يحتفل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالذكرى العشرين لتأسيسه، حيث يواصل عمله في مجال الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان، في موضوع معالجة الشكايات والتصدي للانتهاكات، ضمن برنامج عام لمجالات عمله في الموضوع، حسب المشرفين عليه. وعرف المجلس العديد من التغيرات، سواء على مستوى هيكلته أو نظامه الداخلي أو علاقاته الخارجية مع كافة الشركاء الدوليين. ومن التطورات التي عرفها المجلس إعادة تنظيم الشعبة الإدارية المكلفة بحماية حقوق الإنسان. ومن خلال هذه الزيارة الخاصة نسلط الضوء على المهام الموكولة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وطبيعة تدخله. ة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي يجاور المجلس الدستوري. هدوء يعم بنايته القديمة التي تتميز ببناء معماري أصيل يعود إلى سنة 1939 حينما كانت البناية مقرا للمحكمة الشرعية. شعب كثيرة ومجال اشتغالها متعددة لكنها كلها تصب في اتجاه الحماية والنهوض بحقوق الإنسان. أحدثت المؤسسة الوطنية سنة 1990 لمواكبة الإصلاحات التي شهدها المغرب منذ مطلع التسعينيات. تعاقب على المجلس منذ إنشائه عدد من الرؤساء، ويرأسه حاليا أحمد حرزني. للمجلس عدد من الملفات التي يواكبها ويتابعها، أهمها متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى جانب استمراره في عمله لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، خاصة في مجال الحقوق السياسية والمدنية. تتكون الإدارة المركزية من الرئيس والأمين العام، إلى جانب ست شعب، هي شعبة الحماية ومساعدة الضحايا، وشعبة الحقوق الجماعية والشؤون الجهوية، وشعبة الموارد البشرية والمالية والمعلوميات، وشعبة الإعلام والتواصل، وشعبة التعاون والعلاقات الخارجية، وشعبة الأرشيف، إضافة إلى مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان. لكل شعبة اختصاصاتها واهتماماتها، ويؤكد بوشعيب ذو الكفل أن للمجلس العديد من الشعب التي تتكامل أدوراها. ومن الملفات المطروحة على المجلس خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.هذه الخطة هيأها المجلس بتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني. وقد جاء إعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان استجابة للتطور الذي شهده مجال حقوق الإنسان على المستوى الدولي، والمتمثل أساسا في وضع عدد من البروتوكولات الاختيارية والوثائق التي تروم تطوير حقوق الإنسان، بما في ذلك ما أسفر عنه المؤتمر العالمي حول حقوق الإنسان بفيينا سنة 1993 من توصيات، أكدت إحداها على ضرورة أن «تنظر كل دولة في استصواب صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستحسن الدولة بها تعزيز وحماية حقوق الإنسان». وقد تمخضت هذه الدينامية عن إقدام 26 دولة على وضع خطط خاصة بها في مجال حقوق الإنسان. وقد تم التنصيب الرسمي لهذه اللجنة من طرف الوزير الأول يومي 3 و4 دجنبر 2008، وكان ذلك بمثابة الإعلان الرسمي عن تركيبتها وتحديد مهامها، وقد أسندت رئاستها إلى وزير العدل، وكتابتها العامة إلى الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. أما عدد أعضائها فيبلغ 41 عضوا يمثلون مختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية ونقابات وتنظيمات مهنية ومنظمات دولية ومجتمع مدني وإعلام. ومن بين الملفات التي يتابعها المجلس تفعيل الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان. ويتوخى هذا المشروع تأهيل المجتمع المغربي ليلتقي حول أرضية قيمية مشتركة، تشكل فيها مبادئ الكرامة والحرية والمساواة والعدل والتضامن والتسامح وقبول الاختلاف قواعد لعلاقة الأفراد فيما بينهم، في حياتهم الخاصة والعامة، وسائر المواقع التي يوجدون فيها، ومحددات للممارسة اليومية للإدارة ولسائر المؤسسات، المدبرة للشأن العام، في معاملاتها مع المواطنات والمواطنين. استقبال مرضى نفسيين للمجلس بناية تابعة له بالعاصمة هي المقر السابق لهيئة الإنصاف والمصالحة بعمارة السعادة بالرباط، حيث توجد شعبة الحماية ومساعدة الضحايا، التي تضم قسما خاصا بمساعدة ضحايا الانتهاكات، وقسما لحماية السجناء وذوي الاحتياجات الخاصة، وقسما للشكايات. يتوافد على القسم يوميا العديد من المواطنين بمعدل يومي يتراوح مابين 50 و60 شخصا كما هو مدون في سجل الاستقبال، يستقبلهم بداية شاب مكلف بتسجيل اسم صاحب الشكاية ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وموضوعها، ليتم إرشادهم إلى المكلفين بالاستماع والتوجيه. لا يخلو عمل هذا القسم من طرائف وغرائب، ففي بعض الحالات يكون طلب المواطن مثيرا للضحك، من قبيل أن يطلب اقتناء منزل له لأنه غير قادر على توفيره، أو استقبال مرضى نفسيين يقدمون شكايات لا علاقة لها بالحقيقة أو الواقع، وقد لا يكون المرض باديا لأول مرة على الشخص المشتكي، ولكن بعد الاستماع إليه يتبين أنه يعاني من مرض نفسي أو اختلال عقلي. يستقبل القسم جميع الشكايات الواردة على المجلس، سواء تلك التي لها علاقة به أو التي لها علاقة بإدارة أخرى. ويوضح مراد عفيف، رئيس قسم الشكايات والمتابعات الذي يتكون من ثلاثة موظفين قائلا: «نستقبل جميع الشكايات الواردة على المجلس فنصنفها بعد ذلك بغض النظر عما إذا كانت تدخل في اختصاصاتنا. كما أننا نقوم بتوجيه المشتكي وإرشاده من الناحية القانونية ». وبخصوص نوعية الشكايات التي تحتل المرتبة الأولى، فهي تتعلق بالقضاء وبالإدارة، وفي حالة ما تعلق الأمر بانتهاك من انتهاكات حقوق الإنسان، فإن ذلك يدون بمحضر استماع». أغلب الذين يتم استقبالهم أميون. وحتى الذين يعرفون القراءة والكتابة أو مثقفون يلجؤون إلى المجلس من أجل طلب التدخل لحل مشاكلهم لأنهم يجهلون القوانين المنظمة للمجلس. ومن بين القضايا التي ترد على القيام، حسب عفيف، تلك المتعلقة بالنزاع حول الأراضي السلالية والترامي على الملك، والتي يحيلها المجلس على وزارة الداخلية، في حين تتم إحالة القضايا الخاصة بالقضاء على وزارة العدل. ومن بين الشكايات أيضا ما تعلق بالعنف الأسري.