رغم أن محيط النافورة العمومية المقابلة لمقر بناية الدارالبيضاء كان يعج مساء السبت بزوار وسياح جاؤوا لالتقاط صور تذكارية مع أسراب الحمام، فإن أصوات أرامل وأهالي عمال مصنع «روزامور» للأفرشة، جعلت الوافدين إلى ساحة الأممالمتحدة، المطلة على مبنى الولاية، محطة للاحتجاج في تخليد الذكرى الأربعينية لاحتراق 56 عاملا وعاملة داخل مصنع الموت نهاية أبريل الماضي. في وقفة احتجاجية نظمت بتنسيق بين المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ولجنة التضامن مع ضحايا محرقة روزامور بالبيضاء، تعالت حناجر عائلات الضحايا، مرددة شعارات نارية تدين أوضاع العمال المغاربة الهشة داخل الوحدات الصناعية في غياب شروط الأمن والسلامة، حيث يتم الإجهاز على حقوقهم من طرف المشغلين. وقد تعالت، في الوقفة التضامنية، شعارات تتهم السلطات، معتبرة إياها «متواطئة» في المحرقة التي شوت فيها النيران أجساد العمال. وقد شاركت أسر الضحايا في الوقفة بشارع الحسن الثاني بعد أن حضروا لقاء احتضنه المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد بزنقة أكادير، خصص لتقديم شهادات الناجين من المحرقة وإلقاء كلمة باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأكد مصدر حقوقي أن مختلف القاعات العمومية أغلقت أبوابها أمام اللجنة المنظمة للقاء ليحتضنه مقر الحزب الاشتراكي الموحد. ووصفت خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، محرقة روزامور ب«الجريمة البشعة التي شاركت فيها الباطرونا والسلطات، داعية إلى محاكمة المسؤولين المحليين الذين وقعوا على رخص استغلال المصنع كوحدة صناعية، بالرغم من كون البناية تفتقر إلى أدنى شروط السلامة المفترض توفرها في المصانع. وقال سعيد بلحماني، المحامي بهيئة البيضاء ومنسق لجنة التضامن مع ضحايا المحرقة، إن محكمة القطب الجنحي التي تنظر في ملف روزامور رفضت الاستجابة لطلب تقدم به الدفاع لمتابعة المسؤولين في الإدارات العمومية الذين وردت أسماؤهم في محاضر الضابطة القضائية. وطالبت أسر الضحايا بإنزال أقصى العقوبة بالمتورطين في حادث أفقدهم أبناءهم ورددوا شعارات ضمنها: «المحكمة ها هي، والعدالة فينا هيا»، ملوحين بأيديهم صوب مقر بناية المحكمة الابتدائية المطل بدوره على مقر ولاية الدارالبيضاء. وقال محمد بوزيان إنه فقد ابنه عبد الله، ومازال يشعر بغصة في حلقه منذ أن سلمته السلطات نعش ابنه المحترق وأضاف: «قالوا لي خذ الرقم 37 إنه يعود لتابوت وضعت فيه جثة ابنك. لم نتعرف عليه لأن النيران شوهت جثته. لماذا لم يحترق أيضا المسؤولون عن الجريمة، ممن منحوا تراخيص البناء لمعمل كان صاحبه يغلق على أبنائنا أبوابه». وجاء والد عبد الله بوزيان مرفوقا بزوجة ابنه التي كانت ترتدي ثياب الحداد. وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية بمحاكمة المسؤولين عن حادث احتراق عشرات العمال بالحي الصناعي ليساسفة نهاية أبريل الماضي، وطالبوا السلطات بتحمل مسؤوليتها في تطبيق قوانين الشغل وتوفير شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل. وأكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية على مسؤولية الدولة في حماية العمال والسهر على تحسين ظروف اشتغالهم، مشيرين إلى ما يشهده الحق في العمل والحقوق الشغلية من انتهاك وإهدار، وطالبوا بالعمل على فرض تطبيق قوانين الشغل وتعديلها الإيجابي، بما يتلاءم والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية. وبهذه المناسبة، يدعو المكتب المركزي جميع فروع الجمعية إلى العمل على إحياء هذه الذكرى جهويا ، أو بالتنسيق مع الهيئات الديمقراطية وعلى رأسها النقابات، وذلك عبر تنظيم أنشطة مختلفة ومتنوعة، من وقفات، وعروض أو ندوات...