عندما كان الملك محمد السادس يستقبل وفدا عن قبائل آيت باعمران، خلال الزيارة التي قام بها لمدينة كلميم في ديسمبر الماضي، توجه صوبه شاب في مقتبل العمر، خارقا البرتوكول، وفتح معه نقاشا مؤدبا، غير مبرمج، حول أوضاع منطقته. لم يكن هذا الشاب الذي فاجأ الحاضرين في هذا اللقاء، الذي حضره ممثلو وأعيان المنطقة، سوى محمد الوحداني، الأستاذ الباحث في الأدب العربي، وعضو السكرتارية المحلية بسيدي إفني، والمعروف بين أبناء منطقته بأنه قائد احتجاجات الباعمرانيين ضد سياسة التهميش والفقر والجوع التي تعيشها المنطقة منذ 39 عاما. دخل الوحداني، ذو 38عاما، في نقاش مع الملك حول مطالب قبائل آيت باعمران بسيدي إفني دون أن تكون كلمته مبرمجة من قبل, كما يقضي بذلك البروتوكول الملكي. وقال الوحداني للملك في أدب وبدون ارتباك: "من فضلك نريد أن نعرف مصير ملتمس سكان قبائل آيت باعمران بسيدي إفني المتمثل في تشييد عمالة والذي ظل السكان يطالبون به منذ 1975". وكان جواب الملك بأن هذه القضية ليست في علمه، قبل أن يتابع الوحداني حديثه قائلا: "إن الملتمس حول تشييد العمالة وضعت شخصيا نسخة منه بالديوان الملكي أثناء زيارة قمت بها للرباط من أجل هذا الغرض في غشت المنصرم مع ثلاثة أشخاص من ممثلي آيت باعمران". وكان لافتا للانتباه أن الملك لم يتوصل بهذه النسخة من الملتمس عندما عقب بالقول: "وضعتم ملتمسا في الديوان لكن لم أتوصل به", قبل أن ينادي على واحد من مرافقيه بالديوان ليكلفه بالبحث في هذه القضية. مضت ستة شهور على لقاء الوحداني غير المبرمج مع ملك البلاد، ومنذ ذلك الحين ظل ابن قبيلة آيت باعمران يبحث عن مآل الملف الذي وضعه بالديوان الملكي عن أوضاع منطقته، التي يطالب أهاليها بإحداث عمالة خاصة بهم، ورفع التهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي يعانون منه منذ ردح من الزمن، دون أن يجد جوابا لأسئلته وأسئلة أبناء منطقته. الوحداني، الذي خاض رفقة أبناء منطقته الانتفاضتين الأولى والثانية لقبائل آيت باعمران قبل ثلاث سنوات من الآن، ولجأ رفقة أعضاء آخرين إلى أصدقاء الملك من أجل إيصال مطالبهم إلى عاهل البلاد للبت فيها، اكتشف بعد لقائه مع الملك أن كل الوعود التي تلقوها كلام ليل، وأن الهدف منها هو إيقاف المظاهرات القوية التي ينخرط فيها شباب وشيوخ قبائل آيت باعمران... رجالهم ونساؤهم. وفي غضون ذلك انسحبت مختلف الأحزاب التي كانت ممثلة في السكرتارية المحلية لسيدي إفني، التي يقودها، من السكرتارية، ولم تبق إلا بعض الجمعيات. فكر ابن قبائل آيت باعمران في خطوة أخرى لإحياء ملف سيدي إفني، فكانت محاصرة الميناء التي لقيت ترحيبا من السكان، الذين لبوا نداء السكرتارية، وحاصروا الميناء، قبل أن تحاصرهم هراوات رجال الأمن وتقود محمد الوحداني.. قائد احتجاجات قبائل أيت باعمران، رفقة آخرين إلى مكان يجهلونه إلى حد الآن.