يعد الكاتب السوداني عبد العزيز بركة ساكن الأكثرَ تعرضاً لقرارات الحظر التي أصدرها المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والأدبية في الخرطوم، بعد حظر روايته «الجنقو: مسامير الأرض»، الفائزة بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها الأخيرة، إذ صودرت مجموعته القصصية «امرأة من كمبو كديس» في 2009 وجُمعت من جناح مكتبة عزة، في معرض الخرطوم الدولي للكتاب. ووفق صحيفة «الحياة» اللندنية، فقد كانت أمانة الخرطوم، عاصمة للثقافة العربية 2005، أصدرت مجموعته القصصية «على هامش الأرصفة»، إلا أنها سارعت إلى سحبها، بعد اجتماع لمسؤولين، وأعرب (بعضهم) عن كون المجموعة القصصية تضمنت ألفاظا «خادش للحياء العام»... تعكس رواية «الجنقو: مسامير الأرض» الأجواء الغرائبيةَ لحياة «الجنقو»، وهم عمال الزراعة المطرية الموسمية في المناطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا وأرثيريا، وهي تحكي علاقتهم مع الأرض والنساء والتجوال، وتقارب التحولات التي حصلت في واقعهم «العمالي»، نتيجة إدخال الآلة الزراعية الحديثة. وبذلك تكون معظم أعمال بركة ساكن الأدبية «محظورة» في الخرطوم، وهو يقول أيضاً إن ثلاثيته، التي ضمّت روايات «الطواحين» و«رماد الماء» و«زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة»، التي صدرت مؤخرا تحت عنوان «ثلاثية البلاد الكبيرة»، ضمن منشورات «مكتبة الشريف الأكاديمية»، هي الأخرى، فالثلاثية صودرت قبل شهرين إلا أن ناشرها تمكّن من فك حظرها شرط ألا يوزعها!»... وأوضح وليد سوركتي، من مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، وهي الجهة المنظمة للجائزة والناشرة: «اقترحنا على بركة قبل النشر أن يحذف بعض الكلمات التي رأينا أنها قد تثير حفيظة بعض الجهات، لكننا شددنا على حقه في القرار، باعتبار أن العمل عمله». على إثر تعرض رواية «الجنقو: مسامير الأرض» للحظر، أصدر اتحاد الكتاب السودانيين بيانا يشجب فيه قرار الحظر، وجاء في البيان: «تلقى اتحاد الكُتّاب السودانيين خبرَ حظر رواية «الجنقو: مسامير الأرض» للكاتب الروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن، وبعد أن تم طبعها، بخطاب ممهور بتوقيع رسمي من هيئة حكومية هي المجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية في الخرطوم، باستياء بالغ، في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة يؤمّل أن تنظر إليها السلطة بجدية لنقل البلاد إلى بر حريات التفكير وإبداء الرأي والإبداع الحر، دونما قهرٍ أو إقصاء أو حظر. إن الرواية المحظورة هي عمل ابداعي حاز على تقدير لجنة محترمة من كبار المبدعين والنقاد ذوي الرصانة في السودان، قررت منحها جائزة الطيب صالح للرواية لعام 2009، مناصفة مع رواية ثانية، وأوصت بطبع كلا الروايتين، تحفيزاً لهما ولدفع مسيرة الإبداع السوداني ونشره على أوسع نطاق. غير أن لجنة حكومية، ممثَّلةً في هيئة المصنفات، رأت حجب الموافقة على نشر وتوزيع هذه الرواية المميزة، وأوعزت لجهات الاختصاص بحظر ومصادرة نسخ الرواية ومتابعة منعها وملاحقة من يقوم بتوزيعها على مستوى البلاد، متذرعة بقوانين محلية تجاوزت حقوق حرية الفكر والإبداع. ويضيف البيان «إننا في اتحاد الكتاب السودانيين نشجب مثل هذا المسلك الذي يجنح إلى فرض وصاية، لا معنى لها ولا موجب، على إنتاج المبدعين السودانيين، ونراه مسلكاً ساذجاً غاب عنه ما وفرته ثورة الاتصالات والمعلوماتية من قنوات للتواصل والانفتاح اللامحدود، للحوار بين الثقافات، والذي جعل العالم قرية كونية متشابكة العلاقات، تفاعلاً واندماجاً ومثاقفة، بما جعل من مثل هذا المنع أضحوكة لا أكثر، إذ يسهل أن يتوفر الكتاب الممنوع في نسخه الناعمة في شبكة الانترنت، ولن تجرؤ عين الرقيب أو يده على أن تطاله... إن الإتحاد يطالب بإلغاء قرارات قمع الإنتاج الإبداعي وإلغاء قرارات حظر الكُتب وإجراءات ملاحقتها، بما يُعلي من احترامنا لحريات الإبداع والتفكير والنشر».