقف وراءهم العالم الآخر    ماركو روبيو: خدعنا الناس في الاعتقاد بأن أوكرانيا يمكنها هزيمة روسيا    وزير التربية الوطنية يلجأ إلى تفعيل الدراسة عن بُعد لإبعاد غير الملقحين من المدارس    "الاستقلال" يبعث رسائل الانتخابات من الصحراء .. وولد الرشيد يتوقع قيادة الحكومة    الكاف يكشف عن البرنامج الكامل للمباريات كأس أمم إفريقيا – المغرب 2025    غوغل تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي "Gemini 2.0 Flash"    وفاة كولر مبعوث الصحراء السابق    "بي دي اس" المغرب: حملة المقاطعة تسببت في اختفاء المنتجات المغربية من الأسواق الإسرائيلية    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    توقيف شخصين بالبيضاء للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بالتزوير والنصب والاحتيال والسرقة    شخص يطعن والده في الشارع بأكادير: قسوة العقاب واعتبارات القانون في جناية قتل الأصول    صادرات المغرب الفلاحية إلى فرنسا تُستهدف بمقترح قانون فرنسي    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    استعدادات لانعقاد الدورة الثانية من منتدى الترابط الماء-الطاقة-الغذاء-النظم البيئية بطنجة    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    المغرب يعزز التزامه بحماية حقوق المهاجرين... سياسة شاملة من الاستقبال إلى الاندماج    التعاون والشراكة بين القوات المسلحة الملكية والمديرية العامة للأمن الوطني في مجال السينوتقني    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    العلاقات بين مالي والمغرب.. تاريخ طويل من التعاون والتحديات    المغرب يرفع التحدي ويبهر العالم.. ملاعب عالمية في وقت قياسي بأيدٍ مغربية    لجنة برلمانية في مجلس المستشارين تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالإضراب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    بركة يناقش تدبير ندرة المياه بالصحراء    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    المهرجان الدولي للسينما بدبلن يحتفي بالسينما المغربية    "النجم الشعبي" يستحق التنويه..    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    122 حالة إصابة بداء الحصبة بالسجون    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي «جيل جديد» من الإصلاحات في أفق انتخابات 2012؟
نشر في المساء يوم 10 - 06 - 2010

أثار التصريح الحكومي للوزير الأول السيد عباس الفاسي جملة من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض لمنهجية ومضامين هذا التصريح. بيد أن أبرز المستجدات التي حملها هذا التصريح هو إشارة الوزير الأول إلى عزم حكومته على إجراء استشارات مع مختلف الفرقاء السياسيين من أجل «بلورة إصلاحات سياسية تتوخى عقلنة المشهد السياسي والحزبي وتخليق العمليات الانتخابية وتقييم وتقويم ضوابطها، بغية إقرار الحكامة السياسية وإعادة الاعتبار إلى الشأن السياسي حتى يكون المغرب هو الفائز السياسي الأول في استحقاقات 2012».
تثير هذه الفقرة العديد من التساؤلات المركزية من قبيل: كيف سيتم تدبير ملف الإصلاحات السياسية القادمة؟ وفي أي سياق سياسي ستتم بلورة هذه الإصلاحات؟ وما هو تأثير هذا السياق على مجريات استحقاقات 2012؟ لكن قبل هذا وذاك، هل الأمر يتعلق فعليا ب»إصلاحات جديدة» تروم تحقيق رهان التنافسية السياسية أم إن الأمر لا يعدو أن يكون سوى مطالب قديمة ذات صبغة إجرائية أكثر مما هي إصلاحات مؤسساتية جوهرية؟
ثمة ثلاثة مستويات أساسية يمكننا من خلالها مقاربة هذا الموضوع:
المستوى الأول: يتعلق بالإطار العام للإصلاح السياسي نفسه، هل يراد منه إصلاح شمولي أم إصلاح تدبيري مرتبط باللحظة الانتخابية فقط؟
إن مسألة الإصلاح الدستوري لن يتم إدخالها إلى متحف القانون الدستوري المغربي لاعتبارات موضوعية، أهمها بروز ملفين أساسيين، أولهما الجهوية الموسعة وثانيهما إصلاح القضاء، فمهما كانت صيغة المشروع الذي ستقدمه اللجنة الاستشارية للجهوية فإنه سيفضي، في نهاية المطاف، إلى تعديل دستوري يركز بالأساس على التنصيص الدستوري على اختصاصات الإدارة الترابية المركزية في علاقتها بالجهات.
وأوتوماتيكيا، سيفضي هذا التعديل إلى إعادة النظر في تركيبة واختصاصات البرلمان، خصوصا على مستوى تركيبة واختصاصات مجلس المستشارين، حيث يكاد مطلب انتخاب المجالس الجهوية بطريقة مباشرة يحقق نوعا من الإجماع في جل المذكرات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية بخصوص تصورها حول مشروع الجهوية الموسعة.
في الواجهة الأخرى، يبرز ورش إصلاح القضاء كمدخل لإصلاح دستوري جوهري، بحيث ينبغي أن يجعل من القضاء سلطة دستورية مستقلة بذاتها.
المستوى الثاني: يتمحور حول المنهجية التي على ضوئها ستتم معالجة هذه الإصلاحات. وهنا يطرح سؤال مركزي ألا وهو: إلى أي حد سيستمر الفرقاء السياسيون في نهج منهج التوافق والتراضي مثلما عرفته تعديلات مدونة الانتخابات الأخيرة؟
إن طبيعة هذه الإصلاحات تتطلب قدرا كبيرا من الإجماع الوطني حتى تحقق فعاليتها من الناحيتين المعنوية والسياسية وحتى تكون قواعد اللعبة السياسية مستبطنة من قبل جميع الفرقاء السياسيين، بيد أن الاستمرارية في صيغة التوافق والتراضي تضعف هذه الإصلاحات في العمق.
وبالرغم من أن السيد الوزير الأول استطاع اجتياز اختبار التصريح الحكومي بأقل الخسائر بعدما أجبر الأغلبية الحكومية على الدفاع عن الأداء الحكومي، فإن الوزير الأول أمامه امتحان صعب يتعلق بكيفية تمرير هذه الإصلاحات إدراكا من الجميع أن من سيتحكم في ملف الإصلاحات السياسية القادمة سيتحكم في مفاتيح الخريطة الانتخابية لسنة 2012، وهو أمر تدركه الأغلبية الحكومية والمعارضة على حد سواء، بيد أنه ليس هناك تطابق في الرؤى بالنسبة إلى الأغلبية الحكومية، فحزب الاستقلال سبق له أن رفض الانسياق وراء مطلب حليفه الاتحاد الاشتراكي أثناء تقديم مذكرة مشتركة حول الإصلاحات الدستورية والسياسية حينما أعلن السيد عباس الفاسي صراحة أن مسألة الإصلاح الدستوري تبقى بيد الملك ليختزل مدلول الإصلاح في الجانب الإجرائي المتعلق بالمسألة الانتخابية.
وحتى على مستوى الإصلاحات الإجرائية، فإنه فليس من السهل على الحكومة تمرير هذه الإصلاحات لاعتبارات متعددة، فقد تواجه هذه الإصلاحات معارضة حتى من داخل مكونات أغلبيتها، فلو أخذنا، على سبيل المثال لا الحصر، إعادة النظر في نمط الاقتراع المعمول به حاليا والمتجسد في الاقتراع بالتمثيل النسبي مع أكبر البقايا ونظام العتبة المحددة في ستة في المائة، سنجد أن مكونات الكتلة دعت إلى تعويضه بالاقتراع الأحادي الاسمي في دورتين، فيما تطالب الحركة الشعبية، وهي اليوم مكون من مكونات الأغلبية، بالاقتراع الأحادي في دورة واحدة لأنه يخدم مصالحها خصوصا في العالم القروي. و الأمر نفسه ينطبق على الحزب المعارض الأصالة والمعاصرة. هذا في الوقت الذي يطالب فيه المكون الثاني للمعارضة، حزب العدالة والتنمية، بضرورة تعميم نظام الاقتراع بالتمثيل النسبي على مختلف الدوائر الانتخابية.
أمام هذا الوضع، يطرح سؤال آخر لا يقل أهمية عن سابقه ألا وهو من ستناط به مهمة تدبير هذه الإصلاحات؟
يستبعد، في المرحلة السياسية الحالية، خلق لجنة تأسيسية منتخبة يعهد إليها بتدبير هذا الملف مثلما هو معمول به في العديد من الأنظمة السياسية المعاصرة، حيث ليس هناك من خيار في المستقبل السياسي القريب سوى أن يعاد أمر هذه الإصلاحات إلى وزارة الداخلية التي سبق لها أن لجأت في الاستحقاقات الماضية إلى صيغة «المشاورات السياسية» مع مختلف الأحزاب السياسية الممثلة داخل البرلمان على إثر التعديلات التي عرفتها مدونة الانتخابات الأخيرة مثلما لجأت إلى الصيغة نفسها على إثر تعديل الخريطة الجماعية التي شهدت انتقالا من 1447 إلى 1503 جماعات، جلها جماعات قروية، إذ نجد فقط 221 جماعة حضرية والباقي جماعات قروية.
وإذا كان من المجدي فتح مشاورات سياسية مع مختلف التنظيمات السياسية الممثلة داخل البرلمان، فإنه من المجدي أكثر فتح نقاش موسع بين مختلف مكونات المجتمع المدني حتى يكون لهذه الإصلاحات وقع إيجابي على الرفع من حجم المشاركة السياسية في الاستحقاقات القادمة.
أضف إلى ذلك أن تدبير الحيز الزمني السياسي يطرح نفسه هنا بإلحاح شديد، فقد انعكس طابع الاستعجال الذي اعترى الاستحقاقات الماضية على الأداء السياسي للأحزاب السياسية في هذه الاستحقاقات، لذلك لا بد من الدخول في مشاورات موسعة من الآن حتى يتم فسح المجال للأحزاب السياسية بغية الاستعداد المبكر لهذا الاستحقاق.
المستوى الثالث: نسلط من خلاله الأضواء على مضمون هذه الإصلاحات. وهنا من الصعب جدا الفصل بين ما هو تقني وما هو سياسي، فثمة علاقة جدلية بينهما تبدو بشكل قوي. إن الإصلاحات المنتظرة لن تشمل البنية الفوقية للدستور بقدر ما ستشمل بعض القوانين المرتبطة بتدبير الشأن السياسي العام، كإعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية، خصوصا المادة الخامسة التي أثارت نقاشا دستوريا وسياسيا مستفيضا، وتحديث مدونة الانتخابات بشكل يستهدف القضاء على الفساد الانتخابي والتشجيع على المشاركة السياسية الاعتيادية، حيث يسلط الضوء اليوم على إعادة النظر في نمط الاقتراع الذي سيعرف نقاشا حادا إلى جانب التقطيع الانتخابي على اعتبار أن هذا الأخير ليس مسألة شكلية، بل إنه عامل أساسي في توجيه الانتخابات، فهو آلية سياسية قبل أن يكون آلية تقنية، لذلك يعد من العوامل المركزية في التأثير على النتائج الانتخابية، إذ يحدث أثرا مباشرا على نتائجها، وكذلك ستفرض مراجعة اللوائح الانتخابية نفسها بقوة إلى جانب إجراءات تدبيرية أخرى، كنظام العتبة واعتماد البطاقة الوطنية كوسيلة وحيدة في يوم الاقتراع... دون أن ننسى الرفع من تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة، حيث تطرح قضية المشاركة السياسية للمرأة المغربية نفسها بإلحاح شديد اعتبارا للمرحلة الإنمائية التي يعرفها المغرب.
إن نتائج الانتخابات الجماعية ل12 يونيو 2009 شكلت محطة نوعية في تاريخ المرأة المغربية، ليس فقط بحصولها على 3406 مقاعد بنسبة ناهزت 12 في المائة، بل أيضا بالإجراءات التدبيرية والقانونية التي صاحبت هذه الانتخابات، مما مكن النساء لأول مرة في تاريخ المغرب من أن يصل ترشيحهن إلى ما يزيد على 20 ألف امرأة. كما أن جل الأحزاب السياسية استطاعت أن تغطي ترشيحاتها للنساء، سواء في اللوائح الإضافية أو اللوائح العادية. لقد عمدت الدولة إلى تقديم العديد من التحفيزات، كإحداث صندوق لتقوية قدرات النساء التمثيلية بغية تحفيز الأحزاب السياسية على تدعيم ترشيحهن، كما قدمت دعما ماليا إلى العديد من الجمعيات النسوية بغية دعم قدرات النساء في المجال السياسي، علاوة على إحداث دوائر انتخابية في كل الجماعات والمقاطعات لضمان الحد الأدنى من الحضور النسوي في تجربة التسيير الجماعي خلال هذه الاستحقاقات.
ورغم كل هذه الإجراءات، فإن مطلب الحركات النسوية بضرورة الوصول إلى نسبة 30 في المائة من تمثيلية النساء داخل المؤسسات المنتخبة سيفرض نفسه بإلحاح شديد ضمن هذه السلسلة من الإصلاحات السياسية.
مجمل القول أن أي إصلاحات سياسية ستقدم عليها الحكومة ينبغي لها أن تروم تحقيق مطلبين أساسيين، أولهما إزالة الشوائب التي تعتري المشهد السياسي بشكل عام والمشهد الانتخابي بشكل خاص، وثانيهما بلورة إجراءات تدبيرية تروم تحقيق تنافسية سياسية قوية تتمخض عنها حكومة منسجمة ومجالس منتخبة بكيفية نزيهة وشفافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.