ماهي أسباب هذا الإضراب الإنذاري، هل ترتبط بظروف العمل أم بأشياء أخرى؟ الإضراب لا يرتبط بمسبب واحد أو مسببين، بل إن شغيلة الجماعات بالبيضاء وعمال شركات النظافة يعملون في وضع لا ينطبق عليه وصف آخر غير «الكارثي». ففي ظل غياب ظروف العمل المناسبة، بل انعدامها، نجد عمال النظافة يعمدون إلى جمع الأزبال بأيديهم ودون استعمال أي واقيات، فلا يخفى على أحد ما يمكن أن يترتب عن ذلك من إصابات أو جروح خطيرة أو غيرها، كما أن العديد منهم يعاني من أمراض ترتبط بطبيعة عملهم، وهي غالبا ما تتعلق بضيق التنفس والحساسية، حساسية الجلد والعيون، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية. وفي مقابل ذلك يطلب من عامل النظافة بذل مجهود جبار وذاتي، رغم غياب الإمكانيات اللوجيستيكية، وتلميع الأزقة والشوارع، رغم أن المكنسة التي منحت له لا تملك من المكنسة إلا الاسم. فكيف لعامل النظافة أن يؤدي عمله على أكمل وجه بسبب ما تم ذكره، بالإضافة إلى أن تكالب ظروف أخرى تجعل عمل عمال النظافة شبيها بحرب «خبز» يومية، إذ تغيب المرافق الصحية، كما أن المستودعات «الحظائر» التي يضعون بها حاجياتهم لا تمت للمستودعات بأي صلة، وفي ظل غياب حمامات، فعمال النظافة يظلون على حالهم إلى حين العودة إلى منازلهم. وماذا عن الأشياء الأخرى التي أفاضت كأس شغيلة الجماعات وعمال النظافة؟ نحن لم نخض هذا الإضراب الإنذاري بشكل مجاني، إن عمال النظافة يعيشون أوضاعا مادية «مزرية»، لأن أجورهم لا تتعدى «السميك»، فمبلغ 2000 درهم في أحسن الحالات بالنسبة إليهم هو مبلغ لا يمكن أن يضمن الراحة والعيش الهنيء لأسر وعائلات العمال في ظل ارتفاع الأسعار، بل إن هذا المبلغ لن يكفي لاكتراء بيت عادي بحي شعبي تتوفر فيه ظروف الحياة السليمة، فغالبية هؤلاء العمال يكترون غرفا يتكدسون فيها هم وأسرهم مادامت جهات لا رغبة لديها في رفع أجورهم ولا حتى تعويضهم عن ساعات العمل الإضافية، وهو الشيء نفسه الذي يعاني منه موظفو الجماعات المحلية، حيث لا يجري تعويضهم عن ساعات العمل الإضافية ولا حتى الترقية.. اعتبرتم الإضراب إنذاريا، هل هذا يعني أنكم ستصعدون من احتجاجاتكم؟ ضمانا لإنصاف أصحاب الحقوق، نحن نقول إنه لا محيد عن إنصاف هذه الفئة، وفي حال عدم الاستجابة الفورية لمطالب الشغيلة المعنية سندخل في تصعيد غير مسبوق ومفتوح حتى يتم إنصاف الجميع وهو ما سيترتب عنه احتقان حقيقي، وهذا سيتحقق من خلال التزام رئاسة المدينة بما يقضي به العقد الذي تم الاتفاق على مضمونه بين جميع الأطراف في ال18 من فبراير الماضي، وهذه المطالب هي توفير شروط العمل، وتعميم المنحة على الأوساخ المنصوص عليها قانونيا، ومنح البذل لكافة العمال، والالتزام بجميع المستحقات لفائدة الشغيلة، بما فيها الترسيم.
شعيب الحيرش - الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للجماعات المحلية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.