خرج هذه الأيام سكان «أولاد يحيى» للاحتجاج على شركة «العمران» العقارية التي من المفترض أن تنجز مشروعا سكنيا بالمنطقة، في إطار محاربة البناء العشوائي والسكن غير اللائق. وبالموازاة مع هذه العملية وقف عشرات السكان المتضررين وسط القرية معلنينها صرخة مدوية في وجه المسؤولين. وأجمع المجتمعون على أنهم «لم يبق لنا سوى ممثل صاحب الجلالة»، في إشارة إلى والي جهة مراكش تانسيفت الحوز محمد مهيدية. وعدّد السكان المشاكل التي تجاوزت العشرة، في رسالة وجهوها إلى عدد من المصالح المختصة، حصلت «المساء على نسخ منها. ومن بين أبرز هذه المشاكل هناك صعوبة الحصول على التصميم الطبوغرافي لارتفاع ثمنه، وعدم إدماج دور سكنية بالتصميم، رغم قدمها، وتهالك الطرق المعبدة، رغم حداثتها بعد هبوط الرضية التي سلكتها قناة الصرف الصحي.... وفي الوقت الذي يشن والي جهة مراكش تانسيفت الحوز والمصالح المعنية بالملف حملة شعواء ضد البناء العشوائي، لا زال دوار أولاد يحيى يعج بالأبنية غير المرخص لها أو التي تدخل في إطار السكن غير اللائق والعشوائي. ورغم مراسلات عديدة وجهها سكان أولاد يحيى للسلطات المحلية والجهوية من أجل التدخل للإيجاد حل لهذه المعضلة التي تنخر مراكش ونواحيها، فإن سماسرة هذا المجال لا زالوا يعبثون بالمجال العقاري والعمراني للمنطقة، ويفرضون على السكان إتاوات من أجل الاستفادة من رسم طبوغرافي أو تصميم البناء، رغم أنه حق يخوله لهم القانون. فيضان الواد الحار أمام محل لبيع المواد الغذائية بدوار أولاد يحيى تجتمع مياه الصرف الصحي بشكل كبير، خصوصا خلال فترة هطول الأمطار. السبب حسب أحد المتضررين الذي رفض التصريح بهويته خوفا من بطش بعض المسؤولين على حد قوله، هو الاختناق الذي تعرفه القناة التي تتمركز أمام المحل التجاري، مما يجعل الوقوف أمام المحل بمثابة لحظة تعذيب يتعرض لها كل من يضطر إلى اقتناء بعض المواد الضرورية من المحل. أمام عشرات التلاميذ والطلبة الذين يتوجهون كل صباح إلى المدرسة والجامعة ليس هناك من سبيل أو طريق سوى تخطي عقبة الواد الحار، الذي يشكل حاجزا أمام المارة من أجل الوصول إلى مكان طلب العلم، ناهيك عن الاضطراب النفسي والصحي الذي يحدثه هذا الوضع الكارثي لدى الأطفال والنساء على وجه التحديد. ويتذكر سكان أولاد يحيى الحادث الذي جعل قلوب الأمهات والآباء تتوقف خوفا على فلذات أكبادهم، إذ قبيل عيد الأضحى ما قبل الماضي أصيبت تلميذة بكسور في جسدها، بعد أن هوت في حفرة غطاها الظلام الدامس الذي تتخبط فيه المنطقة، إذ بعد أن تاهت عن الحافلة المدرسية التي كانت تقلها، فضلت التلميذة التوجه سيرا صوب منزلها وسط الظلام الذي يعم الدوار، وبينما كانت تقطع الطريق هوت داخل حفرة من الحفر التي تنتصب بالدوار كأفخاخ تتصيد العدو، وحينها بدأت الأسر تتخذ الإجراءات الاحتياطية من أجل تفادي وقوع أبنائها في مثل هذه الحوادث. زيف المظاهر على بعد حوالي 200 متر تقريبا، وفي الضفة الأخرى القريبة من الدوار، توجد «فيلا» ضخمة لأحد أغنياء المنطقة. لكن الغريب في الأمر هو أن البناية الضخمة لا يفصلها عن ممر الواد الحار النتن سوى مترات قليلة، بعدما تم هدم الجدار الفاصل بين «الفيلا» ومسلك الواد الحار. هذا المشهد يخلق ارتباكا لدى الزائر الذي يبدأ في مقارنة الاختلاف الكبير بين «الفيلا» المنتصبة بفخامة والمساكن القديمة التي «تؤثث» دوار أولاد يحيى. لكن القاسم المشترك بين «الفيلا» والأبنية العشوائية هو مرور قناة الصرف الصحي بالقرب منهما، الأمر الذي يجعل فقراء الدوار الصفيحي يصفون هذا الوضع المليء بالتناقضات ب«العكر على الخنونة». انتفاضة أهل الدوار انتفض عدد من قاطني دوار أولاد يحيى في وجه تردي البنيات التحتية للمنطقة القروية، مطالبين بفتح تحقيق في مصير مليار ونصف مليار سنتيم خصص لإعادة هيكلة دوار أولاد يحيى، بإنجاز برنامج لمعالجة السكن غير اللائق والعشوائي، الذي يتوزع داخل «الدوار» كالفطر المسموم. ويستهدف المشروع حوالي 400 أسرة، حسب ما تشير إليه اتفاقية شراكة بين جماعة تامصلوحت والمؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء لجهة مراكش تانسيفت الحوز، حصلت «المساء» على نسخة منها، في حين يشير التصميم الطبوغرافي للمشروع إلى مساحة تقدر ب 88 هكتارا بالنسبة ل 1300 أسرة . سكان دوار أولاد يحيى لا زالوا ينتظرون رؤية هذه المشاريع التي نصت عليها الاتفاقية في 23 يونيو 2003، فمنذ الوالي الأسبق محمد حصاد، مرورا بالوالي الذي أعفي من منصبه منير الشرايبي، وصولا إلى الوالي الحالي محمد مهيدية، لا زال السكان الذين تجاوز عددهم ال 1300 أسرة يتطلعون إلى أن يخرجهم المسؤولون من جحيم «الخنز» و«الشنيولا»، بتطبيق الاتفاقية التي يؤكد السكان في لقاء مع «المساء» أنهم لم يروا منها شيئا يذكر، مطالبين في الوقت ذاته بإيفاد لجنة تحقيق من وزارة الداخلية للتحقيق في مصير مليار ونصف مليار سنتيم خصص لإنجاز الشبكة الرئيسية للطرق والتطهير وإعادة إسكان الأسر المتضررة من جراء شق الطرق والممرات الرئيسية لقنوات التطهير، وشق وبناء الطرق الرئيسية لهذه الأحياء وإنجاز شبكة رئيسية لتطهير السائل، وصرف مياه الأمطار وإنجاز المنشآت الضرورية لربط الأحياء بشبكة التطهير، وتوفير مرافق اجتماعية وثقافية ورياضية يستفيد منها سكان أولاد يحيى المقهورون. الاتفاقية التي وقعتها وزارة المالية والوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير وعمال إقليمالحوز ورئيس جماعة تامصلوحت ومدير المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء بجهة مراكش تانسيفت الحوز لا زالت بالنسبة للسكان حلما بعيد المنال، في حين اعتبرها البعض ضحكا على سكان أولاد يحيى، خصوصا بعد تجاوز المدة المقدرة لإنجاز المشروع والمحددة في ثلاث سنوات، حسب ما تنص عليه الاتفاقية في المادة السادسة من الاتفاقية.