من بين الإشكالات القانونية والواقعية لما بعد صدور الحكم إكراهات التنفيذ. فتنفيذ الأحكام القضائية يعد أكبر معضلة يعانيها القضاء، و أهم ورش يتم الاشتغال عليه حتى تعود للقضاء سلطته، و لأحكامه و قراراته هيبتها. ويعد الحجز التحفظي أو التنفيذي من طرق التنفيذ الأكثر فعالية لما تمارسه من ضغط على المدين، المحكوم عليه بأداء دين متخلد بذمته، ليخضع لأحكام القضاء و مقرراته، من جهة، و لما لها من بعد زجري، من جهة أخرى، بحيث إن التصرف في المحجوز عبر إتلافه أو تبديده، من شأنه أن يضع المسؤول عنه تحت طائلة المتابعة أمام المحاكم ذات الطبيعة الزجرية. و يقصد بالتبديد، التحويل أو التنقيل، و يهدف المشرع من خلال تجريم مثل هكذا فعل، أي إتلاف و تبديد المحجوز، إلى ضمان احترام قرارات القضاء و السلطات العمومية، من جهة، وحماية مصالح الطرف الدائن الذي أوقع الحجز، من جهة أخرى. وقد نص المشرع على الحجوز والمساطر المرتبطة بها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447، بتاريخ 28 شتنبر 1974 بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية، و نص على جريمة تبديدها و على عقوبتها بالقانون الجنائي في الباب التاسع الخاص بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال، الفرع الأول في السرقات وانتزاع الأموال. الحجز التحفظي و الحجز التنفيذي يصدر الأمر المبني على طلب بالحجز التحفظي من رئيس المحكمة، و يحدد و لو على وجه التقريب مبلغ الدين الذي رخص الحجز بسببه، و يبلغ و ينفذ دون تأخير. و يترتب عن الحجز التحفظي وضع يد القضاء على المنقولات و العقارات التي أنصب عليها و منع المدين من التصرف فيها تصرفا يضر بدائنه و يكون نتيجة لذلك كل تفويت، بمقابل أو بدونه، مع وجود الحجز باطلا و عديم الأثر. و يبقى المحجوز عليه حائزا للأموال إلى أن يتحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي ما لم يؤمر برفعه، و ما لم يعين حارس قضائي. و يمكن له أن ينتفع بها بحرص و أن يتملك الثمار دون أن يكون له حق كرائها إلا بإذن من القضاء، و لا يمكن التمسك بأي عقد يتعلق بأصل تجاري أو بأحد عناصره في مواجهة الدائن الذي أوقع حجزا تحفظيا على ذلك الأصل أو على أحد عناصره مما يتعلق بموضوع العقد المشار إليه. و إذا وقع الحجز التحفظي على منقولات توجد في حوزة المنفذ عليه، قام عون التنفيذ بتعدادها و ترقيمها في محضر، و إذا تعلق الأمر بأصل تجاري تضمن المحضر وصف العناصر المادية وتقدير قيمتها و تتخذ نفس الإجراءات إذا اقتصر الحجز على أحد عناصره. إذا تعلق الأمر بحجز تنفيذي، يجري العون المكلف بالتنفيذ، حجزا على أموال المدين وفقا لمقتضيات الفصلين 455 و456 إذا امتنع المدين بعد التبليغ المقرر طبقا لمقتضيات الفصل 440 من إبراء ذمته أو لم ينفذ التزامه المتعلق بتأدية ما بذمته سواء كان هناك حجز تحفظي أم لا. إذا تعلق الحجز التحفظي بعقار محفظ أو في طور التحفيظ، فإن الأمر الصادر به، يوضع بالمحافظة العقارية لتسجيله بالرسم العقاري بسعي من المستفيد منه، طالب الحجز. و تجدر الإشارة إلى أن العقارات لا يتم بيعها جبريا، أي عن طريق المزاد العلني، إلا عند عدم كفاية المنقولات، باستثناء الحالة التي يكون فيها المدين مستفيدا من ضمان عيني، أي رهن، كالمؤسسة البنكية، حيث يحق لها أن تلجأ إلى مسطرة تحقيق الرهن، استنادا إلى شهادة التقييد الخاصة التي تنزل منزلة السند التنفيذي، عبر المطالبة مباشرة ببيع العقار عن طريق المحكمة واستخلاص ديونها. ما لا يقبل الحجز تحدد المادة 458 الأشياء غير القابلة للحجز لأسباب إنسانية أو أخلاقية ونصت على أنه: لا تقبل الحجز الأشياء التالية: - فراش النوم و الملابس و أواني الطبخ اللازمة للمحجوز عليه و لعائلته. - الخيمة التي تؤويهم. - الكتب و الأدوات اللازمة لمهنة المحجوز عليه. - المواد الغذائية اللازمة مدة شهر للمحجوز عليه و لعائلته التي تحت كفالته. - بقرتان و ستة رؤوس من الغنم أو الماعز باختيار المحجوز عليه بالإضافة إلى فرس أو بغل أو جمل أو حمارين باختيار المحجوز عليه مع ما يلزم لأكل وفراش هذه الحيوانات مدة شهر من تبن وعلف و حبوب. - البذور الكافية لبذر مساحة تعادل مساحة الملك العائلي. - نصيب الخماس، ما لم يكن لفائدة رب العمل. والكل دون مساس بالمقتضيات المتعلقة بالملك العائلي. دعوى الاستحقاق أساس هذه الدعاوى أو الطلبات، مبدأ نسبية الأحكام، إذ لا يتصور صدور حكم أو أمر ضد شخص، ثم الإستناد إليه من أجل القيام بحجز تحفظي أو تنفيذي على أملاك غيره، فقد منح قانون المسطرة المدنية للأغيار الذين يدعون ملكية المنقولات المحجوزة أن يوجهوا طلبا إلى العون المكلف بالتنفيذ بإخراج و بإيقاف البيع بعد الحجز إذا كان الطلب مرفقا بحجج كافية تفيد الملكية، و يبت الرئيس في كل نزاع يقع حول ذلك. ويتوجب على من يطلب إخراج المحجوزات أن يقدم طلب الاستحقاق إلى محكمة مكان التنفيذ داخل ثمانية أيام ابتداء من يوم صدور الأمر و إلا تمت مواصلة الإجراءات. إثبات تبديد المحجوز يقدم طلب تفقد محجوز وفق الطرق و الشكليات التي تم بها طلب إيقاع الحجز التحفظي، أي في إطار المادة 148 من قانون المسطرة المدنية المخصص للأوامر المبنية على طلب، مرفقا بمحضر الحجز التحفظي الذي سبق أن حرره المفوض القضائي. إذا عاين المفوض القضائي واقعة إتلاف أو تبديد محجوز أو محجوزات، سبق له أو لغيره أن قام بتعدادها وترقيمها في محضر، حرر محضرا بذلك، هذا الأخير الذي يشكل وسيلة الإثبات الحقيقية لواقعة الإتلاف أو التبديد للمحجوز، و يرفق بشكاية إلى السيد وكيل الملك من أجل جنحة تبديد محجوز. أركان جريمة تبديد محجوز وعقوبتها نصت المادة 524 من القانون الجنائي على جريمة تبديد محجوز و على عقوبتها كما يلي: «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم، المحجوز عليه الذي يتلف أو يبدد عمدا الأشياء المحجوزة المملوكة له التي سلمت لغيره لحراستها. أما في حالة وضع الأشياء المحجوزة تحت حراسة مالكها، فعقوبته الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم». في الحالة الأولى المنصوص عليها بهذه المادة، الجريمة أقرب ما تكون إلى سرقة، أما في الحالة الثانية، فهي أقرب ما تكون إلى جريمة خيانة الأمانة. و يشترط لقيام الجريمة: وجود محجوز بناء على أمر قضائي. إتلاف المحجوز أو تبديده. أن يقع الإتلاف أو التبديد من قبل من وقع عليه الحجز أو أحد فروعه. النية الإجرامية التي تثبت بمجرد تصرف المحجوز عليه في المحجوز وهو يعلم بكونه وضع بين يدي العدالة. و تنص المادة 526 من القانون الجنائي على أنه: «في الحالات المشار إليها في الفصلين السابقين، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم، من أخفى عمدا الأشياء المبددة، وتطبق نفس العقوبة على زوج أو أصل أو فرع المحجوز عليه والمدين والمقترض أو الراهن إذا ساعدوا في تبديدها أو إتلافها أو في محاولة ذلك». وهذا ما كرسه العمل القضائي كما هو ثابت من خلال قرار للمجلس الأعلى جاء فيه: «يعاقب فرع المحجوز عليه بنفس العقوبة إذا ساعد على إتلاف المحجوز، الفصل 526 من القانون الجنائي، و لهذا فإن القرار المطعون فيه الذي أدان الطاعن من أجل بيع عقار والده كان قد وقع عليه الحجز بمحضره يكون مطابقا للقانون وأن الغلط في النص المطبق على الأفعال لا يضر إذا كانت العقوبة مبررة». قرار عدد 692، صادر بتاريخ 03/02/1997، في الملف الجنائي عدد 3216، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 33-34 ص 199.